fbpx
الواهمون تحت يافطة (مشروع حضرموت)

مقدمة :

قال تعالى { فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ }

بين أسوار الاستراحات خرج إلى العلن محافظ حضرموت عادل باحميد ليمارس دغدغة لعواطف حضارمة المهجر عبر ” مشروع حضرموت ” ، مشروع يستند على ما تداعى عليه الحضارمة في 2011م وأنتجوا من خلاله ” وثيقة الرؤية والمسار ” ، وفي تقييم موضوعي لتلك الفترة التي شهدت ثورة التغيير اليمنية في فبراير 2011م والتي امتطاها الاخوان المسلمين ( حزب الاصلاح ) كان مقبولاً ما خرجت به الوثيقة في حدها الأدنى وحملت في طياتها بعض من المطالب الحضرمية العامة .

مع انطلاق” عاصفة الحزم ” في 26 مارس 2015م حصل في اليمن تغيرات شاملة تجاوزت اتفاقيات وقعت بين الأطراف السياسية ، وكان نتاج الانقلاب الحوثي وشريكهم المخلوع صالح على الشرعية السياسية أن زلزالاً شاملاً غيّر كل ما على اليمن إلا في حضرموت وخصوصاً تلك الفئة التي لم تشعر بأن تغيرات واسعة حصلت تتجاوز اليمن والإقليم المحيط به ليستوردوا وثيقة الرؤية والمسار لتكون مشروعاً حضرمياً في التوقيت الخطأ ، وايضاً في المكان الخطأ .

محافظ حضرموت الذي أوكلت إليه مهمة واحدة فقط ، وهي أن يحافظ على حضرموت من السقوط في أي منزلق محتمل ، لم تكن هناك أي مهمة غير هذه المهمة الموكلة إليه ، كل الاحتمالات منذ ما قبل انطلاق العمليات العسكرية في اليمن كانت تشير عبر تقارير استخباراتية بإمكانية سقوط حضرموت بيد المتطرفين ، وان نشاطات الجماعات الارهابية باتت ملحوظة منذ أن دحرتهم اللجان الشعبية من محافظة أبين ، لم تكن هنالك ثمة مؤشرات أخرى سوى أن حضرموت في خطر داهم وأنه يتحتم على المسئول الأول فيها أن يتجنب هذا السقوط .

بعد أن انطلقت ” عاصفة الحزم ” في 26 مارس 2015م وما مطالع شهر ابريل وخلال ساعات فقط سقطت عاصمة حضرموت المكلا كاملة بقبضة تنظيم القاعدة ، أنسحبت كل القوات الأمنية من مواقعها وسلمت المدينة وأهلها للمتطرفين ومن بعدهم للمجهول ، هنا وفي الخامس من شر ابريل تعتبر انتهت مهمة محافظ حضرموت عادل باحميد بالفشل الذريع ، ولم يجد سوى أن يطلق العنان لقدميه هارباً شارداً ليصنع من المهجر بطولات وهمية بدأت بافتتاح مكتب للمحافظة يحتوي اختاماً وموظفين وكثير كثير من الهراء .

بعد تسعة أشهر من انتكاسة حضرموت ، ظهر عادل باحميد وبصفته محافظاً حاكماً لحضرموت وحاملاً لمقاليد سلطتها وممثلاً لشرعية الدولة اليمنية القائمة من أجلها عاصفة حزم صارمة ليمارس دوراً مطلوباً في إطار أوسع فمشروع حركة الاخوان المسلمين بات يواجه مراحله الأخيرة وتحديداً في اليمن الذي اضحى قاب قوسين أو أدنى من قبول التحول السياسي الذي سيؤدي للانفصال بين صنعاء وعدن ، هنا يشعر تلاميذ حسن البنا أن نهايتهم توشك على الختام فلم يتبقى من أحلامهم سوى أن تظهر براميل الشريجة بين شمال وجنوب .

في تجاوز للضوابط والأنظمة المرعية في البلاد السعودية يتم استئجار الاستراحات ، ويتم دعوة الناس ومخاطلتهم باسم حضرموت الاقليم ، أياً يكن إطارها وشكلها المهم أن تكون إقليماً في إطار جنوب أو شمال ، مجرد هرطقات تجاوزها الواقع السياسي ، ووتجاوزتها الأحداث والتطورات ، فتحت شعار ( منّ أخذ أمنا هو عمنا ) يسهب باحميد وعشرات من المجندين معه في الدفع بحضرموت والحضارمة نحو المجهول ، ممارسة الدفع له غاية ومقصد الهروب أولاً من استحقاق ما يجب أن يكون بأن يقدم باحميد استقالته بعد فشله الذريع ، ليس عيباً أن يفعلها ولكن هنالك مانع في أن يستقيل لأن حزب الاصلاح اليمني لم يتبقى له سوى حضرموت يراهن عليها في الجنوب بعد أن فشلت دعوات النفير العام .

يقف عادل باحميد عند العام 1962م وهو العام الذي وضع فيه ( مقترح ) دستور الوحدة الحضرمية بين السلطنتين القعيطية والكثيرية معتبراً أن حضرموت سياسياً توقفت عند هذا التوقيت من الزمن ولم تستطع أن تتقدم خطوةً أخرى في مواقع السياسة ، هنا توقفت طويلاً عند حضرمي ينكر على حضرموت وعبر روادها الكبار بل والعمالقة تاريخهم السياسي ، ومدى القدرة الحضرمية في التأثير السياسي ، اتوقف عند هذه النقطة مستشعراً مدى الاجحاف المقصود والمتعمد بالإساءة إلى تاريخنا السياسي والذي كان واحداً من أهم معالم الحركة الوطنية السياسية على صعيد الجزيرة العربية كلها ، فيكفي أن طلاب المدرسة الوسطى بغيل باوزير كانوا أول من اعتصم تضامناً مع الشعب المصري في ثورة يوليو 1952م ، ومن حضرموت ظهر السياسي الفذ شيخان الحبشي يرحمه الله الذي قدم أنموذجاً سياسياً مبتكراً في الشرق الأوسط وذهب إلى مدينة عدن ولعب دوراً سياسياً من خلال رابطة الجنوب العربي وقادوا مفاوضات الاستقلال بل وحصلوا على وعد الاستقلال في التاسع من يناير 1968م ، هنا تاريخ يكتب بفعل الرجال الأفذاذ الذي اعتبروا حضرموت كبيرة تتجاوز كثير من أٌطر ضيقة محدودة .

