fbpx
تعز تنزف . . لكنها لن تموت!
    د. عيدروس نصر ناصر
قدر لتعز أن تتحمل هذا القدر من العذاب والحصار والتجويع والحرمان من أبسط شروط الحياة في حرب انتقامية من تعز وثقافتها وتاريخها ومدنيتها وسلميتها، وهي بذلك تخوض حربا بالنيابة عن دعاة المدنية والتقدم والتسامح والتعايش والاستقرار في شمال اليمن وجنوبه.
طوال تاريخها كانت تعز مدينة كل الناس،. . . يلوذ بها الهاربون من القمع، ويأوي إليهارالباحثون عن الرزق، ويلتجئ إليها من تضيق به السبل وينصرف إليها من يبحث عن الاستثمار وتنمية الرأسمال، ويذهب إليها من يبحث عن الثقافة والفكر والفن والتعليم، . . . تلك هي تعز التاريخية الراسخة في أذهان المؤرخين والمثقفين وهواة الشعر والفن والأدب والبيزنيس.
ومثلما أنجبت تعز (المدينة وأريافها) السياسيين والقادة العسكريين ورجال الأعمال، أنجبت كذلك المثقفين والمفكرين والأدباء والفنانين (الموسيقيين والتشكيليين والمسرحيين) وصنعت العلماء وكانت على الدوام عنوان التفوق والتألق والعطاء.
اليوم تخوض تعز الحرب نيابة عن كل الخيرين في شمال اليمن وجنوبه، تحاصر ويموت فيها الأطفال والنساء والعجزة،. .  تنعدم فيها شروط الحياة لكن قلبها الحي ينبض بالحياة ويقاوم الموت، . . . مؤلم ما تتعرض له تعز الأبية من حصار وتجويع وقتل بطيء لكل معاني الحياة فيها، لكن تعز التي تنزف تحت الحصار والقصف والقتل والتجويع، ما تزال تختزن الكثير من عناصر القوة والعزيمة والإصرار على الحياة وحتما كما في كل الحروب الظالمة عبر التاريخ سينهزم القتلة والمجرمون ومخترعو الحصار والابتزاز والساديون وستنتفض تعز كما كانت طوال التاريخ شامخةً أبيةً حيةً تأبى الموت  والاندثار والغياب مصرةً على الحياة والبقاء حاضرة في ميدان الإبداع والعطاء والتفوق.
__________________
*    رئيس مركز شمسان للدراسات والإعلام