fbpx
” يافع نيوز ” ينفرد بنشر القراءة التحليلية الكاملة للدكتور سعودي علي عبيد (الحرب اليمنية الرابعة على الجنوب في ربيع 2015م )
شارك الخبر

 

الحرب اليمنية الرابعة على الجنوب في ربيع 2015م“حرب تأكيد واستمرار الاحتلال اليمني لذاته على الجنوب”

 

يافع نيوز – إعداد – الدكتور :  سعودي علي عبيد

ينشر ” يافع نيوز ” قراءة تحليلة دقيقة، في خلفيات الحرب التي شنتها مليشيات العدوان الشمالية ممثلة بمليشيات علي عبدالله صالح والحوثيين، على الجنوب .

ويصف الدكتور – سعودي علي عبيد – في قراءته للحرب الاخيرة، بانها ( الحرب الرابعة على الجنوب) وانها ( حرب تأكيد واستمرار الاحتلال اليمني لذاته على الجنوب )

تفاصيل ما جاء في القراءة التحليلة المهمة التي ينفرد ” يافع نيوز ” بنشرها كالتالي :

الدكتور سعودي علي عبيد

الدكتور سعودي علي عبيد

    المقدمة:

أولاً: مقدمات الحرب.

  1. استقواء الحركة الحوثية.
  2. ضعف سلطة الدولة.
  3. تعاظم تأثير الحراك الجنوبي المطالب باستعادة دولة الجنوب.

ثانياً: عوامل وأسباب انفجار الحرب.

  1. عوامل وأسباب غير مباشرة.
  2. عوامل وأسباب مباشرة أو حقيقية.

ثالثا: القوى المشاركة في الحرب.

رابعاً: سير مجريات الحرب.

  1. بدء الحرب.
  2. الأماكن التي جرت فيها الحرب.
  3. الأسلحة المستخدمة.
  4. سير مجريات الحرب.ٍ

خامساً: نتائج الحرب.

 

المقدمة :

 في أسباب تسمية هذه الحرب، بالحرب اليمنية الرابعة على الجنوب (ربيع).

  1. كانت الحرب اليمنية الأولى على الجنوب، قد نشبت في عام 1972م، أما الحرب الثانية فكانت في عام 1979م، وكانت الحرب الثالثة في صيف عام 1994م. وهذه هي الحرب الرابعة التي بدأت في أواخر مارس 2015م، أي في ربيع 2015م.
  2. ٍكلُّ هذه الحروب بدأت بعدوان السلطات اليمنية على الجنوب بذرائع وأسباب مختلفة، فأحيانا حرب مقدسة، وأحيانا لتوحيد اليمن، أو إعادة توحيد اليمن، وأحيانا للدفاع عن الوحدة وترسيخها.
  3. كلُّ هذه الحروب جرى نقلها إلى داخل الجنوب، ودارتْ في أراضيه.
  4. كلُّ هذه الحروب جرتْ بهدف الاستيلاء على أرض وثروات الجنوب، أو للحفاظ على هذه الأرض والثروة بعد الاستيلاء عليها ونهبها.
  5. أما الحرب الأخيرة (ربيع 2015)، فإن هدفها هو تأكيد هذا الاحتلال، واستمراره على أرض الجنوب، وبالتالي استمرار نهب أرض وثروات الجنوب.

أولا: مقدمات الحرب

    توجد مجموعة من المقدمات التي مهدتْ لهذه الحرب، يمكننا حصرها في الآتي:

  1. 1. استقواء الحركة الحوثية:

برزتْ الحركة الحوثية ذات المنشأ المذهبي الزيدي، كقوة سياسية وعسكرية مؤثرة بفعل عددٍ من العوامل، ساعدتها على التمدد خارج موطنها الأصلي صعدة.

أ. شكلتْ مرحلة تكوين منظمة “الشباب المؤمن” في صعدة، أهم المراحل في تنظيم الحركة الحوثية. فقد ساعدت على توفير المورد البشري للحركة.

ب. عملتْ الحروب الستة – التي خاضتها الحركة الحوثية مع السلطة – على تقوية وترسيخ الحركة الحوثية في صعدة، كما جعلت منها حالة تهديد للمناطق القبلية المجاورة لها، مثل الجوف وعمران وغيرها، وذلك بفعل تحولها إلى قوة عسكرية، وبفضل ما استولت عليه من مقدرات عسكرية متنوعة، ثقيلة وخفيفة. وبفعل هذه المكنة العسكرية،ٍ استطاعت الحركة الحوثية لاحقا من تصفية خصومها، كما حدث عند تمدد الحركة خارج بيئتها الطبيعية (صعده) في عمران، وعندما عملت على تصفية السلفيين في دماج.

ج. ومن الناحية السياسية، فقد تمكنت الحركة الحوثية من تسويق نفسها كحركة سياسية بفعل مساهمتها القوية في أحداث فبراير 2011م، التي حدثت ضد نظام علي عبد الله صالح، والتي انتهت بخروجه من الحكم لصالح نائبه عبد ربه منصور. وقد تجلتْ مساهمة الحركة الحوثية في هذه الأحداث – أو فيما لحقها من أحداث – من خلال حركة “أنصار الله،” باعتبارها المعبِّر السياسي عن الحركة الحوثية.images

د. استكملت الحركة الحوثية قوتها من خلال مجموعة من الأحداث التالية المتلاحقة مثل: خروجها من معقلها (صعدة)، وسيطرتها على صنعاء العاصمة في 21 يناير 2015م، وتنظيم احتفالات ومظاهرات ومهرجانات حاشدة شبه يومية في صنعاء، وقد توَّجت ذلك من خلال إعلان المواجهة المباشرة مع السلطة، وذلك من خلال الاحتشاد الجماهيري الكبير في العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014م، مسجلةً من هذا اليوم يوم ثورة جديدة لما أسمته لـ “الشعب اليمني العظيم”. وقد رفعتْ الحركة في هذا اليوم أو الحدث ثلاثة مطالب، أكدتْ على ضرورة تنفيذها. وقد هددت الحركة الحوثية أو أنصار الله، بالذهاب إلى اتخاذ إجراءات أخرى، إذا لم تنفذ السلطة هذه المطالب. وكانت تلك المطالب هي:

  1. إسقاط الجرعة الاقتصادية التي أعلنتها حكومة الوفاق، الخاصة برفع دعم المشتقات النفطية.
  2. إسقاط حكومة الوفاق.
  3. الإسراع في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل.

ومن المؤسف أن الأمور سارت فيما بعد في اتجاه دراماتيكي، يمكننا التعرف عليها لاحقا.

  1. ضعف سلطة الدولة.

يمكننا القول بأن ضعف سلطة الدولة قد بدأ في ظل حكم علي عبد الله صالح، بل ويمكننا التأكيد كذلك بأنه – أي علي عبد الله صالح – قد تخصص في الأساس في إضعاف سلطة الدولة من أجل إدامة حكمه لمدة طويلة. ولئن الخوض في هذه الحالة لا تقع ضمن مهمة موضوعنا هذا، إلا أنه يمكننا التأكيد بأنه ومن أجل إضعاف سلطة الدولة وإدامة حكمه، فقد عمل علي عبد الله صالح على سلوك مجموعة من الإجراءات والتدابير لبلوغ أٍهدافه.

أما هذه الإجراءات والتدابير فقد تمثلت في:

_ توزيع مفاصل السلطة المدنية والعسكرية على أفراد ذوي علاقة قرابة برأس الدولة، أو أفراد لهم علاقة مشتركة به.

_ العمل على مركزة كل شيء بشخص علي عبد الله صالح.

_ استخدام الرشاوى لشراء ذمم وضمائر المسئولين.

_ شخصنة مؤسسات الدولة.

_ قتل المبادرات الذاتية.

_ تكريس حكم الفرد، وشمولية النظام السياسي.

