fbpx
الضالع.. تنتظر دعماً يليق بتضحياتها الرائعة ضد الانقلابيين 
شارك الخبر
الضالع.. تنتظر دعماً يليق بتضحياتها الرائعة ضد الانقلابيين 

عدن – فاروق عبدالسلام:

لم يشفع لمحافظة الضالع (جنوبي اليمن)، تصدرها قائمة المحافظات المحررة بجسارة وتضحيات المقاومة الجنوبية ودعم قوات التحالف العربي، من قبضة ميليشيا المتمردين الانقلابيين، فمحافظة الضالع التي تحررت كاملة، باستثناء أجزاء من مدن قعطبة ومريس ودمت، وتحديداً في ال25 من مايو/‏‏‏أيار الماضي، ما زالت تعيش أسيرة معاناة متشعبة وأوضاع صعبة للغاية في شتى جوانب الحياة الإنسانية والصحية والخدمية والاقتصادية، نتيجة الآثار التي أفرزتها الحرب المدمرة على سكان ومدينة الضالع، من دون أن تحظى بالدعم اللازم والمطلوب من القيادة السياسية والحكومة اليمنية لاستعادة الضالع عافيتها.

نبذة تعريفية

محافظة الضالع، ومركزها مدينة الضالع، تعد إحدى المحافظات اليمنية التي تم استحداثها عقب إعلان قيام دولة الوحدة اليمنية، وتبعد عن العاصمة المؤقتة للبلاد عدن 120 كيلو متراً، وصنعاء نحو 240 كيلو متراً، وتبلغ مساحتها 4 آلاف و99 كم2، وتنقسم إدارياً إلى 9 مديريات، وعدد سكانها 470 ألفاً و564 نسمة ما يُعادل 2.4 % من إجمالي سكان اليمن، وفقاً لنتائج تعداد السكان عام 2004، وتتميز الضالع بالزراعة، كما تضم أراضيها بعض المعادن والمعالم السياحية، أهمها حمام دمت، والمدن الأثرية أبرزها مدينة جبن المشهورة بقلعتها ومدرستها المنصورية التاريخية التي شيدها الطاهريون، وتمتلك تضاريس متنوعة ومناخاً معتدلاً نسبياً خلال أيام السنة.

انتقام ومعاناة

الضالع ضحية تحالف الحوثي والمخلوع صالح، كون معاناتها ليست وليدة اللحظة ولا حديثة العهد، فهي ممتدة منذ سنوات عهد حكم المخلوع، وحمل السكان نظام صالح المسؤولية الكاملة عن تفاقم حدة مشكلات الخدمات الأساسية، مثل شبكات الكهرباء وإمدادات المياه نظراً لانقطاعها المتواصل عن بعض المناطق، بل وعدم وجودها أساساً في مناطق أخرى، فضلاً عن انتشار بعض الأوبئة والأمراض المختلفة المضرة بالبيئة والفتاكة بالبشر نتيجة طفح المجاري في أحيان كثيرةن خصوصاً وسط مدينة الضالع. وأرجع سكان الضالع أسباب معاناتهم لما وصفوها ب«السياسة الفاشلة لسلطة المخلوع صالح»، ولم تقف المعاناة عند ذلك الحد، بل واصلت امتدادها على أيدي تحالف صالح والحوثي، بأساليب انتقامية وأشكال وحشية، مولدة معاناة أشد بشاعة من سابقاتها، عمقت معها مأساة وآلام الضالع وسكانها من دون وجه حق أو ذنب سوى مقارعتهم لنظام صالح سابقاً، وتحالف صالح والحوثي حالياً.

