fbpx
هل حان لجيل الشباب في الشمال أن يتمرّد؟!

كتب/ إياد الشعيبي – زيورخ
كما هو مُدرَك للجميع فمعظم الجيل القديم في الشمال ولد وتربى وتغذى وكبر على ثقافة الاستبداد والسيطرة والخضوع والتسيد والقهر ، الأمر الذي جعله يعكس هذا السلوك في إطار علاقته من الجنوب بل ويمارسها بأبشع صورها انطلاقا من تبريرات شتى ( دينية .. ثقافية .. جغرافية وعرقية ومادية) لذا فشلت كل أساليب التعايش مع الجنوب وظل الجنوبيون في حالة صراع مستمر مع الشمال ولد الكثير من الأحقاد والكره والحواجز المجتمعية دفع ثمنها الطرفان كثير من الضحايا المدنيين وحاضراً منهكاً بكل ما تعنيه الكلمة.
لكن ألا يعقل أن الجيل الجديد وأقصد جيل الشباب في الشمال لا يملك وعي إنساني ولا وعي أخلاقي ولا وعي ثقافي يجعله يراجع أخطاء وكوارث آبائه التاريخية بحق العلاقة مع جيرانه الجنوبيين ، ويتحرر من ثقافة الاحتباس للشيخ والعائلة والفندم والحزب والمذهب ويتجاوز ذلك إلى ثقافة التعايش والعولمة والديمقراطية والسمو بالذات الإنسانية بعيدا عن حسابات الآباء والأجداد!!!
إنني أوجه ندائي لشباب وشابات الشمال الذين – على الأقل تربوا في دول الخارج وانتهلوا بعض من ثقافات التعايش والسلام وكوّنوا بعضا من النخب التي تحاول مجاراة قيم الديمقراطية والحرية في العالم – بأن لا تكونوا عوناً سيئا ًومعول هدم لآبائكم يدفعون بكم نحو العداء والقطيعة التاريخية مع الجنوب.
إنّ المستقبل هو مستقبلكم أنتم وليس آبائكم ، فاعملوا لما قد يجعل بوادر الأمل مفتوحة الأبواب ويسد ثغرات الأخطاء التاريخية ويمنح علاقاتنا بكم موجة جديدة من التعايش الإنساني قبل أي شيء مهما اختلفت الأفكار السياسية والحدود الجغرافية بيننا ، فالإنسان بإنسانيته وحدة أخلاقية تمشي على الأرض.!
هل لديكم الجرأة لأن تصنعوا تاريخاَ ناصعاَ لطخه آبائكم بالسواد والدم؟ هل بإمكان بعضكم تجاوز حالة ضعف التأثير على الصعيد الشخصي والنخبوي تجاه العلاقة مع الجنوب؟ وهل بإمكان البعض الآخر الكف عن محاولات النفخ في ذات الأساليب المعتادة للالتفاف على الحلول وتبرير صناعة الكوارث مرة أخرى؟
بالله عليكم هل تعتقدون أنه من الذكاء والحكمة أن يخرج بعض منكم مسيئا للجنوب أو مقللاَ من مطالب شعبه أو ساخرا بتضحياته أو مبررا للفوضى والقتل والموت بحقه؟ ثم وبعد ذلك تصطفون مرحبين – لأنه أحسن الإساءة وأبرد غليل عدوى الآباء – تلمّعون له سيء القول حتى نظن بأنه لا ضمير لديكم ينتقد أو يحاسب أو يعترض أو ينصف إلا من رحم ربي.!
إلى شباب وشابات الشمال. إنّ من يهمّه مستقبلكم ومستقبلنا هم أنتم ونحن. فهل حان لكم أن تعلنوا بشجاعة أنكم متمردون على أسوأ ما أنتجته عقلية جيل الشمال القديم وتنجحون فيما أخفق فيه آبائكم لتكونوا أنتم ونحن أداوت لصناعة سلام بلا حدود ، لحدود دولتين تحتضنُ مستقبلا مشرقا يجمعنا؟؟ إني أأمل.
* ملاحظة: جيل الجنوب القديم لم يكن بعيدا عن كوارث ندفع ثمنها حتى اليوم وقد كتبت عنها كثيرا!