وقد ظهرت هشاشة سلطة الدولة وضعفها بكل جلاء، عند تسليم مقاليد السلطة من علي عبد الله صالح إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، وذلك وفق بنود المبادرة الخليجية، التي وضِعتْ كحل بين سلطة علي عبد الله صالح ومعارضيه عام 2011م.

وقد عبَّر عبد ربه منصور هادي عن هذا الواقع في لحظة لاحقة، عندما قال: بأنه قد تسلَّم دولةً محطمةً وجيشاً غير وطني. وفي تعبير آخر له، بأنه لم يتسلم من علي عبد الله صالح سوى العَلَم(الراية). وقد كان صادقاً في ذلك. ولكن السؤال الأساسي هو: لماذا أقدم هو على ذلك، برغم علمه بهذه الحقيقة المرة.

وفي مقابل هشاشة وضعف الدولة، بدتْ الحركة الحوثية وأنصار الله قوية ومتماسكة. وانطلاقا من هذا البون الشاسع بين الحالتين، استطاعت الحركة الحوثية وأنصار الله من فرض إرادتها وهيمنتها على ما تبقى من سلطة الدولة، ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي. بمعنى أنه لم يتبقى من الدولة سوى شخصية أو تسمية رئيس الدولة، وماعدا ذلك صار موزعا بين جهات متعددة. فعلي عبد الله صالح له السيطرة الفعلية على مؤسسة الجيش والأمن والاستخبارات، والكثير من مؤسسات الدولة المدنية، ومنذ 21 سبتمبر 2014م صارت الحركة الحوثية (أنصار الله) متمسكة بالشرعية الثورية، التي صارت بمثابة السيف المسلط بيد الحركة في وجه ما تبقى من سلطة الدولة، وهو عبد ربه منصور هادي وحكومة الكفاءات، التي شكَّلتْ وفق رغبة أنصار الله.

وزيادة في استئثار الحركة وأنصار الله بالسلطة، قامتْ بفرض رؤيتها بصدد الشراكة في الحكم، وذلك من خلال صياغتها لاتفاقية السلم والشراكة، التي صارتْ بمثابة الحلقة الثالثة إلى جانب اتفاقية الرياض (2014) م ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل(2014)، الذي على أساسها تدار ما تبقى من كيان الدولة.

وبرغم ما تحقق للحركة الحوثية وأنصار الله بفعل مجمل الخطوات المذكورة آنفا، إلا أنها لم تكتفِ بذلك، فطالبتْ بتعيين نائباً للرئيس. وقد شعر هادي بأنَّ  نهايته قد أزفت إذا قبل بذلك. وعليه، لم يوافق على ذلك. ولذا قررت الحركة استكمال قضم ما تبقى للدولة من سلطات، وأهمها إسقاط رأس الدولة عبد ربه منصور هادي وحكومة الكفاءات برئاسة المهندس خالد محفوظ بحاح.

ومن أجل تنفيذ هذه المهمة، أقدمت الحركة الحوثية وأنصار الله على خطوتين: الأولى تمثلتْ في احتجاز عبد ربه منصور هادي مع أقرب معاونيه، وكذا رئيس الحكومة (بحاح) مع بعض أعضاء حكومته من الجنوبيين، ووضعهم تحت الإقامة الجبرية في المجمع الرئاسي بصنعاء. ومن المؤكد بأن الهدف من هذه الخطوة، كانت خشية الحركة من تواصل عبد ربه منصور وحكومته مع المجتمعين الدولي والإقليمي.

أما الخطوة الأخرى، فكانت هي “الإعلان الدستوري”، وتشكيل “اللجنة الثورية العليا” في 16 فبراير 2015م. وتهدف هذه الخطوة إلى استكمال ما أسمته الحركة الحوثية بثورة 11 سبتمبر 2014، وإنهاء ما تبقى من سلطة عبد ربه منصور هادي. وجميعنا قد تابع ما آلت إليه الأمور بشكل دراماتيكي  من هروب أو تهريب لعبد ربه منصور هادي من صنعاء إلى عدن في 21 فبراير 2015م، ومن ثم من عدن باتجاه الرياض في 25 مارس 2015م، وهو ما سوف نتحدث عنه لاحقا.

  1. تعاظم تأثير الحراك الجنوبي، المطالب باستعادة دولة الجنوب.

من المؤكد بأننا لسنا هنا بصدد بحث تاريخ الحراك الجنوبي، وتطور مسيرته منذ نشوئه حتى لحظة  انفجار الأحداث الأخيرة، التي نحن بصدد الحديث عنها الآن. إلا أنه من الأهمية بمكان، تلخيص الحالة الإجمالية التي وصل إليها الحراك الجنوبي حتى هذه اللحظة. وفي ضوء ذلك، يمكننا تلخيص ذلك على النحو الآتي:

  1. من حيث الاتساع والتأثير، فإن الحراك الجنوبي – بمختلف مكوناته – قد شمل تواجده في مختلف مناطق الجنوب.
  2. بدأ الحراك الجنوبي سلميا وبقى سلميا، رغم ما تعرض له من حملات قمع وتنكيل من قبل قوات الاحتلال اليمني. وقد قدم نتيجة ذلك الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين، كما تم تدمير الكثير من المنازل على رؤوس ساكنيها في العديد من مناطق الجنوب، وخاصة في الضالع وردفان.
  3. رغم التعتيم الإعلامي من جانب الإعلام العربي والأجنبي، إلا أن الحراك الجنوبي استطاع أن يوصل قضية الجنوب إلى المدى المعقول والممكن خارج نطاق الجنوب، وقد أدتْ قناة (عدن لايف) دوراً هاما في هذا السياق، ناهيك عن مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
  4. واستدراكا لإغفال المبادرة الخليجية (2012) للقضية الجنوبية، فقد حاولت سلطة صنعاء تلافي هذا الخطأ الفادح من خلال إدراج هذه القضية ضمن أعمال ومناقشات “مؤتمر الحوار الوطني الشامل”، الذي استكمل أعماله في أكتوبر 2014م بصياغة مخرجاته. إلا أن الملفت للانتباه، أن العناصر التي شاركت في ذلك المؤتمر باعتبارها ممثلة للحراك الجنوبي، كانت قد جلبت للمشاركة في ذلك المؤتمر من خارج مكونات الحراك الفاعلة. وفي المقابل فقد تجاهلت مخرجات ذلك المؤتمر، وضع أية معالجات حقيقية للقضية الجنوبية. وأفضل ما توصلت له هو تقسيم الجنوب إلى إقليمين، وهو ما يعني الذهاب بعيدا في تقسيم الجنوب تاريخا وهوية.
  5. في الوقت الذي اتسم فيه موقف علي عبد الله صالح وسلطته بالعداء السافر لشعب الجنوب، ورافضا بشكل قطعي لعدالة قضيته، فقد اتسم موقف الحركة الحوثية وأنصار الله من قضية الجنوب بالتذبذب والمراوغة، وعدم الوضوح والتراجع، وأخيرا النيل منها.

ويمكننا تلخيص موقف الحركة الحوثية وأنصار الله من القضية الجنوبية على النحو التالي:

  1. فمن حيث تذبذب موقفهم، فإنه قد أخذ خطاً متعرجا بين التأييد القوي للقضية الجنوبية من حيث عدالتها، ثم انتقل إلى التأييد الحذر لها، حتى وصل إلى التنكر لها.
  2. ومن حيت المراوغة، فإن موقفهم قد اتسم بفقدانه للصدق الواضح، بمعنى أنه لم يوصل رسالة واضحة إلى شعب الجنوب، تأكد حقيقة موقفهم من عدالة قضيته.
  3. ومن حيث عدم الوضوح، فإن موقفهم لم يتسم بالوضوح التام، من حيث هل هم مع انتصار شعب الجنوب لقضيته وفق إرادته في استعادة دولته كما يريدها، أم هم ضد هذه الإرادة؟
  4. ومن حيث التراجع، فإن موقفهم تجاه القضية الجنوبية قد شهد تراجعا مروعا من تأييد – وان كان متذبذبا أو مراوغا – إلى موقف عدائي، وهو ما سوف نوضحه.
  5. أما من حيث النيل من القضية الجنوبية وعدالتها، فهو الموقف الحقيقي الذي كانت الحركة الحوثية قد اخفت خلفه كل مواقفها السابقة التي ذكرناها آنفا. أو بالأصح هو موقفها الحقيقي، الذي أخفته حتى حينه. وهنا نجد أن موقف الحركة الحوثية قد تقاطع مع موقف نظام علي عبد الله صالح، الذي تعرفنا عليه سابقا من قضية الجنوب.

