fbpx
«داعش» مشكلة سعودية أيضًا

الذين لا يقرأون ما يكتبه فلاسفة «داعش» وقياداتها، ولا يشاهدون كل ما يطلقه التنظيم من فيديوهات، ويكتفون بقراءة التحليلات البسيطة، قد لا يدرون أن هذا التنظيم المخيف له أعداء كثر، وأن السعودية تحتل المرتبة الأولى.

«داعش» لديه قائمة طويلة من الأعداء في أنحاء العالم، مثل الولايات المتحدة، وحديثًا روسيا، وكذلك الحكومات الأوروبية، ومصر والعراق والأردن، وبالطبع يقاتل النظام السوري والمعارضة السورية على حد سواء.

ومنذ عامين نشط التنظيم في بث دعاية قوية ضد السعودية، وأصدر مجموعة من الخطب العدائية والعظات الدينية التكفيرية للحكومة، وألف الكثير من القصائد والأناشيد التحريضية، كانت أشهرها «يا عاصب الرأس وينك» باللهجة السعودية، تحث على التمرد عليها. وبين صفوف «داعش» عدد كبير من المقاتلين السعوديين، اختلفت التقديرات حول عددهم، ويشكلون هاجسًا دائمًا للحكومة السعودية، بأنهم قد يتسللون عائدين من العراق وسوريا لتنفيذ مشروع التنظيم الذي يعتبر السعودية أحد أهم أهدافه.

والأمر نفسه، ينطبق على التنظيم الإرهابي الثاني «جبهة النصرة»، الذي يحاول أن يقدم نفسه كمعارضة معادية فقط لنظام بشار الأسد، ولا يحمل بعد مشروعًا ضد دول المنطقة الأخرى، مثل السعودية.

الحقيقة، نحن ندرك أنه امتداد لتنظيم القاعدة الأم، وسبق أن جاهر بالولاء له.

ومع أنه ينافس «داعش» ويقاتله، إلا أنه يشابهه في أهدافه، بإقامة نظام يكفر العالم ويحارب من أجل تطهيره، وما سوريا إلا مجرد معسكر لأرض «الجهاد» الواسعة. وسبق لمقاتليه، من سعوديين وغيرهم، أن خصوا السعودية بالتهديد والوعيد.

وهذا ما يجعلنا دائمًا نشكك في أهداف من يدعم هذا التنظيم من حكومات إقليمية، لأنها فعليا تمول جماعة مشروعها الأكبر الهجوم على السعودية، التي تمثل للإرهابيين أرض الميعاد، ومنطلق المشروعية.

في سوريا، يلتقي الإرهابيون، كقاعدة تجمع وتدريب وانطلاق، مثلما كانت أفغانستان، على أرضها تتم صياغة فكرة الدولة، والترويج لشرعيتها، وتجنيد أكبر عدد ممكن من المقاتلين للانطلاق إلى ما وراء حدودها.

وقد غرر التنظيمان بكثير من الناس في البداية، على أنهما تأسسا لمقاتلة نظامين طائفيين ظالمين في كل من العراق وسوريا، مستغلين عواطف الناس المتألمة الغاضبة من المجازر المروعة التي يرتكبها النظامان والمحسوبون عليهما ضد المواطنين العزل، كما فعلت «القاعدة» في العقد الماضي في استغلال دعوات الاستغاثة في أفغانستان والعراق. إلا أن الجرائم التي ارتكبها التنظيمان الإرهابيان، في سوريا والعراق، خلقت رأيًا عامًا واسعًا كارهًا، بين العرب والمسلمين، لـ«داعش» وكذلك «النصرة»، في زمن أسرع مما واجهته «القاعدة» من قبل، التي تمتعت بدعاية إعلامية ودينية مدافعة عنها.

حتى إن المتعاطفين مع التنظيمين، لا يجرأون في السعودية على التعبير عن رأيهم، ومن يفعل يتعرض للشتم، وفي حالات قام المصلون بطرد داعية تجرأ بعد الصلاة وأثنى على «داعش» في أحد المساجد السعودية. كما أن هناك وعيًا، عند الذين ظلوا لفترة يصدقون مزاعم أن الجماعات المسلحة في غرب العراق واحدة، قوى وطنية عراقية ثارت على الظلم والطائفية. صاروا اليوم يميزون بينها، كما يفرقون بين الجماعات الوطنية المنتفضة والتنظيمات الإرهابية التي تسهل الفوضى في سوريا.

في العراق، لبس تنظيم داعش جُلُودًا مختلفة، مدعيًا تارة أنه معارضة من قوى عشائرية، ومرة يصور مع جماعات بعثية، وثالثة زعم أنه جيش مختلط تحت قيادة النقشبندية. في الحقيقة «داعش» هو القوة الأكبر والأخطر في العراق، واكتشف كثيرون حقيقة أمره بعد أن احتل الموصل، وعددًا من مدن الأنبار، وهو اليوم لا يهدد بغداد فقط بل حدود السعودية كذلك.

 
* نقلاً عن “الشرق الأوسط”