fbpx
مجلة أمريكية: ما الخطوة الإيرانية القادمة في التنافس مع السعودية؟
شارك الخبر


يافع نيوز – 24:
نشرت مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية مقالاً للكاتب السياسي، جاي ماثيو مسينيس، الزميل المقيم لمعهد أميركان إنتربرايز، يقول فيه إن الهجمات التي شنها المحتجون الإيرانيون على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد بشرق البلاد، على خلفية إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي، نمر النمر، كانت بمثابة كارثة للعلاقات العامة الإيرانية، إذ قطعت غالبية دول الخليج علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية، وسط إدانة واسعة النطاق لعدم قدرة الجمهورية الإسلامية على حماية المنشآت الدبلوماسية على أراضيها.

ويرجح الكاتب أن لا تقوم إيران بالتصعيد في خطوتها المقبلة، برغم استمرار الاستياء بين القادة الإيرانيين من جراء إعدام السعودية للمعارض المتشدد نمر النمر، وهو الحدث الذي أثار اقتحام الغوغاء للسفارة السعودية، مشيراً إلى أن تطورات الأوضاع في المنطقة تتجه إلى غموض أكبر مما أحاط بعام 2015.

وكانت السلطات السعودية سجنت النمر منذ عام 2011 وحكمت عليه بالإعدام بتهمة التحريض على عدم الاستقرار بين الأقلية الشيعة في المملكة، وحسبته عميلاً لطهران.

ودان المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي وغيره من كبار المسؤولين عملية الإعدام، وحذر خامنئي المملكة العربية السعودية من عقاب إلهي بسبب أفعالها، ووصف الرئيس حسن روحاني إعدام النمر أنه “عمل غير إنساني يتناقض مع حقوق الإنسان تناقضاً سافراً”.

هجمات إلكترونية متوقعة
وأثارت هذه التعليقات مخاوف كبيرة من إقدام الحرس الثوري الإسلامي الإيراني على الانتقام من المملكة العربية السعودية، خاصة أن إيران حذرت السعودية في وقت سابق من أن تنفيذ حكم الإعدام سيؤدي إلى عواقب وخيمة.

وبالتأكيد رأت إيران في إعدام السعودية للنمر تحدياً مباشراً، ومن المحتمل أن تتبنى إيران جدول أعمال يتضمن هجمات إرهابية محتملة ضد المصالح السعودية، بما في ذلك حملات اغتيال.

لكن هناك عدداً من العوامل التي ترجح عدم استعداد طهران لتصعيد الأزمة وهي:

أولاً
اعتراف طهران أن الهجمات على السفارة كانت خطأ فادحاً تسبب في إحراجها، وانتقد الرئيس روحاني الاحتجاجات العنيفة واصفاً إياها بأنها “غير مبررة وأضرت” بسمعة إيران، ودعا قوات إنفاذ القانون في إيران لاعتقال الأفراد الذين شاركوا في اقتحام السفارات، بل إن هناك أعضاء متشددون في البرلمان الإيراني أكدوا ضرورة “التعامل بجدية مع الجناة”، ووصل الأمر أن بعض المسؤولين الإيرانيين يروجون لنظريات مؤامرة حول عملاء خارجيين قاموا بالهجوم على السفارة لإبعاد التهمة رسمياً عن البلاد.

ويعد هذا الخطاب بمثابة علامة إيجابية وأن القادة الإيرانيين يفهمون بوضوح أن انتهاك المنشآت الدبلوماسية أمر غير مقبول، خصوصاً بعد أزمة رهائن السفارة الأمريكية عام 1979 وهجمات 2011 على السفارة البريطانية في طهران.

وكثيراً ما ترفض إيران المعايير الدولية التي تراها تمثيلاً للإمبريالية الغربية أو التهديدات التي يتعرض لها نظامها الحاكم، ولكن مسؤوليتها في الحفاظ على حرمة المبعوثين الدبلوماسيين والسفارات أمر واضح.

ثانياً
ترغب إيران في تجنب المزيد من الضغط على مواقفها السياسية والعسكرية في سوريا وربما اليمن، وعلى الرغم من رد الفعل الإيراني الفاتر للمفاوضات الحالية للأمم المتحدة التي ترمي لوقف إطلاق النار في الصراعات المختلفة، لا تريد طهران أن تقوم الرياض بتسريع دعمهما للجماعات المسلحة الموالية لهما، أو تقويض موقف إيران بصورة أكبر في المحادثات.

ثالثاً
لا يمثّل إعدام النمر تهديداً أمنياً مباشراً لإيران التي تعتبر حماية الشيعة والمقدسات الشيعية في جميع أنحاء العالم أحد المحركات الرئيسية في السياسة الخارجية الإيرانية، لكن عادة ما يأتي هذا المبدأ تابعاً لحاجة الجمهورية الإسلامية في الحفاظ على النظام الحالي وتعزيز مصالحها الأيديولوجية والاقتصادية وسعيها إلى قيادة العالم الإسلامي بأسره.

فإذا كانت السعودية هاجمت إيرانيين أو مصالح اقتصادية إيرانية أو أراضي إيرانية، لكان من المتوقع أن يصدر عن إيران رد فعل عسكري أكثر علنية.

رابعاً
وربما الأهم ربما تراجعت إيران بسبب مخاوف من مدى استعداد السعودية لتصعيد المسألة برمتها، تشعر طهران بالقلق من السياسة الأمنية الأكثر حزماً والأقل توقعاً للقيادة السعودية الجديدة منذ اعتلاء الملك سلمان العرش قبل عام، ومع زيادة استقلال الرياض عن واشنطن، فربما ترى إيران أن أي خطوة غير محسوبة ستزيد من تدهور أوضاع السكان الشيعة السعوديين ومصالحها الإقليمية.

ولكن لا ينفي ذلك احتمال إقدام إيران، تنفيساً عن غضبها، على الانتقام من خلال شن هجمات إلكترونية أو زيادة نشاطها السري في اليمن والخليج، وهذه التوترات المتزايدة ستزيد من مخاطر سوء التقدير في منطقة الخليج ومضيق هرمز، وخاصة إذا ما استمر الحرس الثوري في إجراء اختباراته الاستفزازية على الصواريخ الباليستية.

واستبعد التحليل بشكل عام أن تدخل طهران في صراع مباشر مع دول الخليج، بل ستعمل على الحدّ من التصعيد، فإيران تدرك أنها ارتكبت أخطاءً بعد وفاة النمر، ولن ترعب في المخاطرة بمزيد من العزلة والضرر الدبلوماسي في مواجهة رد فعل بقيادة سعودية في المنطقة.

واختتم الكاتب تحليله بالقول: “لا ريب أنه بات واضحاً أن إيران دائماً ما تتراجع عندما يتم مواجهتها بحزم، وفضح سلوكها المشين على الملأ”.

أخبار ذات صله