fbpx
” التسامح والتصالح ” كقيمة اخلاقية وثقافة مجتمعية ودينية

قد يرى البعض أن التسامح انكسار ، وأن الصمت هزيمة ، لكنهم لا يعرفون أن التسامح يحتاج قوة أكبر من الانتقام ،وأن الصمت أقوى من أي كلام .
التسامح وهو وسيلة التعامل مع الاخر والتصالح اغلب معناه التصالح مع النقس (الذات).
التسامح قيمة من القيم التى رسخها إسلامنا المجيد ، ورسختها شريعتنا المحمدية.
وبالتسامح تتعاضد الامة ، توتتكاتف وتتكامل وتتوحد .
يعتبر التّسامح أحد المبادئ الإنسانية، وما نعنيه هو مبدأ التّسامح الإنساني، كما أنّ التّسامح والتصالح يعني نسيان الماضي ، وهو أيضاً التخلي عن رغبتنا في إيذاء الآخرين لأيّ سببٍ قد حدث في الماضي، وهو رغبة قويّة في أن نفتح أعيننا لرؤية مزايا النّاس بدلاً من أن نحكم عليهم ونحاكمهم أو ندين أحداً منهم. والتّسامح أيضاً هو الشّعور بالرّحمة، والتّعاطف، والحنان، وكلّ هذا موجود في قلوبنا، ومهمٌّ لنا ولهذا العالم من حولنا.
وليس التّسامح فقط من أجل الآخرين، ولكن من أجل أنفسنا وللتخلّص من الأخطاء التي قمنا بها، والإحساس بالخزي والذنب الذي لا زلنا نحتفظ به داخلنا، التسامح في معناه العميق هو أن نسامح أنفسنا.
اولاً :
التسامح والتساهل والتيسير والوسطية قيم حث عليها الاسلام ، فالقرآن الكريم ملئ بالآيات التى ترسخ هذه القيم ، والسنة النبوية الشريفة مليئة بالاحاديث عن السماحة و القيم ، وهى مليئة أيضا بالمواقف التى تبين كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متسامحا مع أهله ومع جيرانه ومع أصحابه ، وانصاره، بل مع أعدائه ايضاً،
يقول الله تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير (الحجرات)
وبقدر اهمية التسامح والعفو فقد
ذكرت مادة ” العفو ” فى القرآن الكريم فى حوالى خمسة وثلاثين موضعا .
والعفو صفة من صفات الله عز وجل ، فهو العفو الغفور .
قال الله تعالى ( ولقد عفا الله عنهم ) [ آل عمران / 155 ]
وقال الله تعالى ( عفا الله عما سلف ) [ المائدة / 95 ]
وقال تعالى ( وهو الذى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ) [ الشورى / 25 ]
وقد أمرنا الله عز وجل أن نحتذى هذه الصفات ، وأن يكون العفو والتسامح سلوك وممارسة المؤمن الصالح .
في حياته.
فعــن ابن عــباس رضــى الله عــنه أنه قال قــال رســول الله صلى الله عليه وسلم ” اسمح يسمح لك ” [10].
فهو أمر عام بالسماحة والتسامح والتساهل فى كافة الامور ، فإذا سهل الانسان فى تصرفاته ومعاملاته سهل الله عليه وسهل الله له حياته وطريقه فى الدنيا والاخرة ، فما أعظم أن يقف الانسان بجوار أخيه لفك كربته أو لمساعدته أو لتسهيل أمر من امور الحياة ، او للتعاون والتاخي ، فإن ذلك مدعاة لتسهيل الله عز وجل لمن عمل فى الدنيا ومجازاة الله له على هذا العمل فى الآخرة .
هكذا التسامح والعفو فى الاسلام .
