fbpx
أما من صخيرات جنوبية؟!

عيدروس نصر ناصر*

لا ادري لماذا انتابتني لحظة عاطفية شديدة وأنا أشاهد الفرقاء الليبيين يوقعون اتفاق الصخيرات المعروف والمنسوب إلى مدينة الصخيرات المغربية التي أمضى فيها السياسيون الليبيون قرابة العام وهم يتحاورون حول مستقبل ليبيا بينما كانت المواجهات المسلحة تشعل الداخل الليبي.
لقد شعرت بالدمع ينساب من عيني لأسباب لا أستطيع أن أجد لها تفسيرا حتى اللحظة، لكنني لا أخفي حزني على ضحايا الصراعات وعذابات الضحايا وحرمانات المواطنين من أبسط مقومات الحياة بسبب الحروب والانفلاتات والفوضي التي تنتجها الصراعات السياسية في أي مكان في العالم ناهيك عن الخيبات المتتالية التي ينتجها السياسيون الفاشلون فتخسر الشعوب بسببها أثمن الفرص وتضيع أجمل التطلعات
لقد نط إلى ذاكرتي سؤال بديهي لا بد أنه راود كل من يتابع سير الخط السياسي في الجنوب وهو : ما الذي يميز الليبيين عنا نحن الجنوبيين؟ ومتى تكون لدى الجنوبيين صخيراتهم الخاصة بهم، حولها يجتمعون وبها يتفقون ومن خلالها يتنازلون لبعضهم ومنها يتخذون مدخلا للخروج من الدائرة المغلقة التي وضعهم فيها قادتهم المفترضون؟
أعرف أن هناك من سيقول: لقد أمضى الليبيون سنوات يتحاورون ويتناوعون ويقتتلون قبل أن يصلوا إلى هذه اللحظة، وهناك من سيقول إن الكثير من القوى السياسية الليبية لم توافق على بعد اتفاق الصخيرات، كما قد يقول قائل: إن الليبيين ليس لديهم ما لدى الجنوبيين من مشاكل وتعقيدات ومخلفات صراعات سابقة.
ربما يكون في هذه الحجج بعض من الصحة لكن الصحيح أيضا أن الثورة الجنوبية قد مضى عليها ما يقارب العقد منذ الانطلاق بينما لم تقترب المكونات السياسية من بعضها مترا واحد إن لم تكن تبتعد عن بعضها كيلومترات في كل يوم ، في حين تعيش الجماهير نفس الهاجس ونفس الهم وتطرح نفس الهدف وترفع نفس الشعار مما يعني أن الخلل ليس في المواطنين ولا في التعقيدات والمهام بل في عقول السياسيين الذين لم يتعلموا من التاريخ وما يزال بعضهم يضع نفسه وأهواءه فوق تطلعات المواطنين وحقوقهم الطبيعية البديهية.
إن الوضع في الجنوب يفترض أنه أقل تعقيدا منه في ليبيا فلدى اللبيبيين سلطة يتنازعون عليها ولديهم ملايين براميل النفط التي تنتجها حقول النفط الليبية ولديهم تأثير القوى المجاورة والدولية، ومع كل ذلك تفوقوا على أنفسهم وعلى صغائرهم (كما قال أحدهم بالأمس) وذوبوا خلافاتهم وتنازلوا من أجل ليبيا الكبيرة بدلا من تبني ليبيات صغيرة تتناثر بين الأهواء والأمزجة السياسية.
فمتى يفيق الجنوبيون من متاهة العيش في الماضي وتصفية حساباته ويذهبون باتجاه المستقبل؟ متى يضع الجنوبيون الماضي وراءهم ويتجهون نحو مستقبل أقل تنازعا وبؤسا وأنانية وأكثر استقرارا ونهوضا وارتقاء بالإنسان وكرامته وحريته ومعيشته؟ متى يرتقون بوطنهم فوق ذواتهم وبواجبهم فوق نزواتهم وبمسؤولياتهم فوق مصالحهم الضيقة الشخصية والسلالية والفئوية؟
متى يجيب الجنوبيون على السؤال المحوري: لماذا نفشل حيث ينجح الآخرون؟ ولماذا يحالف الفلاح سوانا ويخذلنا ؟ ولماذا ينتصر سوانا وهم أقل أحقية ونفشل نحن ونحن أصحاب القضية العادلة والواضحة لكل ذي عينين؟
_________________
* رئيس مركز شمسان للدراسات والإعلام