تقرير حقوقي

وترجم تقرير حقوقي حجم الضحايا والانتهاكات وواقع المعاناة والأوضاع المأساوية المرصودة نتيجة الحرب التي تسببت بتوقف الحياة والعملية التعليمية والخدمات الأساسية وحرمان الموظفين من مرتباتهم في الضالع، حيث أفاد التقرير ببلوغ حصيلة ضحايا الحرب 312 قتيلاً، وأكثر من 600 جريح، بسبب القصف العشوائي والقنص من قِبل ميليشيا الحوثي وصالح، ومقتل 66 مدنياً بينهم 5 أطفال و3 نساء إثر القنص المباشر والمتعمد بنيران الميليشيات المتمردة، فيما واجهت الطواقم الطبية صعوبات عدة في مساعدة الضحايا عند انتشال الجثث وإسعاف الجرحى، كون عناصر الميليشيات كانت تقوم بقنص كل من يقترب من الضحايا، كما تسببت الحرب بنزوح 62 ألفاً و788 أسرة داخل وخارج الضالع، فضلاً عن مداهمة الميليشيات عشرات المنازل بحثاً عن مطلوبين «لعدالتها» الملطخة بدماء الأبرياء ومعاناة وأنين وبكاء السكان الأبرياء.
وذكر التقرير ذاته أن إحصائية حجم الخراب والدمار في المباني السكنية والممتلكات العامة والخاصة سجلت تعرض 550 منزلاً و18 منشأة حكومية مختلفة، بينها منشآت تعليمية ورياضية، و12 مرفقاً صحياً لأضرار ودمار بشكل جزئي وكلي وتخريب وهدم ونهب واسع ومتوسط، واحتلال المتمردين عدداً من المباني الحكومية والخاصة وتحويلها إلى ثكنات عسكرية ومعتقلات، وتضرر ما يقارب من 70% من خطوط شبكة الكهرباء إثر ممارسات ميليشيا الحوثي وصالح.
ولفت إلى تكبد سكان مدينة وقرى الضالع الويلات، نتيجة الحصار الخانق الذي فرضته الميليشيات الانقلابية، ولعل أصعبها على الإطلاق تسبب الحصار بوفاة الكثير من السكان.

مساعدات إماراتية ومرحلة جديدة

قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة بهيئة الهلال الأحمر الإماراتي قافلة مساعدات لمحافظة الضالع تعد أكبر قافلة مساعدات تصل الضالع منذ بدء الحرب، حيث ضمت أكثر من 23 شاحنة نقل متوسطة تحمل مواد غذائية متنوعة من الدقيق والأرز والسكر واحتياجات الأخرى. ودخلت الضالع بعد انتهاء الحرب مرحلة جديدة بتعيين الرئيس ال

يمني عبدربه منصور هادي، في ال6 من شهر يونيو/‏‏‏حزيران 2015، فضل الجعدي محافظاً لمحافظة الضالع.
واستطلعت «الخليج» عن قرب طبيعة الأوضاع العامة والمعاناة في مدينة وقرى الضالع. وفي هذا الإطار يقول المحافظ الجعدي: «تعيش الضالع وسط معاناة متعددة وكبيرة، رغم أنها أولى المحافظات اليمنية المحررة من قبضة تتار العصر عصابات الحوثي وصالح، والعائدة إلى حضن الشرعية، بعد حرب استمرت أكثر من شهرين، استهدفت خلالها تلك العصابات مؤسسات الدولة الخدمية والأمنية والعسكرية والمنشآت التعليمية ودور العبادة من مرافق خدمية ومقرات ومواقع الأمن والجيش والمدارس والمساجد».
وأضاف أن نتائج الحرب جعلت الضالع تبحث عمن يمد لها يد المساعدة لنفض غبار الحرب، من خلال إعادة إعمار ما دمرته الحرب والنهوض مجدداً بمؤسسات الدولة عبر إعادة خدمة الكهرباء المقطوعة منذ نحو عشرة أشهر، وحتى الآن، وبالتحديد منذ نحو 25 مارس/‏‏‏آذار من العام الفائت 2015، وإصلاح آبار المياه المدمرة وتأهيل وتزويد المستشفيات بالاحتياجات والمستلزمات الصحية والطبية، مثل المعدات والدواء، حيث تعاني المستشفيات افتقارها للإمكانات الضرورية والعلاجات الخاصة بالأمراض المزمنة، مثل السكر وضغط الدم والقلب والكلى، وعودة العملية التعليمية لطبيعتها، حيث إننا لم نستطع افتتاح المدارس ولجأنا لنصب الخيام في بعض المناطق، وهناك مناطق أخرى أبناؤها يتلقون تعليمهم تحت الأشجار.
وأوضح أن الضالع منذ تحريرها لم تصلها أي مساعدات باستثناء التزام هيئة الهلال الأحمر الإماراتي بتقديم 20 ميغاوات طاقة كهربائية إسعافية، وتقديم كل من الهلال الأحمر الإماراتي والهلال الأحمر الكويتي مساعدات غذائية وطبية، وأن السلطة المحلية في الضالع تبذل قصارى جهدها وتتواصل مع كل الجهات لمعالجة وحل قضايا ومعاناة الضالع كافة.
وبشأن الأوضاع الميدانية في جبهات القتال بأطراف محافظة الضالع، أكد المحافظ الجعدي، استتباب الأوضاع الأمنية، كما أشار إلى وجود بعض الجيوب التابعة لميليشيا الحوثي وصالح، في أطراف مديرية قعطبة باتجاه محافظة إب وجبهة مريس باتجاه مديرية دمت، وأنه رغم غياب الدعم المسلح للمقاومة، إلا أن الجبهات لم تهدأ ويواجه رجال المقاومة بالإمكانات المتواضعة المتوفرة لهم تلك الميليشيات الانقلابية.

