fbpx
الوصفة السحرية لاجتثاث ظاهرة الغش والى الأبد ! كتب : م .شكري حكيم
شارك الخبر

كنت وكنا طلاباً يحب التعليم في المرحلة الابتدائية ، وكنا شباب أغلبنا ينافس على المراتب الأولى حينئذ، ثم وصلنا للمرحلة الثانوية ، وجدنا بيئة تعليمية يشوبها الاختلال غالباً .

وليس الاختلال صفة خاصة فقط واستثناء على المرحلة الثانوية بل كل مراحل التعليم في مختلف مراحل التعليم ابتداء بالتعليم الابتدائي مروراً بالثانوي وصولا إلى الجامعي !.

ونحن هنا سنتطرق للمشاكل التي تعاني منها المدارس الثانوية في مختلف مناطق اليمن والجنوب على وجه الخصوص في ظل الوضع السائد ، باعتبارها مرحلة التعليم التي ستحدد مصير الطالب ، وترسم له الخط في التخصص والدراسة الجامعية ، بالرغم من ذلك لم نتحطم ولم يكن لنا نصيباً من اليأس لتشجيع الأسرة لنا بالغالب ووقوفهم إلى جانبنا بالمراقبة ودراسة الدورات التي تيسر لي ولنا من فهم المناهج التعليمية .

كانت ظاهرة الغش وانتشارها سبباً للكثير من الشباب التهرب من الدراسة ومن ثم فقط الخضوع للامتحانات في نهاية العام الدراسي !!، بكل صراحة عشنا في بيئة تعليمية بالغالب فاسدة، شخصياً سافرت إلى صنعاء من أجل أخذ دورات تعليمية للتقوية في المواد التعليمية على نفقة الوالد الذي وقف إلى جانبي في مختلف مراحل تعليمي مشجعاً ومسانداً ، وكذلك يقوم أغلب أولياء الأمور مع أبنائهم ، والكثير من الطلاب يقوم بجهود شخصية جبارة لرفع مستواه والكثير منهم لم يستطع ذالك بسبب التكاليف ، جاءت امتحانات الثانوية وبكل صراحة في ظل ظاهرة الغش المنتشرة ،وسوء مدخلات العملية التعليمية بالغالب حصلنا على نصيبنا من الغش في الامتحانات وكاذب من يقول أنه لم يغش !، ولكن الغش نتيجة دفعنا لها حتى نتجاوز الامتحانات في ظل عوامل الضعف السالفة الذكر والخاصة بمقومات العملية التعليمية ونظامها السائد ، حصلت على معدل 80 % ، وغيرنا من لم يفتح ولم يطلع حتى على صفحة واحدة من المنهج الدراسي حصل على معدلات مرتفعة !.

بالنسبة لي و(لنا)، النتيجة لم تؤهلني لأدرس حلم طالما حلمت كثيراً بأن أدرسه التخصص في الطب ، بعد ذلك كان من الصعوبة لي تحديد مسار تخصص بديل عن ذالك ، وهذه مشكلة يقع فيها الكثير من الخريجين حتى أنهم قد يدرسوا تخصصات لا تناسب شخصياتهم وقدراتهم وقبل هذا وذاك مستوى المعلومات الذي يحملوه من دراستهم في المرحلة الابتدائية والثانوية ! ، فقط يدرس تخصص من أجل الحصول على فرصة عمل لاحقاً! .

بالنسبة لي درست تقنية معلومات في كلية الهندسة وكنت أجد صعوبة بالغة في فهم المواد الدراسية والعلمية ومواد الرياضيات ولغة الدراسة ، وهذا لا أحمل المدرس وحده في الجامعة مسؤولية القدرة على توصيل المعلومات للطالب ، ولكن هو يخاطب عقول و بنظره يرى أنها لديها الأساسيات العلمية، وأن المدرسة ومراحلها الابتدائية والثانوية قد استطاعت أن تقوم بمهمتها على أكمل وجه وكانت مخرجاتها لديها من التمكن ومستوى المعلومات الكافي لمواصلة الدراسات العلمية العليا الجامعة !، وبالتالي كنا كطلاب نواجه صعوبات هي أكبر من مستوانا ومحصلتنا وميولنا الذي كنا نفتقده !.