ثانيا: أسباب وعوامل انفجار الحرب   

من الأهمية بمكان التأكد، بأنه لا يمكن الفصل بين أسباب نشوب أي حرب من ناحية، والقوى المشاركة في هذه الحرب من ناحية أخرى، إلا أنه انسجاما مع تبويب هذه الدراسة، يتحتم علينا الحديث أولا عن أسباب نشوب هذه الحرب.

وفيما يخص هذه الأسباب، يمكننا التطرق إلى نوعين من الأسباب: أسباب غير مباشرة أو ذرائعية، وأسباب حقيقية أو مباشرة. وسنحاول أن نذكر هذه الأسباب بنوعيها، دون التطرق إلى علاقتها بتلك القوى المشاركة في هذه الحرب. أي أننا سنؤجل الحديث عن هذه العلاقة حتى يأتي الحديث عن القوى المشاركة في هذه الحرب.

أولا: الأسباب غير المباشرة:

  1. الدفاع عن الشرعية في الاتجاهين: الشرعية الثورية، والشرعية المعترف بها إقليميا ودوليا.
  2. الدفاع عن الشعب اليمني، وحماية الوطن.
  3. محاربة داعش والتكفيريين وتنظيم القاعدة في الجنوب.
  4. محاربة الطائفية والمذهبية والخوارج في الشمال.
  5. محاربة الانقلابين المكون من مليشيات الحركة الحوثية وأتباع علي عبد الله صالح.
  6. الأسباب الحقيقية أو المباشرة:

يمكننا تلخيص هذه الأسباب في الآتي:

  1. تخليص عبد ربه منصور هادي ومعاونيه من الحجز، ومساعدته على الخروج من عدن إلى الرياض.
  2. تقوية تواجد الأجهزة اليمنية: العسكرية والأمنية والإدارية في الجنوب بشكل عام، وعدن عاصمة الجنوب على وجه الخصوص، واستباق أية خطوات قد يقدم عليها الجنوبيون باتجاه تحقيق هدفهم المتمثل في استعادة دولتهم.
  3. التمسك بأبدية “الوحدة اليمنية” وفق شعار ” الوحدة أو الموت”، الذي يعني أساسا استمرار احتلال الجنوب بهدف نهب أراضيه وثروته.
  4. تدمير القوة العسكرية للجيش اليمني، وجعلها خارج الجاهزية العسكرية بشكل كلي.
  5. إبعاد تأثير إيران من المنطقة، واستبداله بدول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة المملكة العربية السعودية.
  6. إخراج الحركة الحوثية وعلي عبد الله صالح من المعادلة السياسية كلية، أو إضعافهما على أقل تقدير.
  7. محاولة الجنوبيين الدفع بمشروعهم السياسي، المتمثل في استعادة دولتهم خطوات إلى الأمام.
  8. استخدام القوة العسكرية المخزونة لدى الدول الخليجية، وخاصة المملكة العربية السعودية التي لم يتم تجريبها في أية حرب.
  9. تدمير القدرات العسكرية للجيش اليمني، ومخزوناته من الأسلحة بمختلف أنواعها.

ثالثا: القوى المشاركة في هذه الحرب

وبالعلاقة مع تعدد عوامل أو دوافع نشوب هذه الحرب المباشرة وغير المباشرة، فقد تعددت بالمقابل القوى المشاركة في هذه الحرب. كما يمكن أن نرى أهدافا متعددة نظرا لتعدد هذه القوى.

ويمكننا حصر هذه القوى على النحو التالي:

أولا: في الطرف الأول.

  1. المقاومة الجنوبية المرتبطة بمختلف مكونات الحراك الجنوبي، صاحبة مشروع “التحرير والاستقلال واستعادة دول الجنوب”.
  2. بعض القيادات العسكرية الجنوبية.
  3. دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية.
  4. حزب التجمع اليمني للإصلاح.
  5. السلفيون (الوهابيون).
  6. تنظيم القاعدة.

ثانيا: في الطرف الأخر:

  1. الجيش اليمني.
  2. علي عبد الله صالح وأتباعه.
  3. الحركة الحوثية (أنصار الله).
  4. القوى القبلية.

وبالنظر إلى تعدد تركيبة  كل طرف من هذين الطرفين، إلا أنه يمكن التفريق بين طرف محوري وأساسي، وآخر ثانوي أو مساعد في تركيبة كل طرف من الطرفين الرئيسيين. ففي الطرف الأول، يمكننا القول بأن المقاومة الجنوبية وقوات التحالف العربي قد مثلا الطرف المحوري في الطرف الأول، بينما الجيش اليمني بمختلف مكوناته، الذي ما زال يأتمر بأوامر (صالح)، قد مثلا الطرف المحوري للطرف الآخر.

رابعا: سير مجريات الحرب

وفي هذا السياق، يمكننا الحديث عن الخطوات التالية:

  1. بدء الحرب.
  2. الأماكن التي جرت فيها الحرب.
  3. الأسلحة المستخدمة.
  4. سير مجريات الحرب.
  5. بدء الحرب:

متى بدأت الحرب؟ هل بدأت في اللحظة التي جرى فيها احتجاز عبد ربه منصور هادي، وطاقم حكومته في مقر رئاسة الجمهورية بصنعاء في 21 يناير 2015م؟ أم بدأت في اللحظة التي تمَّ فيها تفجير الوضع من قبل قيادة الأمن المركزي في عدن في 19 مارس 2015م، واجتياح الجيش اليمني لأراضي الجنوب في مناطق متعددة، كما سنوضح ذلك لاحقا؟

إنَّ الإجابة على هذا السؤال، له علاقة بمضمون اللحظتين المذكورتين، والهدف المرتبط بكل لحظة من اللحظتين المذكورتين.

في اللحظة الأولى، التي تمَّ فيها احتجاز عبد ربه منصور هادي  وطاقم حكومته، كان الهدف منها تقييد حريته، وعدم السماح له من الانتقال إلى عدن لاستخدامها عاصمة مؤقتة بدلا عن صنعاء. أما مضمونها فيكمن في استكمال إجراءات الحركة الحوثية في السيطرة على السلطة،  وهو ما لم يتم. ويعود ذلك إلى تمكُّن عبد ربه منصور هادي من الهروب إلى عدن في ظروف لم يكشف عن تفاصيلها حتى الآن. وبغض النظر عن الكيفية أو الطريقة التي تم بها ذلك الهروب، فإن الحوثيين وأنصار الله قد تلقوا خسارة كبيرة.

