fbpx
يوميات من ﺍﻟﺤﺮﺏ برفقة الشهيد البطل “قاسم عبد الفتاح قاسم”
شارك الخبر

كتب/ جمال محسن ﺍﻟﺮﺩﻓﺎﻧﻲ

على طريق الحريه ارواح زهقت ﻭاطفال يتموا ونساء ﺭُﻣﻠﺖ وابطال صعدوا الى جوار ربهم شهداء قضوا في سبيل احقاق الحق وازهاق الباطل ، تضحيات جسام سطرت بدمائهم الزكيه وكتبت على صفحات التأريخ بأحرف من نور تحكي نضالات شعبنا المكافح في سبيل الخلاص من الاحتلال ﻭﺍلعيش الكريم على أرضنا وترابها الطاهره ..

الحديث عن ملاحم شهدائنا الابطال ليس له ان ينتهي او نستطيع ايجازه فمآثرهم العظيمه تعجز اقلامنا المتواضعه في التعبير عنها ولكن ثمة شيء لا إرادي وينبع من ألم يكتنف الاعماق يدعوني للحديث عن الشهيد ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻡ البطل قاسم عبد الحق الذي أبهر الجميع وعكس بداخل كل من عرفه انطباع أكثر من رائع فغدا مقاوماً يشار له بالبنان منذ ان وجه فوهة سلاحه في وجه جنود الاحتلال في جبهة ردفان ﺍﻟﻌﻨﺪ قبل 8 ﺃﺷﻬﺮ الى إن ارتقت روحه الطاهره الى جوار الرحمن شهيداً على تراب العاصمة الحبيبة عدن قبل أيام وﺃﺻﺒﺢ ذلك النموذج الفريد من نوعة حديث الشارع وعنوان صفحات البطوله والفداء ..

ففي بداية الحرب كانت تقتصر مهمتي في جبهة “ردفان العند” على التغطية الإعلاميه وتوثيق الاحداث وكان ﻭﻗﺖ احتكاكي بالمقاتلين قصير جداً ولكن بعد اشتداد المعارك وانضمامي لأحد مواقع ﻳﺴﺎﺭ الجبهة القتاليه كسبت علاقات وتعرفت على الكثير من الشباب وكنت كلما تواجدت في قلب الجبهة والتقي بالمقاتلين هناك أنبهر من تحركات احد الشباب حديثي العمر وتعاملاته وعنفوانه منقطع النظير لم اعرف عنه شيء سوا انه احد ابناء منطقة الذنبه بردفان..

ظل ذلك الحال طويلاً الى ان تقدمت الجبهة الى محاذاة جبل الزيتون بعد معارك عنيفه كان شهيدنا أحد ابطالها فتقاربت الخطوط الاماميه لجبهة القلب واليسار فتطورت مع ذلك العلاقات بين المقاتلين فظل ذلك الشاب يرسم نموذج رائع في قلوب من عرفوه وتطورت علاقتنا وتعرفت عليه اكثر وأصبح يناديني باسمي بدلاً من صفتي الإعلاميه ..

طويله هي المواقف التي ابرزها شهيدنا وعشتها معه ولكنني اريد ان امر بكل تلك الاحداث لأصل الى اللحظه التي ليس لها ان تمتحي من ذاكرتي وهي نفسها التي سارويها لكم حالياً مع وجود فارق ان اعيشها كلحظة وان تقرأوها عن من عاشها حروفاً ..

يوم الاربعاء الموافق 5_ اغسطس_2015م كان يوماً استثنائياً بالنسبة لشهيدنا البطل فحدة المعارك كانت قد اشتدت في الجهة الغربية لقاعدة العند بعد تقدﻡ المقاومة من اتجاه الصبيحة قادمه من العاصمة عدن وكانت في ذلك اليوم جبهة العند على صفيح ساخن حيث هسترت ميليشيات الاحتلال وامطرت اغلب بقاع الجبهة بقذائف الهاون ورصاص الاسلحة ﺍﻟﺜﻘﻴﻠﻪ ﻭالمتوسطة ذلك لم يزﺩ الا من معنويات مقاتلينا فتقدم المقاتلين ناحية الجبال بكل استبسال وشجاعه على الرغم من سقوط شهداء ، كان الجميع يتقدم وملامح الانتصار باديه على وجوههم وبدأت ميليشات الاحتلال بالفرار بعد ان قتل منهم الكثير ..
في الساعه 04:30 ﻣﺴﺎﺀ كنت أقف على أحد المرتفعات احاول مراقبة ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻭتصوير جموع المقاتلين واكثر ما أصابني بالحزن هو رؤية أﺣﺪ أطقم مقاتلينا وقد دمرته الميليشات على بعد حوالي 500 متر من مثلث العند .. وقتها سمعت من يناديني فالتفتت فاذا به صديقي قاسم ويقول لي احذر فالقناصين منتشرين بكثافه في قمم الجبال ..قلت له بنبره يملئها الأسئ وانا اشير الى المركبه المدمره اصحابنا راحوا ؟؟
فقال اسعفوهم ولم نعرف عنهم شيء بعد ذاك ولكن اخذنا بهم الكثير .. وطلب مني الذهاب معه ..
ومضينا الى احد المنحدرات وشاهدت الكثير من جثث مسلحي الميليشيات وصورت منها مااستطعت وعدنا ادراجنا بسبب كثافة النيران ..
مر الوقت بسرعه والعدو يتقهقر والمقاتلين يتقدمون ويدخلون مثلث العند واﻟﺒﻄﻞ قاسم يتقدمهم فاذا بالقائد عيدروس الزبيدي وشلال شائع وجواس يتجهون بسياراتهم صوب المثلث في تمام الساعه 05:16 وهنا تيقنت بأننا حققنا النصر الذي انتظراه طويلاً فلم نستطع حبس دموعنا وقتها لتأثير الموقف وكنت أصيح بدون وعي “الله أكبر وانتصر الجنوب” وللأسف بحة الصوت افسدت شيء من جمال المقاطع المصورة ..

