fbpx
ســـواحل عـــــدن كتب:إبراهيم مبارك
شارك الخبر

ظلت عدن شمساً جميلة تسطع من خلف الجبال، تنعش الذاكرة الشعبية بأن الشمس تشرق من خلف جبال ردفان أو الجبال المحيطة بميناء عدن القديمة.
القدامى في الخليج يتذكرون البحر العدني أو الحضرمي، أو ذلك الذي يأتي من المهرة أو من حافة الحدود الظفارية ناشراً شراع مركبه المبحر صوب مياه الخليج العربي، ثم يحدث ذلك الاندماج العجيب وسط شعوب الخليج والساحل، حتى تكاد لا تبان معالمه، خاصة بعد أن يمتد الزمن وتذهب اللهجة العدنية أو الحضرمية في النسيج الاجتماعي للسواحل أو مدن الخليج الكثيرة. ولعل في ذاكرتي من المنطقة التي أنتمي إليها بعض الشخصيات، العدنية والحضرمية، كانت تأتي على شكل أفراد يبحثون عن الرزق والعمل فعملت بشرف وأمانة أينما حضور رزقها، عمالا في البحر وصيادين أو سائقي أجرة عندما كانت المعرفة بالسيارات والعمل عليها قليلاً جداً، إلى جانب الأعداد الكبيرة التي تجيد العمل الشرطي وتمارسه بمهارة.

كانت شخصيتان لا تغيب عن ذاكرتي، عندما كنا طلبة ولا نعرف خارج محيطنا المحلي الذي يمتد بين المدرسة والبحر والصيد والأسماك. وحدهما تتابعان أخبار الدار والصغار في الجبال والقرى التي جاءا منها. اليافعي سائق الأجرة كثيراً ما يذكر بلده والجنوب وجبال ردفان وميناء عدن والإنجليز وحروبهم مع الثوار في الجنوب العربي، كان يذكر يفع بحب شديد وحزن كبير.. من ذلك اليافعي سائق الأجرة عرفنا أشياء كثيرة عن عدن والجنوب، امتد به الزمن طويلاً في ذلك الحي ثم أخذ بالنسيان وفي الأخير تزوج ثم ودع الحياة ودفن في القرية وهو يحلم بأن يكون الجنوب شمساً ساطعة كما كانت.
أما العدني الآخر فإن هجرته طالت كثيراً، عمل بائعاً متجولا في القرية يبيع أشياء صغيرة وحاجيات النساء ولكن عمله كسد بعد ذلك، ثم دخل البحر مع الصيادين حتى هرم من دون أن ينال زوجة لا في عدن ولا الإمارات. في خيمته الخشبية تسمع ترديده للأغاني العدنية وخصوصاً (يا طائرة طيري على بندر عدن)، كان يحلم بعدن الجميلة سمع تحريرها وفرح كثيراً ولكن العمر قد انقضى ومضى فمات هو الآخر ودفن في القرية، بعد ذلك خابت ظنون الحالمين بيمن أكبر.. ضاع الجنوب وعدن ولكن أخبار لعدن عادت تشرق من جديد كشمس جديدة.

أخبار ذات صله