وإذا تذكرنا ما حدث في هذه اللحظة من صدام مسلح بين القوة العسكرية، التي يفترض أنها تأتمر لصالح الحوثيين من جانب، والحراسة الشخصية لعبد ربه منصور – وقد تبين أن أغلبهم من أقاربه – من جانب آخر، فمن المؤكد أن ذلك الصدام بين القوتين المذكورتين كان محدودا، وقد انتهى في اللحظة التي وجد فيها عبد ربه منصور هادي نفسه محجوزا لدى الحوثيين. أي أنه لم يكن لذلك الحدث – برغم خطورته – أية تداعيات لا سياسية ولا عسكرية. وهذا يعود إلى عدم أهمية شخصية عبد ربه منصور هادي في نظام الحكم في صنعاء، وأسباب ذلك معروفة.images (1)

أما اللحظة الثانية، فقد بدأت هذه اللحظة من حين إفلات عبد ربه منصور هادي من مكان احتجازه  في صنعاء، إلى لحظة وصوله إلى عدن والشروع بممارسة مهامه كرئيس للجمهورية، بما في ذلك استقباله لسفراء الدول العشر الداعمة للمبادرة الخليجية، وما تبع ذلك من هروب وزير الدفاع من صنعاء إلى عدن والتحاقه بعبد ربه منصور، وكذا طلب هادي مساعدة دول مجلس التعاون الخليجي لدعم شرعيته، وذلك عندما تأكد له أنه لا يملك أي سند سياسي أو عسكري، وأنه كان واقعا في وهم اسمه رئيس الجمهورية و”القائد الأعلى لمجلس الدفاع الوطني”، وذلك عندما تبيَّن له أيضاً أنَّ لا سيطرة له على الجيش، أو الحرس الجمهوري، أو الأمن المركزي، أو الاستخبارات، أو غيرها من المؤسسات ذات العلاقة. وعندما قرر “الحكام الجدد” مرة أخرى الإمساك بهادي بواسطة اجتياح عدن من الخارج وتمرد عسكري من داخلها، لم  يكن من حلٍّ أمامه سوى النفاذ بجلده وبمن معه من أعوانه، وكان ذلك عبر الخروج من عدن براً عبر الطريق الساحلي (عدن – أبين – حضرموت – المهرة) في 25 مارس 2015م وذلك كما أشيع. والسؤال مرة أخرى، كيف استطاع عبد ربه منصور هادي  الفلاح في الوصول إلى عُمان ثم الرياض، دون أن تعترضه الأجهزة العسكرية والأمنية “اليمنية” المنتشرة على طول الخط الساحلي المذكور؟

وبالعودة إلى سؤالنا الأساسي عن بداية الحرب، فإنه يمكننا تلخيص الإجابة على هذا السؤال على النحو الآتي:

  1. من الناحية العسكرية والأمنية الخاصة باللحظة الأولى، فقد كانت المعركة محدودة من حيث المشاركة والنتيجة. فمن حيث المشاركة، لم يشارك فيها في الدفاع عن عبد ربه منصور هادي – وهو رأس الدولة حتى هذه اللحظة – سوى مجموعة من الأفراد، يمكن عدَّهم بالعشرات وهم في الغالب من حراسته الخاصة، وهم أيضا جنوبيون. بينما كان المشاركون من الطرف الأخر – الحكام الجدد – عدد أكبر من مختلف قوى الجيش والحرس الجمهوري والأمن المركزي، وكلهم شماليون.
  2. ومن حيث الهدف، فقد تحدد ذلك بإلغاء سلطة عبد ربه منصور هادي كرئيس للجمهورية، وكان ذلك كافيا من خلال عملية احتجازه، ووضعه تحت الإقامة الجبرية، والانتقال إلى خطوات أخرى بديلة. وهو ما لم يقدم عليه ” الحكام الجدد” ، أي أنهم لم ينتقلوا من حالة “الشرعية الثورية” إلى حالة الشرعية السياسية ” والشرعية القانونية “.
  3. وفيما يخص الناحية العسكرية والأمنية التي شهدتها اللحظة الثانية، فقد كانت مختلفة تماما عن اللحظة الأولى، أكان من حيث ساحة المعركة (الحرب) وحدِّتها ومداها المكاني والزماني، أو من حيث المشاركين في هذه المعركة. فمن حيث المشاركين فقد كانت كبيرة، فالجيش اليمني والحرس الجمهوري والأمن المركزي، بالإضافة إلى قوات الحركة الحوثية بشقيها المدربة والقبلية التي تم حشدها، مثلت جميعها الطرف الأول في هذه الحرب، والتي يمكن تحديدها بدقة بأنها الجيش اليمني بمكوناته المختلفة، وقوات أنصار الله أو ما أطلق عليها باللجان الشعبية. وكان الإعلام اليمني الرسمي، أكثر دقة في تحديده للطرف الأول المشارك في هذه الحرب، بينما لم يكن إعلام “التحالف العربي” – الداعم لشرعية عبد ربه منصور هادي – موفقا في تحديده للطرف الأول المشارك في الحرب، عندما حددها بـ “مليشيات الحوثيين” و”بقايا أتباع علي عبد الله صالح”، وهو توصيف مضلل هدف أساساً إلى تأكيد أن الحالة المعاشة – ابتداء من احتجاز هادي وحكومته، ثم هروبه إلى عدن، ثم الرياض، وانتهاء باشتعال الحرب- هي نتاج حالة انقلاب قام به تحالف الحوثيين وعلي عبد الله صالح ضد سلطة عبد ربه منصور هادي في 21 سبتمبر 2014م. وهو قولٌ غير صحيح من حيث الإشارة الزمنية للانقلاب، لأن العودة إلى هذا الحدث، نجد أنه لا أحد قد نظر إليه باعتباره انقلابا عسكريا؛ لا هادي، ولا المجتمع الدولي أو الإقليمي، ولا السيد جمال بن عمر مستشار الأمين العام للأمم المتحدة، وممثله الشخصي في معالجة الحالة السياسية في الجمهورية اليمنية.

أما وصف ما قام به الاحتلال اليمني(تحالف صالح والحوثيين) بأنه انقلاب – أي أنه عمل غير مشروع – فهو توصيف فيه الكثير من الصحة، باعتبار أن الفريقين المذكورين لا يمتلكان شرعية دستورية أو قانونية أو سياسية. فعلي عبد الله صالح صار خارج السلطة بموجب ما نصت عليه المبادرة الخليجية، والحوثيون(أنصار الله) صارت جماعة غير شرعية، لأنهم لم يستطيعوا أن ينتقلوا من الحالة الثورية – التي وصلوا إليها في 21 سبتمبر 2014م – إلى الحالة القانونية والسياسية من خلال تشكيل مؤسسات الدولة: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبدلاً من ذلك فضلوا المراوحة أو الدوران حول ما أسموه بثورة 21 سبتمبر.

ولذا، فقد هدف كلٌّ من دول التحالف العربي من وصف ما قام به تحالف(صالح والحوثيين)، بأنه انقلاب إلى الآتي:

  1. إن القول بأن هذه الحالة المعاشة بما فيها الحرب – هي نتيجة للانقلاب الذي قام به “تحالف الحوثيين وصالح”، يقصد منه أن شرعية عبد ربه منصور هادي مازالت باقية.
  2. إن بقاء شرعية عبد ربه منصور هادي – باعتباره رئيسا – يحتم على المجتمع الدولي والإقليمي دعم هذه الشرعية وإعادتها.
  3. إن تدخل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية عسكريا في هذه الحرب، قد جاء استجابة لدعم الشرعية، وبالتالي إعادة هذه الشرعية التي انقلب عليها تحالف الحوثيين وصالح.
  4. التبرير الموضوعي والقانوني لتدخل التحالف العربي بقيادة السعودية، إقليميا ودوليا.

أما الطرف الثاني المشارك في هذه الحرب، فقد تعدد وتنوع بسبب تعدد وتنوع العوامل المسببة لهذه الحرب، وذلك كما تعرفنا عليها سابقا.

وبالعودة إلى تكوين هذا الطرف، فنجده يشتمل على خمسة أطراف: اثنان أساسيان وثلاثة غير أساسية. أما  الأساسيان، فهما المقاومة الجنوبية والتحالف العربي. وأما غير الأساسية فهي: حزب التجمع اليمني للإصلاح والسلفيين والقاعدة. أما أهداف كل طرف من هذه الأطراف فقد تحددت على النحو الآتي:

  1. فالمقاومة الجنوبية – باعتبارها الامتداد الطبيعي، والابن الشرعي للحراك الجنوبي – هدفها هو التحرير واستعادة دولة الجنوب، وهو الهدف الذي رفعته جماهير الحراك الجنوبي منذ انطلاقتها في عام 2007م.
  2. أما التحالف العربي، فنجد أن له توليفة من الأهداف, منها ما هو معلن، ومنها ما هو غير معلن.