معاناة ومتطلبات

وعزز رئيس المكتب التنفيذي لمؤسسة صح لحقوق الإنسان عصام الشاعري، كل ما تطرق إليه محافظ الضالع فضل الجعدي، واستعرض معاناة سكان الضالع، الذين يعيشون أوضاعاً معيشية صعبة نتيجة نقص المياه والغذاء والدواء وانقطاع التيار الكهربائي والاتصالات وارتفاع أسعار الوقود وغاز الطبخ المنزلي، بالتزامن مع عودة آلاف النازحين بسبب الحرب إلى الضالع.
كما جدد التأكيد أن معاناة أهالي الضالع سببها الحرب والقصف اليومي وآلة الدمار الممنهجة التابعة للحوثي وصالح، التي خلّفت الكثير من المآسي والانتهاكات التي طالت الأطفال والنساء والشيوخ، انتقاماً من مواجهة وصمود الضالع أمام المتمردين، وأن الضالع تعاني تفشي عدد من الأمراض خاصة بين أوساط الأسر النازحة والعائدة من النزوح، في ظل افتقار المستشفى الحكومية الوحيدة في الضالع، مستشفى النصر العام.
ولفت إلى أن الحرب أدت إلى مقتل أكثر من 270 شخصاً وجرح 1000، بينهم أطفال ونساء، وأن منظمات حقوق الإنسان لم تستطع حصر وتوثيق أعداد النازحين بدقة في مديريات الضالع، وأفاد بأن مؤسسة صح رصدت حاجة 500 أسرة لمساعدات إغاثية عاجلة في المناطق التي تدور فيها الاشتباكات المسلحة، كما رصدت المؤسسة أن الحرب أدت إلى تضرر البنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة بشكل كبير، وهي بحاجة لإعادة إعمار، وتعرض نحو 500 منزل ومؤسسة ودور عبادة ومدارس وأندية رياضية لأضرار كلية ومتوسطة وجزئية.
وأشار إلى أن السلطتين المحلية والأمنية في محافظة الضالع تعكف حالياً على معالجة عدد من القضايا والملفات، تشمل دمج المقاومة في الأمن والجيش الوطني وعلاج الجرحى والإغاثة وإعادة الإعمار وتوفير المشتقات النفطية وتفعيل مؤسسات الدولة وحل قضايا العسكريين المسرحين، كون كل تلك الهموم والمشكلات مجتمعة شغلت المواطنين، بحثاً عن حلها، لا سيما وأن الضالع تعتبر أولى المحافظات المحررة من قبضة الحوثي وصالح.

حصار سيئ

وروى رئيس اتحاد شباب الجنوب المحامي علي الصياء، تفاصيل وتداعيات الحرب على الضالع، بقوله: منذ بدء الحرب، قبل نحو عشرة أشهر وحتى الآن، والخدمات الأساسية كالكهرباء والماء وغيرها من الخدمات متوقفة كلياً عن الضالع، التي تعرضت لأسوأ حصار.
وتابع: ممارسات الميليشيات بحق الضالع وسكانها لم يزد المقاومة الجنوبية إلا إصراراً أكبر على الصمود والاستبسال في مواجهة العدوان، كما أن ميليشيا الحوثي وصالح، لم تتوقف عند فرض الحصار على الضالع، بل استهدفت بمختلف أنواع الأسلحة وبشكل عشوائي الممتلكات العامة والخاصة.
وبيّن أن الخسائر كانت كل يوم في ازدياد عن الأيام التي سبقتها، حيث شملت الخسائر وفاة الكثير من المرضى نتيجة انعدام الأدوية الخاصة بالأمراض الخطرة، مثل الفشل الكلوي والسرطانات ومرضى السكر والقلب، كما أدى قصف المنازل إلى تهجير السكان، إضافة إلى تعرض البنية التحتية للضالع التي كانت أساساً شبه معدومة، إلى دمار شامل وجزئي، وعبّر عن أسفه كون الضالع كانت أولى المحافظات التي كسرت شوكة الميليشيات، ولقنتهم شر هزيمة، ما زالت تعيش الأوضاع الصعبة وغياب الخدمات وجهود إعادة الإعمار.