أنا واحد من الشباب الذين عانوا كثيرا بسبب أسباب لن نتحمل وجودها وحدنا ،بل بالفعل وجدنا أنفسنا نتحمل نتائجها السلبية ، باعتبار أننا قد حصلنا على تعليم صحيح في المراحل الأولى ينمي من شخصياتنا ويصقلها ويحدد اتجاهها ومستقبلها وتخصصاتها التي تناسب قدراتها وميولها الشخصي !،وهو الحجر المفقود ، عني كنت أكره المواد العلمية التي أفتقد لأساساتها وكنت أجد نفسي غالباً متشائم منها بل أكرهها لأني ولأننا لم أحصل ونحصل على تعليم صحيح فيها!! ، بل أن أغلب المواد ليس لها مدرسين متخصصين! ، وأغلب المواد يقوم بتدريسها أساتذة هم ليس متخصصين فيها !، كما يشاع في نظامنا التعليمي (تغطية النقص في الكادر المتخصص!)، ولذلك كفى من السخرية من الخريجين اليوم بمساعدة ظاهرة الغش كنتيجة هناك من أوجدها وتسبب بتوسع نطاقها وانتشارها ، من وضع سياسي هش ، ومنظومة تعليمية مترهلة ومتقادمة ، ومن كادر تدريسي من جانب لم يجد كل الإنصاف من الدولة وإعداده بالشكل المطلوب وتلبي الاحتياجات المادية الكافية التي تكفي للإيفاء بمختلف حياته واحتياجاته المعيشية من أجل أن يتم واجبه تجاه مدرسته وطلابه ،في ظل وجود منظومة رقابية وإدارية ، فقط حينها يحق لنا أن نحارب ظاهرة الغش بعد أن نحل الأسباب الجذرية لها والعوامل التي أوجدتها ونحارب استمرارها.

تحدثت عن مرحلتنا التي تخرجنا حينها من التعليم من المرحلة الثانوية في عام 2005، وكان مستوى الطلاب حينئذ بالرغم من وجود ظاهرة الغش قادر على القراءة والكتابة ، يعلق أحدهم على طريقة الغش وهو أستاذ كان يقول حينئذ (لديكم الكتب وغشوا بأنفسكم ، أما ظاهرة الغش خلال الأعوام الأخيرة سيئة حيث أصبح مستوى الكثير من الطلاب بالغالب ضعيف جداً ، يرسم الغش رسماً كما هو بالورقة !، ويحتاج إلى مساعد يقول له سجل من النقطة إلى النقطة غالباً ؛ وهو إن دل فإنما يدل على تراجع العملية التعليمية والمنظومة التعليمية حتى على القيام بواجباتها تجاه الطلاب !، بسبب الأسباب التي ذكرناها سابقاً، ولذالك لا سبيل من محاربة النتيجة في ظل استمرار الأسباب الجذرية التي أوجدتها وباستمرارها سوف تستمر!، ولا شك إذا وجدت إدارة صحيحة تتابع الطالب بواجباته وحضوره ، وعملية تعليمية ورقابية وإدارية صحيحة تقوم بها في مختلف المراحل فلا سبيل حينئذ لظاهرة الغش من الانحلال والتراجع .
الغش حقيقة لن نخجل من ذكرها ،بسبب أنها واقع ذقنا مرارته ، وعشنا فصوله التراجيدية ، وأنا هنا بصفتي الفردية ولسان حال كثير من يقرئ هذه الأسطر سيوافقني بذكرها ونشرها ليس تشهيراً بأنفسنا بل باعتبار أننا ذقنا مرارة عملية الغش!، وتألمنا كثيراً بسببها في دراستنا الجامعية ! ، ولكن إسهاما منا بحجم الألم الذي من وجهة نظرنا البسيطة تطرقنا له نيابة عن ملايين من الطلاب الذين تخرجوا من المنظومة التعليمية المترهلة والمتقادمة ، لديهم الأمل بمستقبل جميل يجتث أسباب هذه الظاهرة والى الأبد (الوصفة السحرية !)، وبمنظومة تعليمية صحيحة تواكب العصر والمتغيرات السريعة ، سواء كان على مستوى المدخلات التعليمية أو مخرجاتها .

شكري عبد الحكيم علي شكري

أخبار ذات صله