fbpx
طموح مؤتمر باريس: الطريق نحو نمو اقتصادي نظيف
شارك الخبر

بقلم الدكتور جيم يونغ كيم

تُتيح محادثات المناخ في باريس فرصة تأتي مرة واحدة في الجيل لإرسال إشارة واضحة مفادها: أنه يمكننا بناء الرخاء ومساندة النمو الاقتصادي، دون التسبب في التلوُّث الكربوني للأرض، ويجب أن نتحرَّك على وجه السرعة بسبب تقلُّب أحوال الكوكب وارتفاع درجة حرارته.

وإنِّي أعتقد أن القادة السياسيين من أنحاء العالم سينهضون للتصدِّي لهذا التحدِّي في باريس. ومن ناحيتنا في مجموعة البنك الدولي، سنساعد البلدان والشركات المتعاملة معنا على تحقيق ذلك الانتقال إلي تنمية اقتصادية تتسم بانخفاض الانبعاثات الكربونية والمرونة في مجابهة تغيُّر المناخ.

وسيتطلَّب هذا الانتقال تعبئة استثمارات بتريليونات الدولارات في نُظُم الطاقة النظيفة، وحلول النقل في المناطق الحضرية، وإعادة الغابات إلى هيئتها الأصلية، والزراعة المراعية لظروف المناخ، وهي خطوات تتضمنها خطط العمل الوطنية في إطار المساهمات الوطنية لمكافحة تغير المناخ. (e) وقد أرسل أكثر من 170 بلدا خططها في هذا الشأن إلى الأمم المتحدة.

وأعددنا، مع آخرين كثيرين، الشواهد الاقتصادية التي تظهر أنه كلما تأخَّرنا في بدء الانتقال إلى نمو أنظف منخفض الانبعاثات الكربونية، زادت التكلفة. وتتعرَّض البلدان لمخاطر الوقوع في خيارات ذات انبعاثات كربونية مرتفعة لاستخدامات الطاقة ونُظُم النقل، والزحف العمراني الذي سيجعل تحديات المستقبل أكثر صعوبة.

ومن ثمَّ، يجب على البلدان الآن أن تبعث برسائل قوية ومتسقة إلى كل الأطراف الاقتصادية الفاعلة مفادها أنها تساند تكنولوجيات وعمليات نمو وخدمات أكثر نظافة.

ويقتضي هذا إلغاء الدعم الضار والباهظ التكلفة الموجه للوقود الأحفوري. وهو يتطلَّب أيضا تصحيح الأسعار باتخاذ خطوة ضرورية بوضع سعر للتلوُّث الكربوني. ويساند الكثير من البلدان وما يربو على ألف شركة في أنحاء العالم تسعير الكربون. (e)

وفي اليوم الأول من محادثات المناخ، سأقف إلى جانب عدد من زعماء العالم لدعوة مزيد من البلدان والشركات إلى تحديد سعر للكربون. (e)والبعض أعضاء في فريق تسعير الكربون، وهو مجموعة من رؤساء الدول والحكومات الذين يتواصلون مع نظرائهم ويحثونهم على اتخاذ هذه الخطوة الريادية الضرورية.

ويضم الفريق الذي دعا إلى انعقاده البنك الدولي وصندوق النقد الدولي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيسة شيلي ميشيل باشيليه، والرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند، ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلمريام ديسالين، والرئيس الفلبيني بنينو أكينو الثالث، والرئيس المكسيكي إنريك بينا نيتو، وجيري براون حاكم كاليفورنيا، وإدواردو بايس رئيس بلدية ريو دي جانيرو.

ويجب على الحكومات أيضا استخدام السياسات العامة لضمان أن تستثمر الشركات والمستثمرون من القطاع الخاص في الحلول النظيفة للتنمية. وهناك حاجة أيضا وعلى أساس منتظم لاعتماد معايير الكفاءة للأجهزة والمباني والسيارات والشاحنات، وقوانين ضريبية تُجرِّم التلوُّث الكربوني والهدر في استخدام الموارد، وتُشجِّع على كفاءة استخدام الموارد والابتكار.

وبالنسبة للكثير من البلدان سيتطلَّب هذا الحصول على تمويل مُيسَّر لتخفيف مخاطر الاستثمار في نماذج أعمال جديدة أو مشروعات كبيرة ذات تكنولوجيات جديدة، والتحفيز على اعتماد نماذج الأعمال والتكنولوجيات، والاستثمار بصفة أساسية في القدرة على مجابهة التغيرات المناخية.

ويتوقَّف الكثير من عناصر خطط المناخ الوطنية على المساندة المالية. وقد التزمنا بزيادة ما نُقدِّمه من تمويل من أجل الأنشطة المناخية إلى نحو 29 مليار دولار سنويا بحلول عام 2020 – وهذا تقريبا ثلث المائة مليار دولار التي تعهَّدت بتقديمها البلدان المُتقدِّمة في المرة السابقة التي انعقدت فيها مباحثات مناخ على هذا القدر من الأهمية.

وتُظهِر خطط العمل الوطنية المعنية بالمناخ فرصا بتريليونات الدولارات، حيث نحتاج إلى قيادة سياسية تُعمل المنطق السليم والسياسات المتسقة لحفز نمو نظيف وتنمية تتسم بالمرونة في مجابهة المخاطر.

ويجب أن تُعبِّر محادثات باريس عن إلحاح هذه المهمة. وتتمثَّل رسالتنا في مجموعة البنك الدولي في إنهاء الفقر المدقع بحلول عام 2030، وتعزيز الرخاء المشترك لأفقر 40 في المائة من السكان. إنَّنا أول جيل في تاريخ البشرية تتاح له فرصة إنهاء الفقر المدقع، لكن تأثيرات تغيُّر المناخ قد تجعل هذا أمرا مستحيلا. وفي باريس، يجب أن نتصرف بناء على ذلك وأن يحدونا الطموح والأمل، من أجل مستقبل أطفالنا وأحفادنا الذي يعتمد على ذلك.

أخبار ذات صله