fbpx
الغام حزبية في الطريق إلى صنعاء

(نصر الحالمة) هو عنوان المرحلة العسكرية العريض في معركة تحرير اليمن ، وهي التحول الكبير الذي عرفه مسرح العمليات العسكري بعد أن استخدم التحالف العربي استراتيجية عسكرية مثيرة بعد أن تم دحر الحوثيين وحليفهم المخلوع صالح من مأرب والسيطرة على سدها التاريخي ، ففي حين توجهت الأنظار إلى محافظة الجوف تم استدراج المليشيات الحوثية إلى تخوم محافظة الضالع وتم بعدها بدأ عملية تحرير تعز مما اكد على عنصر المفاجأة العسكري وهو ما مكّن المقاومة الجنوبية من السيطرة على مديرية الوازعية مما يمهد الطريق إلى تعز .

تعز هي التي شهدت انطلاق ما سمي ( ثورة التغيير ) وهي المحافظة الأكثر كثافة سكانية في اليمن ، حالياً تعتبر ليست فقط طريقاً من الطرق التي ستؤدي إلى تحرير العاصمة صنعاء بل هي أيضاً ضرورة لأقصى تأمين للعاصمة الجنوبية عدن والتي تتخذ منها الحكومة الشرعية منطقة لإدارة المناطق المحررة ، هذه الأهمية تستوجب عملية حشد ضخمة لإتمامها كما تمثل تعز أيضاً أهمية أخرى لأنها تتطل على باب المندب .

استجابة المقاومة الجنوبية لدعم التحالف العربي برغم الحساسية الكبيرة في الموقف السياسي للمقاومة رفع حجم التكهنات بأن مسألة تحرير تعز باتت مسألة وقت قصير لا يتجاوز الأيام القليلة جداً ، ولكن الواقع الميداني على المسرح العسكري كشف النقاب عن الغام حزبية كبيرة تفوق ضخامتها تلكم الغام التي زرعها الحوثيين في طريق قوات التحالف العربي في لعدن ولحج والشريجة معاً .

موقف الأحزاب اليمنية بات لم يعد حالياً موقفاً يمكن السكوت عنه فالواجب الوطني الذي يجب أن يكون هو أن تتحمل هذه الأحزاب السياسية كامل مسؤولياتها التاريخية بأن تكون جزءاً حقيقياً من عملية تحرير اليمن بدلاً من انتظار التوقيت المرتقب للحصول على الحصة السياسية من السلطة ، وهذه هي السمة العامة للأحزاب اليمنية المتصارعة دائماً على اقتسام السلطة وتوزيع المناصب بينها وهو ما اعتادت عليه تلك الأحزاب منذ نشأتها على يد المخلوع علي عبدالله صالح .

فتحت تصريحات وزير الخارجية اليمني رياض ياسين التي انتقد فيها حزب الاصلاح وهو الذراع السياسي لحركة الاخوان المسلمين في اليمن الباب واسعاً أمام الجميع ليكشف حقيقة لطالما تجاوزها الكثيرين من المتابعين للشأن اليمني خشية من أن تجد انتهازاً من الخصوم ولكن لابد وأن توضع حد لتجاوزات لا تبحث في مقتضياتها لمصلحة اليمن ومستقبله بل تمس حقيقتها الأمن القومي العربي الذي تتقدم من أجله المملكة العربية السعودية في قيادة تحالف قدم أرواح ابناءه ثمناً من أجل المحافظة عليه من التدخلات الخارجية ومحاولة إيران اختطاف اليمن كاملاً .

حركة الاخوان المسلمين التي انكفأت منذ انطلاق عملية ” عاصفة الحزم ” احتاجت إلى عشرين يوماً حتى يخرج عبدالمجيد الزنداني ليطلب من كوادر الاخوان المسلمين المنتشرين على تراب اليمن بالنفير لمواجهة الانقلابيين غير أن هذا لم يحدث بل أن ما حدث هو صراع مسلح بين عناصر الموالين للمخلوع صالح والاخوان المسلمين في تعز وجد فيها الحوثيين كل المساحة الشاغرة ليسطيروا بالكامل على الجبال المطلة على المدينة التي لم يتوقف فيها الصراع بالرغم من أن التحالف العربي كان قد قدم الدعم النوعي واللوجستي للمقاومة الشعبية .

حزبي الاصلاح والمؤتمر الشعبي العام مازالا يشكلان ألغاماً حقيقية في مسيرة تحرير اليمن ، فالمؤتمر الشعبي العام انقسم على نفسه ولم يجرؤ أعضاءه المستقلين من الدعوة إلى مؤتمرهم العام لإسقاط المخلوع علي صالح من رئاسة المؤتمر وبقيت مواقفهم سلبية في دعم الشرعية السياسية التي تحتاج إلى اسقاط كامل الأغطية السياسية للمخلوع والتي يستخدمها في معركته الحالية ، كما هو حال حزب الاصلاح الذي لم يظهر إلا بعد تحرير مدينة عدن عندما بدأت المساعدات الانسانية والإغاثية تصل إليها وللمناطق المحررة فظهرت كوادر الاخوان المسلمين منتهزة هذه الفرصة في الاستفادة من هذه المساعدات وإظهار حزب الاصلاح في موقف الحاضر هنا .

من الواضح أن الاحزاب اليمنية السياسية لم تعي بعد أهمية المرحلة السياسية بل لم تستوعب الدرس من ما حصل فنتيجة الصراعات الحزبية هي التي أوصلت الحوثيين إلى صنعاء واسقطوها وهددوا بتصفية الرئيس ومحاولتهم إلغاء المبادرة الخليجية ، هذه الأحزاب التي تتربص سياسياً وتنتهز المساعدات الإنسانية تسعى للانقضاض مجدداً على السلطة والحكم دونما شعور وطني وقومي تجاه ما حصل ويحصل بسبب صراع طويل بدأ في شارع الحصبة في صنعاء بين شركاء السلطة عام 2011م وانتهى مع سقوط صنعاء ، ومع ذلك مازالت الأحزاب على ذات نهجها تحاول فقط الحصول على منافعها الذاتية دون النظر إلى مأساة شعب يعيش كامل البؤس والألم .