وقد عاش اليمن لأكثر من ثلاثة عقود إبان حكم علي عبد الله صالح، وفق قاعدة التحالفات المؤقتة، التي تحكمها المصالح، فالحوثيون حلفاء اليوم، هم نفسهم أعداء الأمس والرياض التي وفرت له الملاذ الآمن والدعم لعقود باتت الآن عدوا.

وكانت قاعدة حكم صالح طيلة العقود الثلاثة تعتمد على مثلث بضلع ثابت واثنين متغيرين، يستعدي اثنان منها الثالث، وفي سنوات العداء مع الحوثيين كان الحليف هم الإخوان المسلمون، واستغل صالح البراغماتي ذات الصفة لدى حزبهم الإصلاح فكانوا يده الضاربة في حربه مع الحوثيين.

ويجمع صالح أضداد الأمس في حرب اليوم، فالإصلاح المنقسم بين معسكرين والحوثيين الذين وجد فيهم ضالته للعودة إلى حكم طرده منه الشارع، لكنه تحالف لا تضمن أطرافه وفاء بعضها البعض، فهو بني على مصالح لا مبادئ، وظروف طارئة، لا سياسة دائمة.

كان الضامن الوحيد لاستمرار الحلف هو استمرار الحرب، ويعلم الطرفان أنه إذا ما وضعت أوزارها وهي الآن تسير بهذا الاتجاه، فإن ما يفرق الحلفاء أكثر مما يجمعهم.

رهان صالح على الحوثيين المدعومين من إيران لا يعني بأي حال أنه يثق فيهم، وهو ذات الشعور لدى كل الأطراف التي تمتد إليها أيادي الحلف هذا.

ويبدو أن مباحثات جنيف في مرحلتها الأولى دقت أول مسمار في نعش العلاقة الحوثية بصالح، بل وحتى داخل البيت الحوثي الذي يعلم أن إيران الداعم الرئيس له لن تغامر كالسابق خاصة في دعمه، خاصة وهي تحاول كسب ثقة الغرب والسعودية في آن.

وهي ثقة إن تحققت ولو جزئيا فهي تعني أن الحوثيين باتوا في مهب الريح، وهنا السؤال الأهم ما الذي يجعل صالح بعد هذا يستمر في حلفه، وأين سيجد بديلا للحوثيين في بلد مل الحرب ومل طريقة إدارته للصراعات التي لطالما كان مبدؤها أكلت يوم أكل الثور الأبيض.

كثير من الحوثيين يدرك أبعاد هذه المعادلة، وباتوا مقتنعين أكثر من أي وقت مضى بأن حربهم خاسرة، ونتائجها مجيرة، وخاصة مع تصاعد وطأة الضربات التي تستهدفهم، قناعة تقسم المعسكر الحوثي وتهدد حلفه مع صالح، وكذلك وجوده كقوة سياسية يمنية على الأرض.