أما الأهداف المعلنة، فمثالها القول بأن تدخل دول التحالف العربي، قد جاء بناء على طلب من الرئيس الشرعي للجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي، بهدف إعادة هذه الشرعية التي تضررت بفعل “الانقلاب “، الذي قاده تحالف صالح والحوثيين”.

أما مثال الأهداف غير المعلنة، فيمكن تمثيلها بـ: أولا إبراز تصميم هذا التحالف على الوقوف في طريق المد الإيراني في هذه المنطقة، الذي أراد أن يدخل إليها من خلال الحركة الحوثية. كما يعتبر ذلك بمثابة رد فعل على التدخل الإيراني في منطقة الحزام الشيعي (العراق- سوريا- لبنان). كما أن تدخل التحالف العربي لا يخلو من التوظيف المذهبي (السنة مقابل الشيعة).

ومن الأهداف غير المعلنة أيضاً، يبرز هدف تحطيم القوة العسكرية للطرف الآخر(تحالف صالح والحوثيين). وأخيرا يمكن القول، بأن التحالف العربي قد ضمَّنَ تدخله في هذه الحرب، هدف مساعدة شعب الجنوب على التخلص من هذا الاحتلال، وتمكينه من استعادة دولته.

  1. أما السلفيون والإصلاحيون، فقد كانت لهما أهداف مشتركة وأخرى مختلفة. فمن حيث ما هو مشترك بين هذين الطرفين، هو أنهما يحملان حقدا وضغينة ضد الطرف الأول – وخاصة الحوثيين – بسبب أنهما قد تلقيا ضربات موجعة من جانب الحوثيين، وذلك عندما جرى ضرب وطرد حزب الإصلاح ورموزه آل الأحمر، عندما أجتاح الحوثيون عمران، ثم احتلوا صنعاء في يناير 2015م، وعندما ضُرِبَ وطُرِدَ السلفيون من منطقة دماج. أما ما هو مختلف بينهما، فيمكن الإشارة إلى أن حزب الإصلاح، يقف بقوة ضد المشروع السياسي للجنوبيين المتمثل في استعادة دولتهم، وهو ما يتناغم تماما مع جوهر سياسة وأيديولوجية حزب الإصلاح من حيث أنه حزب إسلامي، يعمل باتجاه الوحدة الإسلامية، ومن  حيث أنه حزب مشارك في حرب صيف 1994م، الذي شنها نظام صنعاء ضد الجنوب، ونتج عنها احتلال الجنوب، وكل ما ترتب عن ذلك من نهب لأراضي وثروة الجنوب لفترة ربع قرن.

أما السلفيون فنجدهم منقسمين بصدد هذه الجزئية. فجزء منهم كان متعاطفا مع شعب الجنوب بصدد هدف استعادة دولته، والجزء الآخر غير مكترث بهذه المسألة، وقد حصروا مشاركتهم في هذه الحرب في هدف محاربة ” تحالف صالح والحوثيين” من منطلق مذهبي، ثم العودة إلى مواقعهم التي أتوا منها.

ويبقى الطرف الأخير وهو تنظيم القاعدة، الذي يمكننا القول بأن وجوده ضمن تكوين ما أطلق عليه بـ”المقاومة الشعبية” يظل ملتبساً، وذلك لعدة أسباب:

  1. لأنه تنظيم غير مرغوب فيه بشكل عام بسبب أيديولوجيته المتطرفة، ونهجه الإرهابي في تحقيق أهدافه السياسية.
  2. لأنه تنظيم مرفوض في الجنوب.
  3. لأنه تنظيم مزروع في بعض مناطق الجنوب من قبل نظام صنعاء، بهدف خلط الأوراق.
  4. كان ظهوره في بعض الأماكن خلال هذه الحرب استعراضيا، بغرض توصيل مهمة أوكلت له، مضمونها أننا حاضرون في الجنوب.
  5. الأماكن التي جرت فيها الحرب:

بالعودة إلى موضوع اللحظتين التي تحدثنا عنهما سابقا، نجد أن الصدام المسلح الذي جرى خلال اللحظة الأولى(احتجاز هادي في مقر الرئاسة بصنعاء)، كان عابرا بسبب محدوديته من حيث الفترة الزمنية التي استغرقتها، أو من حيث القوى البشرية وأنواع الأسلحة المستخدمة فيها.

    وبالعكس من ذلك تماما ما حدث في اللحظة الثانية (وصول هادي إلى عدن وخروجه منها)، إذ نجد أن الأمر قد اختلف كليةً، أكان من حيث القوى البشرية المشاركة، أو أنواع الأسلحة المستخدمة.

    فمن حيث القوى البشرية، فقد شاركت في هذه اللحظة الثانية الآلاف من القوى العسكرية النظامية، كما هي الحال في مشاركة الجيش اليمني  بمختلف تشكيلاته، وقوات التحالف العربي، أو قوى غير نظامية كما هي الحالعدن في مليشيات الحركة الحوثية، والقوى القبلية المساندة لهم، أو عناصر المقاومة الجنوبية، التي صنعتها لحظة تلبية الدفاع عن أرض الجنوب.

وبالعلاقة مع هدفي اللحظتين المذكورتين، فقد كانت ساحتاهما مختلفتين. وبما أن هدف اللحظة الأولى قد تحدد باحتجاز هادي للحد من حركته، فإن ساحة المعركة كانت مقصورة على محيط قصر الرئاسة في صنعاء. وقد انتهت بمجرد تحقيق هدف هذه اللحظة، أي احتجاز هادي ووضعه تحت الإقامة الجبرية من قبل خصومه.

أما ساحة المعركة الخاصة باللحظة الثانية، فقد كانت أكثر اتساعا، وذلك بالعلاقة وبسبب الهدف الخاص باللحظة الثانية، التي تحددت بإسقاط شرعية هادي أمام المجتمع الإقليمي والدولي، التي بدأ ممارستها من عدن، وبما تحمله من مضمون سياسي باعتبارها العاصمة السياسية للجنوب. ولذلك كان على ” الحكام الجدد” في صنعاء، عدم تمكين هادي من تحقيق ما أراد، وكان لا بد من الإمساك به مرة أخرى باستخدام الوسائل كافة. ومن أجل ذلك كان من الضروري الوصول إلى عدن، وكان ذلك في 25 مارس 2015م. أي لا بد من اجتياز المسافات الطويلة من صنعاء وما عداها. ولئن الجنوبيين قد اعتبروا ذلك غزوا واحتلالا وعدوانا عليهم، لذا فقد تصدوا له وقاوموه، وبذلك فقد كان الجنوب كله ساحةً للحرب.

وقد يبرز سؤال عن تلك “الأحداث” أو الصدامات العسكرية، التي حدثت في بعض المناطق الواقعة في نطاق جغرافية الجمهورية العربية اليمنية. ففي هذا السياق يمكن الحديث عن مرحلتين. الأولى هي تلك التي تلت الإعلان عن وصول (هادي) إلى عدن، والتي تمثلت في استنفار “الحكام الجدد” لقواتهم، وإرسالها تجاه أراضي الجنوب كافة، وعدن خاصة. وفي هذه المرحلة لم تواجه هذه القوات أية مقاومة، أو إعاقة لسيرها نحو الجنوب من أية منطقة “شمالية” مرت فيها هذه القوات، باستثناء بعض المناوشات البسيطة في كل من البيضاء ومأرب.

ويمكن تفسير ما حدت في هاتين المنطقتين بسببين اثنين: الأول سبب مذهبي، باعتبار أن المنطقتين المذكورتين تعتنقان المذهب السني، بينما القوات المارة تصنف بأنها زيدية أو شيعية. أما السبب الآخر، فيمكن إرجاعه إلى تواجد تنظيم القاعدة في هاتين المنطقتين، وهو تواجد قديم وليس حديثا، والقاعدة تأخذ بالمذهب السني كذلك، ولذلك فقد تقاطعت مصلحتا الجانبيين المذكورين.