أن الفعل السياسي الحضرمي عند شيخان الحبشي وعمر باعباد وعبدالله الجابري وعلي سالم البيض وحيدر أبوبكر العطاس وفيصل بن شملان وفرج بن غانم كان ومازال رصيد حضرمي سياسي نفتخر به سواء اتفقنا معه أو اختلفنا لكن يبقى رصيد مسجل لحضرموت ومدى قدرة رجالاتها في التأثير السياسي والتغيير في وقائع الأحداث ، لم يتوقف هذا الرصيد الحضرمي أبداً فلقد سجل الحضارمة في ديسمبر 2012م موقف تاريخي يحسب في رصيدهم السياسي عندما تقدم جماعة منهم وقادوا أبناء الجنوب العربي بمختلف توجهاتهم إلى العاصمة الرياض ويدخلوهم من باب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ليسلم أبناء الجنوب العربي الدكتور عبداللطيف الزياني ” وثيقة الرياض ” التي رحبت بالمبادرة الخليجية وآليتها التنغيذية وطالبت بعقد مؤتمر جنوبي جامع يقرر مستقبل الجنوب العربي في إطار الصراع السياسي اليمني .

أن رصيدنا الحضرمي هو الذي به نقود المشروع الوطني في كل مساحة الجنوب العربي ، ” حضرموت الكبرى ” هي وطن جامع واسع يشمل كل هذه المساحة الجغرافية الممتدة من عدن الباسلة إلى المهرة ، هذه رؤية الأفذاذ الرواد الأوائل ، وهذه هي حضرموت الكبيرة التي لا تراهن إلا على رجالاتها ودمائهم التي كانت مهراً أولاً في طريق نضال طويل بدأ مع الدماء الزكية الطاهرة لشهداء ابريل 1997م بن همام وبارجاش يرحمهم الله .

للحضارمة تاريخ ونضال واسع في الحركة الوطنية عرفته ( حويف ) ـ جمع الحافة ـ في المكلا والشحر وسيئون والغيل الباوزيرية ، سجلوا بفخر شهر سبتمبر 2007م ذلك الشهر الذي انتفضت فيه المكلا عبر شبانها الذين يعرفون حدود حضرموت الكبيرة ، أولئك الشبان يدركون تماماً أن ما قاموا به في تلكم الانتفاضة سيكون مجرد رصيد لحضرموت لذلك كانوا رجالاً كباراً في ميدان الشرف .

27 ابريل 2014م .. كانت المكلا حاضرة في عنوانها الذي صنعته وحدها من خيوط شمسها الشارقة مجداً وافتخاراً ، يومها توسدت المكلا بحرها العربي واحتظنت أبناء الوطن بالأمهات اللآئي زغردنا بهجةً وهنّ يدركن أن حضرموت تقود حقيقة مشروع الوطن وتسقط كل الخيارات التي تمنحها صنعاء وتعبر عليها عبر رجالها وكل ترابها الذي ينحاز إلى الشهداء وإلى تلكم الدماء التي لا يمكن أن تتجاوز بازنبور وبن حبريش وبن عفيف ومئات من أبناء التراب الحضرمي أخلصوا لدينهم ووطنهم .

في موعد الحق المبين كان أبطال حضرموت الأشاوس على تراب عدن الطاهر ، هناك قدم الحضرميين دمائهم في معركة الكرامة والشرف ، معركة إسقاط ذراع إيران وأذنابها ، كانوا رجالاً حملوا أرواحهم رخبصة في معركة كانت فاصلة في تاريخ أمة العرب ، سقطت إيران وكان لزخات رصاصات الأبطال الحضارمة إلى جانب أخوتهم في الضالع ولحج وأبين وشبوة والمهرة يكتبون فصلاً من التاريخ ويضيفون رصيداً لحضرموت النضال والفخر والشجاعة .

بينما عادل باحميد يوزع الأوهام على الحضارمة في الرياض وجدة يصل إلى المكلا أسرى حضرموت القادمين بعد صفقة تبادل الأسرى مع الحوثيين ، مشهد فاخر يشعرنا بزهو نحو حضرموت الحقيقة والخيال ، حضرموت الواقع والوهم ، مشهد لا ينتمي إلا للشرفاء الذين يعرفون حق الأمهات الثكلى على أبناء رحلوا بدماء غالية من أجل وطن فيه كرامة لآخرين .

وفقاً للساعة فأن التوقيت المحلي يعني أن ننحاز إلى حضرموت الكبرى ، حضرموت الجامعة ، حضرموت التي على رجالها أن يخوضوا السياسة من بابها الصحيح ، مشروعنا حضرموت بهويتها ، وبمساحتها الواسعة من عدن إلى المهرة ، عيوننا ليست ضيقة ، وعزمنا مازال نحو وطن يستحق النضال ، يستحق البذل ، يستحق أن نكتبه فخراً ومجداً ، العنصرية لن تقيم دولة ، ولن تصنع حقيقة ، لا مكان لسحرة فرعون مع حضور عصا موسى .