fbpx
ذم الكذب وأهله ..في تراثنا الشعبي

علي صالح الخلاقي:

الكذب قول يخالف الحقيقةَ مع العِلم بها، وهو مثلبة مخجلة وصفة مستقبحة.. مرتعه وخيم وأجنحته وحباله قصيرة، ولذلك لا يدوم وسرعان ما ينكشف مهما وشَاه صاحبه ولوّنه وزيَّنه. وحينما يُصِرُّ الكاذب على الكذب فتلك نقيصة.
والكذبُ شرُّ المعايبِ وعمود البهتان ويتنافى مع الإيمان ، وقد حذرنا رسولنا الكريم من الكذب بقوله في الحديث الشريف: ” إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَالْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا “.
وتذم أمثالنا الشعبية الكذب وتستهجنه، كما في النماذج التالية، المنتقاة من كتابي (الشائع من أمثال يافع):
1. اِدَّيْتِنِيْ كَذْبْ وادَّيْتُكْ بكذبك بَوَارْ:
اديتني وتنطق أيضاً إدّيكني: اعطيتني. بوار: الشيء البائر، أي أن العمل يكون بمقدار الأجر، وبقدر ما تعطي تأخذ. ويقولون في حضرموت:”ادعي لك من غير نيه، قال وأنا ادهن لك من بطه خليه”.
2. اصْدقـُوا واكْذِبُوا, لا عند الله وارجعوا:
يضرب للنهي عن القسم بالله.
3. اكْذِبْ تِنْجَى، قال: الصدق انْجَى:
يضرب لذم الكذب مهما كان رونقه جميلاً والتمسك بالصدق. وقد قيل: دع الكذب فأنه يضرك حيث ترى انه ينفعك، وعليك بالصدق فأنه ينفعك حيث ترى انه يضرك.
4. تاليةْ الكذب بَوَار:
يضرب في ذم الكذب.
5. حَبل الكذب قصير:
أي أن الكذب لا بد أن ينكشف ولو بعد حين.
6. خَـَّراطْ مَـرَّاط/ خَرْطْ ومَـرْطْ:
كناية عن الكاذب وكذا الكذب.
7. دواء الكذب المقابله:
8. دواء الكذب مقابلة لَوْجَاهْ:
لوجاه: جمع وجه، أي أن الكاذب يفتضح عندما يواجه بالمكذوب عليه وجهاً لوجه.
9. رَبّك وصاحبك لا تكذب عليه:
يضرب في الحث على الصدق.
10. سَاير الكذّاب لا باب الباب:
أي لا تكذبه حتى يكذبه الواقع لأنك إذا كذبته في حديثه جادلك وعجزت عن إقناعه. ومثله قولهم:”سر مع الكذاب لا باب الباب”.
11. قال: اكذب تِنْجَا. قال: الصدق أنْجَى:
يضرب للحث على قول الصدق.
12. لا تكذب الاَّ على من مات:
يضرب لمن ينفضح أمره في الكذب.
13. لا تِكذِب على مُتسَمّع ولا تتسَمَّع لِكَذَّاب:
يضرب لذم الكذب.
14. لا كَذَبْت اِسْنِدْ:
أي إن كذبت فلا تصر عليه, واقبل بالحق.
15. ما نِفِعْ الصّدق، عَاده آينفع الكذب:
يضرب للرجل الذي يلجأ إلى الكذب على أمل أن ينفعه حيث لم ينفعه الصدق.
16. من تغدّى بكَذبَهْ ما تعشّى بها:
أي ان عمر الكذب قصير ولا بد ان ينكشف.
17. مَنْ كَذَبْ كَذَبْ على نفسه:
أي أن الكذاب لا بد أن ينفضح. وهو في معنى “حبل الكذب قصير”. 12645014_1099388466758553_5741749840159432057_n
18. مَنْ كَذَبْ لك كَذبْ عليك:
يضرب في التحذير من النمّام والكذاب. ومن الفصيح:”من نم لك نم عليك”.
وبالمثل ذم الشعراء الشعبيون الكذب وحذروا منه في قصائدهم المليئة بالناصح والحكم، ومن ذلك قول الشاعر الشيخ عبدالمجيد بن فضل بن محمد هرهره:

والحق فائز وماشي خل والاَّ بل
والباطل أخذل وأهله يحصدون الجام

وصاحب الكذب يشبه آكل الفجَّل
جَوِّي بحلقه وليته فدَّمه فِدَّام

وقال الشاعر الشيخ راجح هيثم بن سبعة:

الكذب كَوْدُه بيتعمَّر سنه
وان ذا صفي وا يقع حلق الدقون

وصاحب الصدق ربي عاونه
ينجد ومأواه بأعلى عليون

ويقول الشاعر محسن محمد عبدالله لشطل البكري في وصاياه الشعرية:

با أوصيك يا كل عارف في خصال أربع
واسمع كلامي وجَرِّب عز والاَّ هون

الأوله شُف كلام الكذب ما ينفع
الكذب بَوْرَهْ ومَنْ قاله فهُو ملعون

الكذب لا يندفن حَبَّه ولا يُزرع
لا تقبله طين يدخلها ولا طاحون

ويقول الشاعر الشيخ حسين بن منصر بن مسعد هرهره:

الكِبْر طَحْسَهْ من أصْبَار الببير
لما يصل قاعها ما ترحمه

والكذب مثل السناءَه عالحَوَرْ
زايد تعب والسُّلُق ما تمَّمه

والصدق من ينصر الله انتصر
من حبه الله على الصدق الهمه
——————
من كتابي (الشائع من أمثال يافع) و(معجم لهجة سرو حِمْيَر -يافع وشذرات من تراثها)