أما المرحلة الأخرى، فقد ظهرت بعد أن أعلنت دول التحالف العربي تدخلها العسكري، تلبية لطلب (هادي) لإعادة “الشرعية، وبعد أن أعلن  شعب الجنوب مقاومته للغزو، الذي قام به تحالف صالح والحوثيين. وهذه المعارك التي حدثت خارج نطاق جغرافية الجنوب، لا تقع ضمن اهتمام هذه الدراسة.

ومن المعلوم أن معظم المعارك كانت على أرض الجنوب، إلا أنه من الممكن تقسيم هذه المعارك إلى نوعين أو قسمين. الأولى خاص بتلك المعارك المستعرة، والأخرى بتلك التي لم تكن معلنة,

أما النوع الأول من المعارك فتنقسم إلى صنفين: الأول هي تلك المعارك التي شهدتها جبهات عدن والضالع ولحج والعند وأبين وشبوة. أما الصنف الآخر، فهي خاصة بالمعارك التي خاضتها قوات التحالف العربي  خارج نطاق الدائرة المذكورة (مناطق الجنوب).

أما النوع الآخر من المعارك غير المعلنة، فهي تلك الخاصة ببقية مناطق الجنوب مثل حضرموت والمهرة.

  1. 3. الأسلحة المستخدمة في هذه الحرب.

    إذا تذكرنا مجموعة المقدمات التي أدت إلى هذه الحرب، ومجموعة العوامل والأسباب الحقيقية وغير المباشرة لهذه الحرب، وكذلك اتساع ساحة المعارك الحربية، التي شملت تقريبا مناطق الشمال و”الجنوب”، يمكن لنا أن ندرك ضخامة الأسلحة، التي استخدمت في هذه الحرب، والتي يمكن أن نعددها كما يلي:

  1. الطائرات الحديثة، بأنواعها.
  2. البارجات الحربية.
  3. الدبابات والمدرعات وحاملات الجنود.
  4. المدفعية.
  5. الصواريخ بأنواعها.
  6. الأسلحة المتوسطة بأنواعها.
  7. الأسلحة الخفيفة (الشخصية).
  8. 4. سير مجريات الحرب.

قبل الخوض في عملية سير مجريات هذه الحرب، يمكننا التذكير بالآتي:

  1. إن الجنوبيين لا يملكون أسلحة نارية شخصية، باستثناء بعض الأفراد في المناطق الريفية، أما المدن فتكاد أن تكون منزوعة السلاح.
  2. إن تواجد الجنوبيين في مختلف قطاعات المؤسسات العسكرية والأمنية وغيرها (الجيش والأمن المركزي والحرس الجمهوري والشرطة والاستخبارات وغيرها)، يكاد يكون معدوما، وهذا واحدة من نتائج حرب صيف 1994م.
  3. بعد احتلال الجنوب في عام 1994م، عمل نظام الاحتلال اليمني على إعادة توزيع المؤسسات العسكرية على كل مناطق الجنوب، بغرض إحكام السيطرة العسكرية والأمنية عليه، والسيطرة على ثروته النفطية ومقدراته الاقتصادية الأخرى.
  4. لقد كشفت هذه الحرب للجنوبيين، أن الاحتلال اليمني قد أعدَّ العدة لهذه الحرب، وإنْ كان قد تفاجأ ببعض جوانبها، وهذا ما سوف نتطرق له لاحقا.
  5. من المعروف بأن الجمهورية اليمنية، قد قُسمتْ من الناحية العسكرية إلى سبع مناطق عسكرية؛ أربع منها في أراضي الجنوب، وثلاث في الشمال. كما جرى توزيع الجيش على 75 لواء عسكري؛ منها 48 لواء موزعة في أراضي الجنوب، والبقية في الشمال.
  6. يضاف إلى ما سبق، القوة العسكرية التي دخلت إلى الجنوب من مختلف المناطق الشمالية أثناء هذه الحرب.
  7. كما يضاف إلى ما سبق ذكره أيضاً، الطابور الخامس من اليمنيين المنتشرين في مختلف مناطق الجنوب تحت مسميات متعددة مثل: مالكي البسطات، وعمال اليومية، والعاملين في المطاعم، وغيرهم. ومعظم هؤلاء يعملون في الأجهزة العسكرية والأمنية، أي ذوي وظائف مزدوجة.

وبالعودة إلى موضوع سير مجريات هذه الحرب، وإذا تذكرنا بأن بدء هذه الحرب، قد تحددت من خلال ما أطلقنا عليها باللحظة الثانية، وبما اتسمت به هذه اللحظة من سمات وأهداف، لذا يمكننا أن نقرر، بأن سير مجريات هذه الحرب قد مرت بعدة محطات:

المحطة الأولى:

    وذلك حين أعلن قائد الأمن المركزي في عدن، رفضه لقرار عبدربه منصور هادي – باعتباره قائداً أعلى للقوات المسلحة – الذي نص على تغييره واستبداله بشخصية عسكرية أخرى. ولم يكتفي قائد الأمن المركزي برفض هذا القرار، بل وعمل على تحريك قواته خارج ثكناتها، وكان ذلك في 19 مارس 2015م. ولعدم وجود أي سند أو دعم عسكري، أو أمني يتولى الدفاع عن “شرعية” عبدربه منصور هادي، فكان من الضروري أن تقوم “اللجان الشعبية”، التي تشكلتْ في محافظة أبين في عام 2011م كقوة رادعة ضد انصار الشريعة، التي تعتبر نسخة من تنظيم القاعدة. ويمكن تفسير دوافع تولي اللجان الشعبية، مهمة التصدي لقوات الأمن المركزي في الآتي:

  1. لانعدام أية قوه عسكرية أو أمنية مدافعة عن رأس الدولة(عبد ربه منصور هادي) في عدن، أي أنه صار مكشوفا وهدفا سهلا لقوات الأمن المركزي الرافضة لأوامر كرئيس للجمهورية.
  2. بدافع العصبية، باعتبار أن (هادي) جنوبي. أما مدير الأمن المركزي والقوى التابعة له فتنتمي إلى اليمن الشمالي.
  3. تحرك النزعة الوطنية الجنوبية لدى المنتسبين إلى اللجان الشعبية، إذ اقتنع هؤلاء بحقيقة أن الجنوب واقعٌ تحت الاحتلال اليمني.

وقد اتسمتْ هذه المحطة بالتالي:

  1. فضحت بشكل أساسي أكذوبة وجود “جيش وطني”، إذ لم يجد هادي من يدافع عنه سوى اللجان الشعبية.
  2. اتسمتْ المعركة في هذه المحطة من هذه الحرب، بعدم تكافؤ القوى بين الأمن المركزي واللجان الشعبية. وكان ذلك لصالح قوات الأمن المركزي، التي امتلكت مختلف الأسلحة تقريبا باستثناء سلاح الطيران، بينما لم تمتلك اللجان الشعبية سوى الأسلحة الشخصية، والقليل من الأسلحة المتوسطة مثل الدشكا والمعدلات.
  3. وبرغم عدم تكافؤ القوتين المذكورتين، إلا أن اللجان الشعبية قد أبلتْ في هذه المعركة. وقد تأكد ذلك من خلال: أولا ما قدمته اللجان من شهداء سقطوا عند الهجوم على سرايا الأمن المركزي(الصولبان)، وثانيا في نجاح اللجان الشعبية في اقتحام تحصينات وسرايا الأمن المركزي، ومن ثم الاستيلاء على العديد من أسلحة الأمن المركزي، الخفيفة والمتوسطة.
  4. وقد اتسمت هذه المحطة كرافعة نحو اتساع هذه الحرب، وذلك عندما عملت أولا في التحاق كثير من شباب الجنوب إلى هذه المعركة أو المحطة، وهو ما شكلت لاحقا المقاومة الجنوبية. أما ثانيا فقد عملت هذه المحطة نحو اتساع مشاركة الاحتلال اليمني في هده الحرب، وذلك من خلال الزج بالمزيد من قواته البشرية وغير البشرية، وقواته النظامية وغير النظامية.

