fbpx
الرجل المريض !!

فتياً .. قوياً .. مقدام .. يهابه القاصي والداني, أسمه يزلزل كيانهم , يرعبهم , يرهبهم , يقض مضاجعهم, لم ينكسر قط , لم ينهزم قط , لم يستكن, لم يول الدبر, في الوغى تجده, في الشدة والمحن في أقسى الظروف وأحلكها لا يشق له غبار..

يجابه الموت بصدر عارٍ , يتحدى الكل بعزيمة صلابة وقوة, ما من ساحة نزال أو ميدان معركة إلا وكان أبناءه في المقدمة, تُسفك دماؤهم, تُزهق أرواحهم , يتساقطون الواحد تلو الآخر فتجده مبتسماً , محتسباً يدفع بالآخرين إلى ميادين الشرف والإباء والكرامة في سبيل الذود عن الدين والأرض والعرض, لينعم الآخرين بالأمن والأمان والسكينة والطمأنينة..

يُشار له بالبنان ويعلمون أنه منبع البطولة, ومصنع الرجال, ومنبت الفدائيين والأفذاذ والأشاوش, ومهبط الإبداع والتمييز, ومدرج الوطنية والإنتماء والهوية, يتغذى منه الكل الرجولة ويتعلمون منه معنى التضحية, يتعلمون منه كيف يعشقون الأوطان ويحبون تربته الطاهرة, ظل على العهد باقٍ, لم يخن, أو ينقض, أو يساوم, رغم تلك الجراح الغائرة, ورغم تلك الأسقام المؤلمة, ورغم تلك الأوجاع القاتلة, ورغم تلك الدسائس التي تحاك ضده, وتلك المكائد التي دُبرت له..

دأبوا بسياستهم وقذارتهم ودسائسهم لأن ( يمحون) وجوده, ويطمسون هويته, ويزلزلون أركانه, غرزوا خناجرهم في (خاصرته) وظهره, وأسقوه السم (الزعاف) في حلو كلماتهم ومعسولها, وجعلوا منه كبش فداء لمناكفاتهم , وساحة إحتراب وإقتتال لتصفية حساباتهم, لم يشفع له ماضيه (التليد), وأمجاده وبطولاته وتضحياته وقوافل الشهداء من أبناءه..

كانوا يدركون أن بقاءه قوياً .. فتياً .. شامخاً .. هو نذير شؤم لكل مخططاتهم وأفكارهم وخساساتهم, فعمدوا لتدميره وإنهاكه وإدخاله في مرحلة (الموت) السريري والمرض بمباركة بعض أبناءه الذين سال لعابهم لتلك الريالات والمناصب والكراسي, فخارت قواه وتداعت أركانه (فسقط) نعم سقط ولكن سقوط (الشامخين) والأبطال..

تعاقب عليه (الخونة) والمرتزقة من أبناءه فزادوا (طين) آلامه وأسقامه وأوجاعه (بلة), وصبوا (زيت) فسادهم وهمجيتهم وإجحافهم على (نار) آهاته وأناته وحسراته, ولم يفكروا (البتة) في علاجه أو تطبيب (جراحه), بل أكملوا (سيناريو) تفكيك أوصاله وأجزاءه وقتله, بل كانوا (يرنون) لأن يموت (ويرقصون) على جثته ونعشه ويغدوا في خبر كان..

هي ((أبين)) .. إن جاز لي التعبير أن أشبهها بالرجل المريض جراء ماتمر به وتعانيه من ظلم وتهميش وتدمير ممنهج طوال سنوات طويلة (خلت),أبين التي كانت إلى الأمس القريب كالأسد في (عرينه) تُهاب من الكل, والتي غدت اليوم أشبه بذلك الرجل الذي لم يتعافى من كل آلامه واسقامه وأوجاعه ومعاناته, ولم يفلح أياً من الأطباء المتعاقبين عليها في تطبيبها وعلاجها..

أبين .. هل ستعود لألقها ومجدها وبطولاتها وسابق عهدها, هل ستعود فيته قوية, أم ستظل على ذات الحال لايرجى شفاؤها على الإطلاق, هي رسالة لكل أبنائها إن أردتم أن تعود أبين كما كانت فكونوا عونها لها, لا أيدي تدمرها وتخربها..