fbpx
أين الجنوب من جنيف2..؟

تتسارع الخطوات نحو جنيف ٢ الذي اقترب من أن يغدو حقيقة لا مناص منها، لكن الأسئلة المنتصبة أمام هذا الحدث لا تقتصر على ما إذا كان سينعقد أم لا، فانعقاده قد لا يكون ذا قيمة إذا ما بقي الطرفان متشبثين كل بمواقفه، وأخص هنا تحالف (الحوثي – صالح) الذي يصر ممثلوه على تمسكهم بالنقاط السبع التي صنعوها وروجوها ونشروها وحاولوا إقناع الناس بأنها البديل لقرار مجلس الأمن ٢٢١٦ وبقية قرارات الأمم المتحدة بشأن اليمن.
السؤال الأكبر هو أين الجنوب مما قد يدور في جنيف، والمقصود بالجنوب ليس الحاضرين من أبناء الجنوب بل السؤال هو: أين الثورة الجنوبية التي انطلقت قبل المبادرة الخليجية بأربع سنوات وقبل انقلاب الحوثين وصالح بثمان سنوات؟ أين الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية الذان حررا الجنوب من الاجتياح الحوثي بعد أن فشل كل السياسيين الذين يتسابقون اليوم على المناصب والمراتب وعضويات الوفود المتنقلة هنا وهناك؟ والأهم من كل هذا أين موقع القضية الجنوبية مما سيدور في جنيف ؟ هل سيكتفي المتحاورون برشوة الجنوبيين بحكاية الإقليمين أو حتى الفيدرالية الثنائية الخالية من أي معالم؟ أم سيلتقط المتحاورون الفرصة التاريخية التي صنعتها لهم المقاومة الجنوبية الباسلة ليعيدوا الحق إلى نصابه ويستجيبوا لمطالب الشعب الجنوبي في تقرير مصيره بعيدا عن الوصاية والاستحواذ ومصادرة الحق في اتخاذ القرار وبعيدا عن الخدع البصرية والألعاب السحرية التي يمارسها البعض مع الجنوب والجنوبيين؟
لست متفائلا كثيرا بما سيتمخض عنه جبل جنيف ، وسبب عدم التفاؤل يكمن في إن تحالف الحوافش ما يزال يعتقد أنه قد اكتسب الشرعية من خلال الانقلاب ومصادرة الدولة، واستخدام هذا للتحكم في سيرورة الحياة السياسية القادمة في اليمن بحيث ينتقل القتلة والمجرمون ومن نسفوا المدارس والمستشفيات وقتلوا الأطفال والنساء، ينتقلون من مجرمين مطلوبين للعدالة المحلية والدولية إلى سياسيين (محترمين) يشاركون في إدارة البلد وتذهب أرواح الشهداء ودماء الضحايا وجراح الموجوعين أدراج الرياح ونعود إلى نقطة الصفر التي كنا عندها بعيد العمل بالمبادرة الخليجية (الكارثة) التي أوصلت الجميع إلى هذا المأزق التاريخي، لندشن السير نحو مأزق تاريخي جيديد يجري رسم ملامحه في جنيف٢.
لكن السبب الأكبر لعدم التفاؤل هو الغياب الكلي للجنوب، كقضية وكممثلين، من كل العملية المزمع إجراؤها في جنيف، فمجرد إلقاء نظرة على قائمة الأسماء التي يراد لها أن تمثل الجنوب، يكشف أن أغلب أصحاب هذه الأسماء هم من إبطال حرب ١٩٩٤م ممن هللوا لسقوط الجنوب وبرروا عمليات السلب والنهب والاحتواء التي تعرض لها تحت مبرر “الوحدة المعمدة بالدم” وما باقي الأسماء إلا نكرات جرت صناعتها على عجل بعد أن انسحب الحراك الجنوبي من مؤتمر حوار صنعاء، وأقصد هنا الحراك المشارك، الذي لم يتبقى من ممثليه إلا “طالبين الله” كما يقول العامة، أما الحراك الحقيقي فالرئيس يعرفه وأصحاب مطلع يعرفونه، ودول الجوار تعرفه ومعارك الضالع وعتق والحوطة والعند والعريش والمنصورة والبساتين والمعلى والتواهي وكريتر وخور مكسر تعرفه حق المعرفه ، لكن كل هؤلاء يتصنعون عدم درايتهم بهذه القوة التي هزمت كل العسكريين والسياسيين ببعض الأسلحة الخفيفة ولكن بالإرادة والعزيمة الحديديتين.
قد يتفق المتحاورون في جنيف ٢ لكن الاتفاق لن يكون إلا من أجل وأد الانتصار الجنوبي واقتسام ثماره، لكن الجنوبيين يعرفون طريقهم فهم اليوم أكثر قوة وأعلى مكانة وأشد وعيا مما يخططه لهم الناهبون والسالبون والنتفعون “وطالبين الله”
___________________
* رئيس مركز شمسان للدراسات والإعلام