المحطة الثاني:

ويمكننا أن نطلق على هذه المحطة، بأنها محطة تأكيد الاحتلال اليمني لذاته على الجنوب.

وقد اتسمت هذه المحطة بالتالي:

  1. زج الاحتلال اليمني بقوات جديدة إلى الجنوب عبر العديد من المناطق الحدودية، ونتج عن ذلك تعزيز تواجده السابق في العديد من مناطق الجنوب، كما نتج عن ذلك الاستيلاء المباشر والتام على عدد من مناطق عدن (خور مكسر، وكريتر والمعلا والقلوعة والتواهي ودار سعد)، وتأمين خطوط الامدادات الخاصة بهذه المناطق، والاستيلاء على لحج وقاعدة العند الاستراتيجية، كما جرى تعزيز تواجد قوات الاحتلال في شبوة وأبين.
  2. تحركت كلُّ الألوية العسكرية التابعة للجيش اليمني المتواجدة في مختلف مناطق الجنوب، وانظمت إلى القوات الجديدة التي قدمت إلى الجنوب.
  3. نتج عن هذا الواقع الجديد بالنسبة للجنوب حالة خاصة، إذ صارت كلُّ مناطق الجنوب واقعة تحت الاحتلال العسكري المباشر، والحصار التام عسكريا ومعيشيا ونفسيا.
  4. وفي مقابل تأكيد الاحتلال اليمني لذاته في الجنوب، فقد انتفض شعب الجنوب في مختلف مناطق الجنوب ليؤكد على رفضه لواقع الاحتلال، وتمسكه بتحرير أرضه واستعادة دولته.
  5. لقد تقاطعت مصلحة شعب الجنوب – المتمثلة في تحرير أرضه من الاحتلال اليمني واستعادة دولته – مع مصلحة التحالف العربي بقيادة السعودية في تدمير الآلة العسكرية للجيش اليمني، سعيا نحو القضاء على أي وجود إيراني في المنطقة، الذي بدا يتسرب بواسطة الحركة الحوثية.
  6. وبشكل عام، وبسبب عدم تناسب القوى من الناحية العسكرية على الأرض، التي كانت تميل لصالح قوات الاحتلال اليمني، فقد كانت الغلبة لصالح هذا الطرف.
  7. المحطة الثالثة:

ويمكننا أن نطلق على هذه المحطة، بأنها معركة كسر العظم بين الأطراف المشتركة في هذه الحرب.

وقد اتسمت هذه المحطة بالتالي:

  1. تجميع وحشد وتنظيم المقاومة الجنوبية، وتوزيعها على مختلف الجبهات، أكان في مناطق عدن أو غيرها من مناطق الجنوب.
  2. تعزيز جبهات المقاومة الجنوبية بالأسلحة الشخصية المتطورة، وذلك بواسطة القاء هذه الأسلحة من الجو من قبل قوات التحالف العربي.
  3. بدء تدخل دول التحالف العربي في 26 مارس 2015م، وذلك من خلال استخدام الطيران والبوارج الحربية في قصف مواقع تواجد قوات الاحتلال اليمني، وقطع طرق امداداته، وتدمير معسكراته وألويته العسكرية.
  4. وصول المئات من الشباب الجنوبيين المغتربين في دول الجوار – وخاصة السعودية – للانضمام إلى المقاومة الجنوبية والمساهمة في تحرير أرض الجنوب.
  5. التنسيق الجيد بين غرفة عمليات دول التحالف العربي من جانب، والمقاومة الجنوبية من جانب آخر.
  6. تم تعزيز المقاومة الجنوبية بعدد من الخبرات والقيادات العسكرية الجنوبية، التي تم تسريحها من الجيش أو جرى اقصاءها. وقد تولت هذه الخبرات والقيادات الجنوبية تدريب وتأهيل شباب المقاومة الجنوبية.
  7. اتسمت هذه المحطة بتحقيق مجموعة من الانجازات العسكرية لصالح تحالف المقاومة مع دول التحالف العربي، منها على سبيل المثل لا الحصر: تدمير سلاح الجو اليمني، وتعطيل المطارات العسكرية، مما أدى إلى تحييد هذا السلاح من الاشتراك في هذه الحرب، وتدمير الجزء الأكبر من مركبات ودبابات ومدافع الجيش اليمني بواسطة طيران التحالف العربي، مما أدَّى إلى اضعاف فاعلية قوات الاحتلال اليمني، بسبب قطع الامدادات العسكرية والتموينية إليها، وعزلها عن بعضها البعض.
  8. حققت المقاومة ذاتها، وعززت وجودها من حيث العدد والتدريب والعتاد الحربي، وخاصة الآليات مثل؛ المدرعات والدبابات والمدفعية، التي تحصلت عليها من مصدرين أساسيين وهما: الأول ما غنمته المقاومة الجنوبية من قوات الاحتلال اليمني في العديد من جبهات القتال، والمصدر الآخر، تمثل في الدعم الذي قدمته دول التحالف العربي، وخاصة دولة الامارات العربية.
  9. اكتسبت المقاومة الجنوبية مهارات وتكتيكات قتالية عالية، وانتقلت من موقع المدافع إلى موقع المهاجم.
  10. المحطة الرابعة:

وهذه المحطة هي التي حققت المقاومة الجنوبية فيها ذاتها، وذلك عندما بدأت هجومها على المحتلين الغزاة، وحققت الانتصار العظيم بدءً من عاصمة الجنوب عدن الباسلة.

وقد اتسمت هذه المحطة بالتالي:

  1. كما قرر المحتلون الغزاة، وحرصوا على دخول العاصمة عدن واحتلالها والعبث فيها، فقد قررت المقاومة الجنوبية أن تبدأ معركتها الفاصلة من أجل تحرير الجنوب من عدن العاصمة.
  2. وكانت نقطة بداية هذه المعركة الفاصلة من جبهة صلاح الدين/ عمران في 14 يوليو 2015م، ثم الالتفاف إلى مناطق لحج، وذلك من أجل قطع خط الامداد على قوات الاحتلال اليمني المتواجدة في عدن، ومحاصرة القوات المتواجدة في بعض مناطق لحج، وأهمها العاصمة الحوطة.
  3. ثم فتحت المقاومة الجنوبية معركة المطار والصولبان والخط الساحلي، بما أدَّى إلى قطع الامدادات الآتية من أبين، والأهم من ذلك تحرير المطار وخور مكسر، ومن ثم تحرير بقية مناطق عدن(كريتر، المعلا، القلوعة، التواهي). وقد استكملت عملية تحرير عدن في 27 يوليو 2015م.
  4. ثم فتحت المقاومة الجنوبية معركة تحرير “قاعدة العند” في 3 أغسطس 2015م، التي تم الإعداد لها بشكل جيد، بحكم أهمية هذه القاعدة وتعقيد بنيتها الداخلية، ثم انتقلت المقاومة لتحرير معسكر لبوزة.
  5. ثم توجه قسمٌ من قوات المقاومة المشاركة في تحرير قاعدة عدن إلى محافظة أبين عبر طريق (الملاح /الحرور/جعار)، وذلك بهدف تعزيز قوات المقاومة المحاصرة للواء(115 ميكا) القريب من مدينة زنجبار.
  6. وبعد أن استولت المقاومة الجنوبية على اللواء 115 ميكا، واصلت اندفاعها نحو شقرة ولودر ومكيراس لتحريرها من القوات اليمنية الغازية.
  7. كما دارت معارك في شبوة، بهدف طرد قوات الاحتلال اليمني منذ اللحظات الأولى لدخول قوات الجيش اليمني بدعم من مليشيات الحوثيين. إلا أن المعركة الفاصلة للمقومة الجنوبية في شبوة مع قوات الاحتلال اليمني، كانت بعد النجاحات والانتصارات التي أنجزتها المقاومة الجنوبية في كلٍّ من عدن والعند ولحج وأبين.
  8. وأخيرا يبقى الحديث عن جبهة الضالع الباسلة، الذي يحتاج للحديث عنها أسفار من الكتب، فهي لوحدها تمثل حالة خاصة في سيرة شعب الجنوب؛ في نضاله وكفاحه من أجل حريته واستقلاله. ولئن المجال هنا ليس الحديث عن الضالع وكفاحها، لذا يمكننا أن نلخِّص الحالة الخاصة بالضالع، باعتبار أن الضالع قد خاضت معركة التحرير والاستقلال منذ أكثر من ثمان سنوات تقريبا، عندما كانت في مواجهة مستمرة مع لواء ضبعان، وبفضل اتحاد مختلف فصائل المقاومة في الضالع، استطاعت مقاومة الضالع أن تحقق انتصارها، وتطرد قوات هذا اللواء اليمني خارج حدود الضالع، بل واستولت على معسكر اللواء، وعلى العديد من آلياته العسكرية الثقيلة والمتوسطة والخفيفة. أي أن تحرير الضالع قد سبق تحرير المناطق المذكورة آنفاً.
  9. كما أن أهم سمه للمعارك، التي خاضتها المقاومة الجنوبية في تحريرها لمناطق الجنوب، هي أنها وطنية بكل المقاييس. أي أنها مكونة من كل أطياف ومكونات الجنوب الجهوية. فكلُّ الجنوبيين خاضوا كل المعارك في كل بقعة من مناطق الجنوب ، واستشهد اليافعي والصبيحي والأبيني والشبواني والحضرمي وغيرهم في عدن، كما استشهد العدني في مكيراس وأبين، وهكذا دواليك.