جرائم حرب

وصنف الناشط الإعلامي سامي الغريري، الجرائم التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي وصالح، في محافظة الضالع بأنها فظيعة وترتقي إلى مستوى جرائم الحرب والإبادة الجماعية، فالضالع كغيرها من المحافظات اليمنية لم تسلم من جرائم الميليشيات، ولكنها نالت النصيب الأكبر من حجم جرائمها، كونها أولى المحافظات الجنوبية التي تصدت للانقلابيين بعد إسقاطهم المحافظات الشمالية كافة.
وتطرق إلى جرائم المتمردين في الضالع، مثلما فعلوا في كثير من المحافظات اليمنية، وشملت الجرائم قتل وجرح واختطاف العديد من رجال المقاومة والناشطين والإعلاميين والتجار، وأخذ مبالغ مالية منهم بطرق غير شرعية بحجة دعم المجهود الحربي وتفخيخ وتفجير المنازل والمساجد واحتلال وتدمير المنشآت العامة والخاصة، نتيجة تحويلها إلى ثكنات عسكرية وحرمان المواطنين من أبسط حقوقهم واحتياجاتهم من الغذاء والدواء، وما زاد معاناة المواطنين في الضالع عدم قدرتهم على استلام مرتباتهم وعدم توفير المال الكافي لشراء احتياجاتهم الأساسية التي ارتفعت أسعارها بشكل خيالي بسبب الحصار وممارسات المتمردين، ما أدى إلى وفاة ومقتل وجرح ونزوح الآلاف من السكان. ودعا القيادة السياسية والحكومة اليمنية إلى توجيه لفتة كريمة وتقديم الدعم الكافي للمقاومة في الضالع، وأشاد بمواقف وانتصارات أبطال الضالع بدعم من قوات التحالف العربي، وصولاً إلى التحرر وبدء عودة الحياة تدريجياً إلى طبيعتها، بسبب ضعف الإمكانات المتاحة أمام السلطة المحلية في الضالع، ومواصلة رجال المقاومة التصدي لمحاولة الميليشيات التابعة للحوثي وصالح، بالعودة إلى الضالع عبر دمت ومريس وقعطبة.

أحوال المواطنين

وتحدث عدد من سكان الضالع حول تضحياتهم بالأرواح والممتلكات وصمودهم في ظل الأوضاع الصعبة والمعاناة الكبيرة التي يعيشونها نتيجة تهدم منازلهم وغياب الخدمات الأساسية وشح المواد الغذائية والطبية والمشتقات النفطية وارتفاع أسعارها، ونوه ناصر الضالعي بالتضحيات الكبيرة والصمود الأسطوري من قِبل مختلف فئات وشرائح المجتمع في الضالع أثناء وبعد الحرب التي خاضوها، كل منهم في مجاله ضد ميليشيا المتمردين التابعين لجماعة الحوثي والمخلوع علي عبدالله صالح، وتحقيق الانتصارات الكبيرة رغم عدم توفر العتاد العسكري الكافي لخوض معارك مسلحة ضد عدو يمتلك كميات كبيرة ومتنوعة من الأسلحة، وتحمل الحصار الخانق وعدوان المتمردين. وقال المواطن أحمد عبدالله، إنهم عاشوا، وما زالوا يعيشون ظروفاً صعبة نظراً لغياب الكهرباء وصعوبة الحصول على المياه وارتفاع أسعار الغذاء والدواء والمشتقات النفطية ولجوئهم للذهاب إلى عدن من أجل العلاج.

 

الخليج

أخبار ذات صله