fbpx
النفاق الأمريكي مع إيران

د عيدروس نصر ناصر*
لم أصدق قط أن حكام الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الغربية يمكن أن يصدقوا في ادعائهم الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، أو احترام كرامة الشعوب، لكنني لم أكن أتصور أن الأمريكان (أقصد الحكام) لا يأبهون لكرامة دولتهم وهيبتها التي حاولوا غرسها في وعي عامة شعوب المعمورة، ويتخلون عن كل ذلك مقابل مصلحة سياسية أو استراتيجية (بالمعنى العسكري والجيو سياسي) مع دولة كانت حتى الأمس القريب تسمي الولايات المتحدة بـ”الشيطان الأكبر” وتهتف وأنصارها بالموت لأمريكا قبل وبعد كل وجبة طعام يتعاطاها مناصروها.
شعرت بالاستغراب وأنا أسمع وزير خاريجة الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري يتوجه بالشكر للسلطات الإيرانية لإفراجها عن جنود البحرية الأمريكية الذين تعرضوا للاختطاف على أيدي ضباط الحرس الثوري في المياه الإقليمية بين البحرين والكويت، وليس في المياه الإقليمية الإيرانية (كما جرى تعديل الخبر لاحقا).
لو أن حادثة الاختطاف هذه جرت قبل عقد من الزمن أو أن من اختطف الزورقين الأمريكيين هو نظام آخر ممن كانوا ذات يوم خارج الرضى الأمريكي (نظام أحد المرحومين صدام حسين أو معمر القذافي مثلا) لقامت قيامة أمريكا ولن تقعد حتى تسقط النظام القائم، وشخصيا توقعت أن يهدد وزير الخارجية الأمريكي الإيرانيين بعدم رفع العقوبات أو أن يتوجه بتوبيخ للنظام الإيراني على الأقل واعتبار هذا التصرف يمثل سلوك عصابة وليس سلوك دولة تبحث عن سبيل لرفع العقوبات الواقعة عليها، وهو أقل ما تفعله أمريكا في الحالات المشابهة حتى عندما يكون جنودها هم المخطئون، لكن السيد كيري بدلا من كل هذا توجه بالشكر للسلطات الإيرانية رغم صدور تصريحات لقادة سياسيين وبرلمانيين إيرانيين تقول أن اعتراض الزورقين الأمريكيين يمثل رسالة للتوجهات التي أبداها بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي باتخاذ عقوبات على إيران لسلوكها الداعم للإرهاب.
إنه النفاق السياسي الذي تتحول فيه القيم والأخلاقيات والشعارات السياسية إلى سلع خاضعة لقانون العرض والطلب في سوق المصالح السياسية والجيوـ استراتيجية، والذي تجلى في السلوك الأمريكي تجاه التعرض للزورقين ومنم عليهما من الجنود والضباط!
* * * *
تعيين اللواء أحمد سعيد بن بريك محافظا لحضرموت بقدر ما يمثل مكسبا لأبناء حضرموت فإنه يمثل تحديا كبيرا للواء بن بريك الذي لا يراودني شك في كفاءته وقدرته على مواجهته بنجاح.
تعيين بن بريك يأتي استكمالا لسلسلة إجراءات تبنتها السلطة برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه خالد محفوظ بحاح، والمتمثلة بنقل السلطات إلى أبناء المحافظات الجنوبية وقد بدأت العملية بتعيين الأستاذ فضل الجعدي محافظا للضالع ثم اللواء الشهيد جعفر محمد سعد فالعميد عيدروس الزبيدي محافظين (على التوالي) لعدن ود ناصر الخبجي محافظا للحج.
هذه التعيينات بقدر ما تمثل استجابة جزئية لمطالب أبناء تلك المحافظات بقدر ما تطرح علي المواطنين وعلى القوى السياسية والمكونات المجتمعية مسؤولية مؤازرة هؤلاء المحافظين والوقوف إلى جانبهم في مواجهة التركة الكبيرة التي ورثوها من عملية تخريب دامت ربع قرن شملت كل شيء في الجنوب.
ليس لدى المعينين الجدد عصا سحرية يقهرون بها كل ذلك الركام الضخم من التحديات، لكن العصا السحرية هي المواطنون والسياسيون المخلصون والمتطوعون من رجال المقاومة ومن الأكاديميين والقضاة والقانونيين ومن مختلف الشرائح الاجتماعية التي من مصلحتها استقرار الأوضاع والشروع في إعادة الإعمار وتوفير الخدمات والعودة بأسعار السلع والخدمات إلى مستواها ما قبل الحرب، وهو ما يعني حشد كل الطاقات لمساعدة قادة المحافظات على النجاح في مهماتهم، وكف السياسيين المعارضين عن النظر إلى كل ما يصدر عن الرئيس هادي على إنه صادر من دولة الاحتلال، لأن هذه السياسات العدمة إن لم تلحق أبلغ الضرر بقضية الجنوب فإنها لن تخدم هذه القضية لا من قريب ولا من بعيد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* رئيس مركز شمسان للدراسات والإعلام.