فضحت منظمة العفو الدولية، في تقرير جديد يدين إيران، وجود 160 قاصرا في السجون الإيرانية ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، مؤكدة أن ذلك “يكشف نفاق إيران بسبب الحكم بإعدام عشرات من الأحداث”.

وأكدت المنظمة، في التقرير الشامل الذي نشرته اليوم الثلاثاء على موقعها الرسمي، أن عشرات من الشباب يقبعون في السجن انتظارا لتنفيذ أحكام الإعدام فيهم بسبب جرائم ارتكبوها عندما كانوا أحداثا تقل أعمارهم عن 18 عاماً.

وهذه ليست المرة الأولى التي تصدر منظمة دولية إدانة ضد إيران بسبب استمرار الإعدامات، حيث سبقتها إدانات وتحذيرات من الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإسنان ومقرري المنظمة الدولية.

إيران تخفي الانتهاكات ضد الأطفال

ويفضح التقرير محاولات السلطات الإيرانية إخفاء الانتهاكات المتواصلة لحقوق الأطفال، وصرف النظر عن الانتقادات الموجهة إلى سجلها المروع بوصفها أحد البلدان القليلة في العالم التي تنفذ أحكام الإعدام في الجانحين الأحداث.

ويكشف التقرير، الذي يحمل عنوان “أطفال يكبرون وهم ينتظرون تقديمهم إلى حبل المشنقة: عقوبة الإعدام والجانحون الأحداث في إيران”، أن “إيران تواصل تقديم الجانحين الأحداث إلى حبل المشنقة بينما تتباهى بالإصلاحات المجزأة التي أدخلتها على القوانين الجنائية في إيران، قائلة إنها تمثل تقدما كبيرا لكنها في الواقع فشلت في إلغاء عقوبة الإعدام ضد الجانحين الأحداث”.

وفي هذا السياق، قال نائب “برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” في منظمة العفو الدولية، سعيد بومدوحة: “يسلط هذا التقرير الضوء على تجاهل إيران المخزي لحقوق الأطفال. إيران من البلدان القلائل التي لا تزال تعدم الجانحين الأحداث في انتهاك صارخ للحظر القانوني المطلق على استخدام عقوبة الإعدام ضد الأشخاص الذين كانت أعمارهم تقل عن 18 عاما عند ارتكاب الجريمة”.

وأضاف بومدوحة: “بالرغم من الإصلاحات التي أدخِلت على نظام عدالة الأحداث، فإن إيران لا تزال متخلفة عن بقية العالم في مجال الحفاظ على حقوق الأطفال بحيث أبقت على قوانين تسمح بإعدام فتيات في عمر تسع سنوات وأطفال في عمر 15 عاما”.

إعدام 73 قاصرا خلال عشر سنوات

وتضمن تقرير منظمة العفو الدولية 73 حالة إعدام لجانحين من الأحداث (القاصرين) ما بين 2005 و2015.

وتقول منظمة الأمم المتحدة إن 160 مذنبا حدثا على الأقل ينتظرون حاليا تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم. ومن المرجح أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى بكثير من الأرقام المذكورة نظرا لأن استخدام عقوبة الإعدام في إيران غالبا ما يلفه الغموض والسرية.

وتمكنت منظمة العفو الدولية في تقريرها من تحديد أسماء وأماكن 49 مداناً حدثا يواجهون خطر تقديمهم إلى حبل المشنقة. الكثير منهم قضوا في المتوسط نحو سبع سنوات في انتظار الإعدام. اتضح من خلال حالات قليلة وثَّقتها منظمة العفو الدولية أن المدة الزمنية التي يضطر الجانح الحدث إلى قضائها في انتظار تنفيذ حكم الإعدام فيه تتجاوز عقدا من الزمن.

وفي هذا السياق، قال بومدوحة إن “التقرير يرسم صورة محزنة جدا لمذنبين أحداث يقبعون في السجن انتظارا لتنفيذ أحكام الإعدام فيهم، الأمر الذي يحرمهم من سنوات ثمينة من حياتهم، وغالبا في أعقاب محاكمات غير عادلة، ومنها انتزاع اعترافات قسرية عن طريق التعذيب والمعاملة السيئة”.

وبحسب المنظمة، “في عدد من الحالات، حددت السلطات مواعيد ثابتة من أجل تنفيذ أحكام الإعدام ثم أجلت التنفيذ في اللحظة الأخيرة، الأمر الذي يفاقم المعاناة والمحنة التي يشعر بها الجانحون الأحداث. إن أقل ما يقال عن هذه المعاملة أنها قاسية ولاإنسانية ومهينة للكرامة الإنسانية”.

إصلاحات “مجزأة” لا تفي بشروط العدالة

وأشارت منظمة العفو الدولية إلى القوانين الجنائية الجديدة في إيران والتي تم تبنيها في عام 2013 حول إعدام القاصرين. واعتبراها المنظمة “إصلاحات مجزأة لا تفي بشروط العدالة” بينما كان من المؤمل أن تحد من حالات الإعدام. لكن بعد نحو ثلاث سنوات من تبني الإصلاحات الجديدة، لا تزال السلطات الإيرانية تنفذ عقوبة الإعدام في حق الجانحين الأحداث، وفي بعض الحالات، لا تخبر السلطات الإيرانية الجانحين الأحداث بأن من حقهم المطالبة بإعادة محاكمتهم.

أمثلة على إعدام قاصرين

وأوردت المنظمة أمثلة حول إعدام القاصرين الذين لم يصلوا الى مرحلة “النضج العقلي حين ارتكاب الجريمة”. وعلى سبيل المثال، ذكرت حالة “فاطمة سالبهي، التي أعدمت في أكتوبر 2015 بعدما دينت بقتل زوجها الذي أرغمت على الزواج منه عندما كان عمرها 16 عاما”. وأكدت المحكمة حكم الإعدام الصادر ضدها في مرحلة إعادة محاكمتها التي “لم تستمر سوى ساعات قليلة، إذ اقتصر التقييم النفسي على أسئلة أساسية قليلة مثل إن كانت تواظب على الصلاة أو تدرس الكتب الدينية”.

كما أشارت المنظمة الى خمس حالات أخرى، حيث أكدت إعادة محاكمة كل من حامد أحمدي وأمير أمرولاهي وسيافاش محمودي وسجاد سنجاري وصلار شادي-زادي أحكام الإعدام الصادرة بحقهم في مرحلة سابقة بعدما خلصت المحاكم التي نظرت في قضاياهم إلى أنهم فهموا طبيعة الجريمة وكانوا يتمتعون بكامل قواهم العقلية.

وأخيراً، قال بومدوحة إن “العيوب الملحة التي تشوب معاملة إيران للجانحين الأحداث تسلط الضوء على الحاجة المستمرة والعاجلة من أجل سن قوانين تمنع منعا باتا استخدام عقوبة الإعدام ضد الجانحين الأحداث”.

وأضاف أن “حياة أو موت مذنب حدث لا يجب أن تُترك رهن نزوات القضاة. يجب على السلطات الإيرانية أن تسلم أن ما يجب القيام به هو تخفيف أحكام الإعدام الصادرة ضد الجانحين الأحداث، ثم التوقف التام وبشكل دائم عن إصدار هذه العقوبة في إيران في مرحلة تالية”.