fbpx
احذروا الخطر القادم إلى الجنوب

نقف اليوم أمام مشهد معقد بل غاية في التعقيد, فالمتتبع لتطورات ما يعتمل اليوم في الجنوب يكتشف وبدون عناء إن محنتها التي ابتليت بها مؤخرا لا تنحصر في الثقافة المنحطة التي حاول المحتل غرسها بيننا, بل في شخصيات وتنظيمات وصل بعض قادتها إلى درجة من التشوه الفكري يصعب معه عودتهم إلى ما فطروا عليه, لذلك نراهم يمارسون أقبح ما نهى عنه ديننا الإسلامي الحنيف بتطبيق سياسة الهرج والمرج, أي إثارة البلبلة من خلال التلذذ بسرد المآسي ونبش جراح الماضي البغيض و تعميق الآلام، بالإيحاء في بداية الأمر ليتطور ويصبح ذلك مسلك علني لهم, كل ذلك بهدف إذكاء نار الفتنة بيننا بمحاولة خلق النعرات المناطقية بين الجنوبيين وبالتالي الدفع باتجاه تشكل صراع “جنوبي – جنوبي” في محاولة لهدم الانتصارات العظيمة التي حققها أبناء الجنوب ميدانيا, وهو ما يأتي على رأس أولويات نشاطهم الحالي.

في يناير 2006م, رفعنا راية, تعد قمة الأخلاق الإنسانية الرفيعة, وأهم فعل ثوري, فأعلنا التصالح والتسامح فيما بينا, وبذلك حولنا ذكرى مؤلمة إلى يوم فرح وهو الأمر الذي أثار حفيظة صنعاء بأحزابها حينها, أحزاب رغم إنها تضم جنوبيين بين صفوفها, إلا انه وللأسف لم نرى منهم سوى التعامل بخسة والعمل على كل ما ينكأ جراحنا ويمهد لفعل شيطاني كريه ضدنا, وفي اعتقادي ان ذلك نموذج حي على التردي الأخلاقي الذي تمكن منهم, وحقيقة ان هذا الوصف لا يعتبر وصفاً خاطئاً, بل صحيحا لمن يعيشون عزلة اجتماعية قاسية, وبالتالي يصح لنا القول بأن تلك الأحزاب ماهي إلا “مجموعة طواغيت” متنكرة رغم إدعائها و محاولة ارتدائها ثوب الثورة الجنوبية, أو بالأصح “تمحكها فيه”, مثلما ارتدت سابقا ثوب الثورة الشبابية اليمنية حتى تمكنت من سلبها من بين أيدي قادتها ومفجريها, وتمكنت بعد ذلك من حرف مسارها وكيّفتها وفق سياساتها.

لا سبب يدعو للشك في ما تقدم بل هي حقيقة وواقع نعيشه اليوم, لذا نقول, ان ثورة الجنوب لن تحقق هدفها وبالتالي تحقيق طموح هذا الشعب والإقلاع من الميدان الذي يراد لها أعدائها ان تتسمر فيه, لتحلق صوب التحرر والاستقلال ان لم نتصدى لمثل هذه التخرصات, نتصدى وبكل حزم لتلك النعرات القبلية منها والمناطقية والداعون إليها أو من يقف خلفها وتحصين الثورة بالتوعية لمخاطر تلك الدعوات لتستكمل أهدافها.

ختاما أقول: “فيما نحن نتقدم نحو التحرر الكامل, شعرنا بسلام وطمأنينة عادت لتسكن فينا مجددا, فلا نلوثها بتبني تفاهات تفقدنا صوابنا وبالتالي ثورتنا, فأعداؤنا كثر, و إمالة دفة الثورة الجنوبية، مسألة لا طاقة لنا باحتمالها ولا باحتمال آثارها السلبية المنظورة منها أو المستترة سواء على المدى القريب أو البعيد, لذا فنحن بحاجة للحد من كل ما يشدنا لغير هدفنا, أي أننا بحاجة لتعديل سلوكنا, طالما وانه لدينا واقعاً جنوبياً مقاوماً هو الأكثر إنصافاً، إن أجدنا إدارته بعيداً عن المرتزقة وبائعي الذمم, فالتصالح والتسامح الذي أعلناه ليس مجرد شعار رفعناه حينها, بل هو منهاج و نمط حياة, انه الدرب الذي لن نحيد عنه مطلقا”.