وصلنا الى المثلث ومقاتلينا يتولون مهام تصفية باقي الجيوب التقيت باصدقائي القادمين من عدن والتقيت بـ رمزي الشعيبي و بشير الغلابي و فواز الطيريوعدد من الاصدقاء الذي لم التقي بهم لمده طويله واتصلت بالكثيرين اهنيهم بالنصر وعملت الكثير من اللقاءت مع بعض القيادات والمقاتلين ولاحظت الفرحه باديه على ملامح الجميع سيماء البطل قاسم واصدقائه الذين كانوا برفقته وقتها كانت الساعة 06:15 ﻭالشمس على ﻭﺷﻚ المغيب وبدأ الهدوء يدب في المكان وكان برفقتي صديقي سيف الداعري فجلسنا بمعية صديقنا قاسم عبد الفتاح واثنين من ابناء الذنبه وسط الطريق وبجانب الكثير من ﺧﺮﺍﻃﻴﺶ المدرعات ﻭكنا نتحدث عن الاشهر التي قضيناها والارواح التي قدمناها من اجل الوصول لهذه اللحظه التأريخية وتذكرنا الشهيد وضاح البدوي الذي سقط في نفس الموقع وكذلك الشهيد عبد المعين ..ولا استطيع نسيان كلمات الشهيد قاسم عندما قال “كنا علئ ثقه بالانتصار لاننا آمنا به” بالاضافه لقوله “ان أيام الحرب برغم مراراتها الا انها كانت جميله لانك تناضل من اجل وطنك”

خيم المساء وتم تأمين المنطقة بالكامل وافترقنا وعدت الى جبل الزيتون للتواصل من هناك مع بعض الزملاء الاعلاميين اهنئهم بالانتصار وكذا لكي اسلم لهم نسخه من الملفات المصورة فحضيت وقتها بتواصل مع الزميل ماجد الشعيبي ولا اذكر بمن كانت باقي اتصالاتي ..

اليوم الثاني .. الخميس 6_أغسطس_2015م الساعة 08:00 صباحاً وانا في سوق مدينة ﺍﻟﺤﺒﻴﻠﻴﻦ ﻭفي طريقي لارسال الملفات سمعت من يناديني ..ياجمال .. فاذا بصديقي قاسم عبد الفتاح وبمعية الاصدقاء من ابناء الذنبه بداخل احد الباصات بالقرب من سوق السلاح فذهبت وسلمت عليهم فسألني .. نمت ؟؟
فأجبته لم استطع النوم وكنت مشغول باعداد الملفات ..
وسألته وانت هل استطعت النوم فرد بالايجاب قائلاً نعم نمت نومه هنيه لم استطع ان انام مثلها طوال أشهر الحرب .. واضاف هم كبير كان جاثم على ظهري وانزاح ..في أشارة الى رحيل ميليشات الاحتلال .. فعلاً لم ابصر صديقي قاسم على تلك الهيئه من قبل فكان بشوشاً وانيقاً واكثر بهاء ومدنيه ..
وقتها قام باعطائي قطعة برتقال وقال “كل ياصديقي فهذه الاشياء لم نذق طعمها طوال أشهر الحرب” فأبتسم الجميع ووادعتهم على أمل اللقاء فكانت تلك هي آخر ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ واخر ﺍﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ التي ﺟﻤﻌﺘﻨﻲ به حتئ ان تلقيت نبأ استشهاده الصادم والمحزن والموجع والذي به خسرت ردفان أحد ﺍﺑﺮﺯ ابطالها وأنبل ابنائها ومن عرف الشهيد سيعرف ان رحيله فعلاً خساره كبيره اصابتنا ولن يستغرب حديثي مهما اسهبت فيه ..

نعم رحل صديقي ولكن ماخلفه من أثر في قلوب من عرفوه شيء ليس له ان يرحل او يتضائل او ينسئ .. ثق ياصديقي اننا سنظل اوفياء لدمك الطاهر ورفاقك الشهداء وللأرض التي ولدتم ودفنتم فيها واننا على دربك سائرون .

أخبار ذات صله