fbpx
التسامح..مفتاح كل الحلول

د.علي صالح الخلاقي:

أصبح التصالح والتسامح اليوم حقيقة وواقعا، يمد ظله على أرجاء وطننا الجنوبي ويؤتي أكله وثماره على الأرض، وهذا ما أغضب المخلوع الذي استشاط غضبا وتقيأ ندماً عند ظهوره المقيت في خطابه الأخير، حتى خُيِّل إلينا أن أنفه يتمزّع، أي يتقَطَّعُ ويتشقّق غضباً، وهو يرى الجنوبيين اليوم أكثر توحداً وتماسكاً واسياد أرضهم، بل ويتحسر أكثر وهو يعيش مطارداً ملاحقا، بعد أن أهلكه الندم وأتى علي، وليس أمامه وأمثاله سوى بؤس المصير.. ومع ذلك ما انفك يحاول محاولة اليائس المنهار أن ينفخ في الرماد لإثارة الفتنة بينهم، التي كان يثيرها ويغذيها بينهم خلال صراعات الماضي، ونسي أو تناسى هذا المأفون أنه كان بغدره ونكثه سبباً رئيسياً في وحدتهم وفي رص صفوفهم، مثلما كان سبباً في القضاء على أمل (الوحدة) وجر البلاد والعباد، شمالا وجنوباً، إلى هذا الوضع المأساوي الذي لم تعهده في تاريخها.
لكن المخلوع ما زال ينفخ، من جحره تحت الأرض، في قربته المخزوقة لعل وعسى أن يفت في عضد الجنوبيين.. وبئس ما ذهب إليه خياله المريض.. ففي الوقت الذي تسامح وتصالح فيه مع خصومه الحوثيين، الذي خاض ضدهم أو خاضوا ضده ستة حروب، ها هو بكل وقاحته وصلفه ودناءته يكرر اسطوانته السمجة والمستهجنة لمحاولة بذر الشقاق بين ابناء الجنوب.. ينكر علينا ويحرم ما أحل لنفسه..لكنه كمّن ينفخ في الرماد ..وها هو اليوم في ذكرى تصالحنا وتسامحنا التي نحتفل بها بحرية على أرضنا يتلقى صفعة قوية لن يفوق منها، خاصة وهو يرى تشابك الأيادي وعناق القلوب، لا فرق بين أبيني وضالعي وحضرمي ومهري ولحجي ومهري وشبواني ويافعي، فالكل أخوة، والوطن وطنهم جميعاً وهم أسياده وشركاء في صنع حاضره ومستقبلة .
نعم ..لم يعد التصالح والتسامح اليوم شعاراً، كما بدأ قبل عشر سنوات، وتحديداً في مثل هذا اليوم من عام 2006م في جمعية ردفان الاجتماعية في عدن، بحضور نخبة من ممثلي المنظمات الجماهيرية والشعبية ممن أعلنوا مبدأ التصالح والتسامح بين أبناء الجنوب كافة، وتجاوب مع هذا الإعلان التاريخي كل الجنوب من أقصى المهرة إلى باب المندب، الذي وحدّته المعاناة من جور وعسف وظلم الاحتلال ، وروح التطلع المشروع لعناق الحرية والاستقلال والخلاص من هذا الكابوس الغادر..
لقد جرت الأحداث بعد ذلك بما لا تشتهي قوى الاحتلال، التي انزعجت كثيرا من اعلان مبدأ التصالح والتسامح، بل وقض مضاجعها أكثر وزاد من غيظها أن تحول هذا الإعلان إلى ثورة سلمية عاصفة حيث تتالت في مناسبات كثيرة المهرجانات المليونية الحاشدة والهادرة ، خرج خلالها الشعب الجنوبي بقضه وقضيضه وتدفقت جموعه من كل حدب وصوب الى العاصمة عدن ، بصورة عفوية تحمل أعلام الجنوب وتهتف للاستقلال والحرية.. وهذه الثورة السلمية الحضارية التي واجها الاحتلال بكل عنف وبقسوة وبالقتل والسجن لم تزد الشعب الجنوبي إلا ثباتاً وإصراراً، وهي التي مهدت وهيأت لتلك المقاومة البطولية والأسطورية التي وقفت أمام اجتياح الحوثيين وقوات المخلوع لعدن والجنوب، والحقت بهم الهزيمة المرة بدعم لا يُنسى من الأشقاء في التحالف العربي.
ونفخر اليوم أن التصالح والتسامح قد أصبح قيمة اخلاقية وإنسانية، لكنها تتطلب المزيد من العمل والجهد لترسيخها سلوكاً وممارسات يومية، بحيث تتسع صدورنا لبعضنا في بيتنا الكبير، المتمثل بالوطن الجنوبي، الذي أراد المخلوع تمزيق بنيانه الداخلي، ليدوم أمد احتلاله ونهب ثرواته، والهاء ابناءه في صراعات ثانوية.
لقد كان التصالح والتسامح أساس ونقطة البدء لتوحيد صفوفنا في مواجهة الاحتلال، ويظل مفتاح الحلول لمواجهة كل أعباء مرحلة البناء والإعمار وتشييد مداميك بناء جنوب جديد يتسع للجميع بعيداً عن أخطاء وصراعات الماضي الذي عانى منه الجميع.
وفي ذكرى التصالح والتسامح الجنوبي، نتذكر باعتزاز وفخر أولئك الشهداء الأبرار والجرحى الأبطال الذين واجهوا بصدورهم العارية رصاصات الاحتلال، منذ بداية الثورة السلمية وحتى تحرير عدن والجنوب من الغزاة الهمجيين..وندعو لكل الشهداء بالرحمة والمغفرة وللجرحى بالشفاء..
ويلزمنا الوفاء أن نكون أوفياء ومخلصين للقضية التي استشهدوا من أجلها..
عدن
13 يناير 2016م