ونحن في الجنوب هذه الايام نعيش ذكرى التصالح والتسامح الشعبي الذي يعتبر عمل رائد وجبار
وهو أهم تجربة في تاريخ شعبنا وتأييد الشعب لهذه التجربة هو الأساس الصادر عن وعي شعبي ، وهذه التجربة التي أحدثت قطيعة مع ماضي الصراعات لن تكون ولن نسمح ان تكون فاتحة لصراعات جديدة مفتعلة لاتخدم الجنوب ولا شعبه،
دعونا نطبق التصالح والتسامح ونعيشه فعلاً على الواقع ونهتف بصوت واحد شعباً وقيادة باسم هذا التصالح كي يتوقف نزيف الدما والقتل الذي يرتكبه طرف اخر غير جنوبي يهدف منه خلخلة اللحمة الجنوبية وزرع الفتنة من جديد بين ابناء الجنوب،
اذن نحن في الجنوب جميعنا مظلومين وليس هناك ظالم ومظلوم ، او هناك كبير وصغير ، كلنا سواسية ، فعلينا اذن ان نعفو عن ما سلف ونلقي صفحة الماضي جانباً ، لنسير في طريقنا متحدين لبناء هذا الوطن ،
مدعوون اليوم اكثر من أي وقت مضى الى
كيف يمكن التفكير في موضوعات القيم والتواصل والتسامح والتصالح والتنوع من دون أن نأخذ في الاعتبار اشكال العنف وسيلة تسمو فوق تفكيرنا؟
وكيف يمكن التفكير حاليا في الرابطة الاجتماعية، في شروط العيش المشترك في مجتمع يسوده الاخاء والمحبة والتراحم والتعاون في بناء وتنمية ارضنا ،
مافائدة الكلام حول التصالح والتسامح ان لم يكن ثقافة تمارس في الواقع وقناعة في النفوس الامارة بالسوء والتي تعيث فساداً بحق الاخر وحق العام من طريق ومدرسة وشارع ومؤسسة ومستشفى وارض ،لاننا بذلك ندمر انفسنا قبل ان ندمر غيرنا ،
نحمد الله اننا في جنوبنا هذا لسنا قوميات ولا طوائف دينية ولا عرقية ، نحن عرب سنة توحدنا كل المقومات الاساسية للحياة،
لهذا يجب ان لانسمح للماضي القريب الذي لم يكن لنا يد بصنع احداثه ان يكون مرجع سلبي لنا او يعيق مسيرتنا ،
وان كان لازالت بعض القيادات التي لعبت دور في ماضينا سلبي وايجابي ، نقول لهذه القيادات كفى وعفاء الله عما سلف ، فان لم تستطيعوا فعل خير مع هذا الشعب الصمت افضل ،
ارحمو شعب الجنوب يرحمكم الله وندعو لكم بحسن الخاتمة ، لاننا وصلنا الى قناعة تامة ان من بلغ من العمر عتياً وتجاوز الخامسة والثمانون من عمره ليس بمقدوره ان يقود حتى ادارة بسيطة ما بالكم بقيادة شعب ،
وعندما نتكلم عن التصالح والتسامح والعفو عن ما مضى ، نحن ايضاً بحاجة الى تطبيق هذا المبداء ايضاً للحاضر والمستقبل في الواقع، تصفى النفوس وتتقارب الافكار وتتشابك الايادي لبناء البلد وتنميتها وتثبيت الامن والاستقرار في العاصمة عدن التي اصبحت بحاجة الى نشر بذور السلام والمحبة بين الناس والشباب والاهل وكل من سكن عدن ، عدن هي درة المدن وغالية الزمان بحاجة الى الود ولمسات الحنان من الحكام والمحكومين ،
ولانكتفي بذلك فقط ولكن ايضاً يجب ان تضل عيوننا فاتحة لمراقبة الدخلاء على الجنوب وماتعمله اياديهم القبيحة ، فهم سبب ماعشناه وما نحن فيه اليوم من مآسي وويلات ،فهولاء هم اعداء الجنوب بخلاياهم النائمة والصاحية واموالهم ونفوسهم الملوثة بالحقد والكراهية لشعب الجنوب .

فيصل حلبوب