 

خامسا: نتائج الحرب

يمكننا رصد مجموعة من النتائج، عسكريه، بالإضافة إلى بعض النتائج الأخرى:

  1. النتائج العسكرية:

    ويمكننا حصرها في الآتي:

  1. إخلاء معظم مناطق الجنوب من التواجد العسكري اليمني المباشر.
  2. تدمير معظم الآلة العسكرية للجيش اليمني، أكان من خلال المواجهات العسكرية المباشرة، أو من خلال التدخل القوي لطيران وبارجات التحالف العربي.Army soldiers man a checkpoint in al-Mahfad, in the southern Yemeni province of Abyan May 23, 2014. Yemeni forces have faced a wave of hit-and-run attacks by al Qaeda insurgents since the army captured their strongholds in al-Mahfad in Abyan province and in Mayfa'a, Azzan and Gol al-Rayda in Shabwa province earlier this month. Picture taken May 23, 2014. REUTERS/Khaled Abdullah (YEMEN - Tags: POLITICS MILITARY CIVIL UNREST) - RTR3QMIK
  3. تدمير القوة العسكرية للحركة الحوثية، التي تمكنت من بنائها خلال الفترة السابقة.
  4. عدم تعويض الجيش اليمني عن خسائره في العتاد الحربي، بسبب الحصار الجوي والبحري الذي مارسه التحالف العربي خلال فترة الحرب.
  5. الحد من طموح إيران في المنطقة، نظرا لأسلوب المباغتة التي قام بها التحالف العربي.
  6. شرعنت الحرب انتقال الحراك الجنوبي من النضال السلمي إلى العمل المسلح، باعتبار أن الجزء الاعظم من المقاومة الجنوبية أتى من مكونات الحراك.
  7. اتاحت هذه الحرب لدول التحالف العربي – وخاصة السعودية والإمارات – استخدام قدرتها العسكرية في حرب خارجية لأول مرة تقريبا، وكذلك اتاحت لها تجربه العديد من الأسلحة المخزونة لديها.
  8. نتج عن هذه الحرب تكوين كيان عسكري لشعب الجنوب ممثلا بالمقاومة الجنوبية.
  9. اتاحت هذه الحرب تكوين جيش جنوبي خاص بالجنوب، برغم ضبابية هذه المسالة حتى الآن، بمعنى أن المسألة ستبقى مرهونة بكيفية تكوين هذا الجيش.
  10. اتاحت هذه الحرب إمكانية تكوين مؤسسات أمنية واستخباراتية خاصة بالجنوب، وتبقى المسألة مرهونة بكيفية تكوين هذه المؤسسات.
  11. النتائج السياسية.

ويمكننا حصرها في الاتي:

  1. بعد التجاهل الطويل لنضال شعب الجنوب من أجل استعادة دولته، نجد أن هذه الحرب قد اسهمت في الدفع بهذه القضية إلى الأمام، وذلك من خلال اتخاذ الدول الخليجية قرار التدخل العسكري في هذه الحرب من الجنوب، وخاصة من عدن باعتبارها العاصمة السياسية للجنوب.
  2. مثلت هذه الحرب ضربة قاصمة بالنسبة لـ “الوحدة اليمنية”، ليس من جانب شعب الجنوب فحسب، بل ومن جانب المجتمعين الإقليمي والدولي، بغض النظر عن شكل البدائل المقترحة للوحدة الاندماجية.
  3. أدت الحرب إلى عرقلة تصاعد الدور الإيراني في المنطقة، وذلك مقابل تعاظم دور دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة في الجنوب.
  4. بسبب ما نتج عن الحرب من خلو مناطق الجنوب من الأجهزة العسكرية والأمنية للاحتلال اليمني، فقد وفرت هذه النتيجة للجنوبيين إمكانية فرض إرادتهم، وبسط سلطتهم على الارض، وإعادة تشغيل المؤسسات الحكومية في مختلف مناطق الجنوب.
  5. قوَّتْ هذه الحرب عبد ربه منصور وطاقمه، إذ حولته من “فاقد للشرعية” إلى ، “صاحب شرعية”، وذلك على حساب الإزاحة الكلية لكلٍّ من علي عبدالله صالح وجماعة الحوثيين.
  6. وضعت هذه الحرب “قضية الجنوب” في أولوية جدول أعمال المجتمعين الإقليمي والدولي.
  7. نتائج أخرى.

    ويمكن حصر هذه النتائج في التالي:

  1. يمكن القول، بأن هذه الحرب لم تبقِ إلا على القليل من العلاقات والوشائج الاجتماعية بين شعبي الجنوب والشمال، هذا إذا لم نقل بأنها قد أجهزت على ما تبقى من علاقات رخوة بين المجتمعين.
  2. أدت الحرب إلى تدمير جزء كبير من البنية التحتية، وخاصة في العديد من مناطق عدن.
  3. أثَّرتْ الحرب كثيرا على دوران عجلة الحياة الاقتصادية في مختلف مناطق الجنوب سلباً.
  4. بسبب استمرار المعارك في مناطق “الشمال”، صارت كل مؤسسات الدولة معطلة، وخاصة في الجنوب، وذلك بانتظار انتهاء الحرب وما ستفرزه من نتائج على الأصعدة كافة.
  5. بسبب استمرار الحرب وغياب سلطة الدولة، فقد ساعد ذلك على تمكين بعض المنظمات الإرهابية، والجماعات غير المنضبطة والمتطرفة دينياً في الحلول مكان مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني.
  6. أحدثتْ الحرب تصدعات شديدة في مجموعة من القيم الاخلاقية في المجتمع الجنوبي، أفقياً ورأسياً.
  7. وبالعلاقة مع كل المسائل المذكورة آنفاً، فقد ظهرت في الواقع مقاومتان: مقاومة جنوبية صادقة، وأخرى مزيفة مهمتها سرقة انتصارات شعب الجنوب، التي تحققت بقيادة المقاومة الجنوبية الصادقة.
  8. بالإضافة إلى كل ما سبق ذكره، من المؤكد بأن للحرب وتبعاتها، آثاراً سلبية على نفسيات الكثيرين من المجتمع الجنوبي.

 

                        الدكتور / سعودي علي عبيد – عدن –    نوفمبر 2015م

 

 

 

 

 

 

 

أخبار ذات صله