fbpx
أصبحت أكلم نفسي .. فلا أحد يسمعني !!

مررت بجانبه وفي رأسي ألف سؤال وسؤال عن بضاعته التي يبيعها للصغار والكبار للنساء وللرجال وتجاوزته بخطوتين ثم توقفت وعدت إليه لم أستطع تجاوزه هذه المرة , فقد ألحت علي الأسئلة الكثيرة المتزاحمة ووقفت أمامه واخترت فقط بعض من تلك الأسئلة ..

قلت له : ما لذي تبيعه ولمن ؟

قال بصوت منخفض : الشمة  وأبيعها للجميع .

قلت : للأطفال ؟

رد : لهم وللكبار أيضاً .

قلت :والنساء ؟

قال : نعم يشترين مني أحياناً ..

حينها اجتاحتني الكثير من مشاعر مختلفة فيها غضب على قهر على حزن شديد وخوف من القادم .. ولا أخفيكم أحسست بضياع كل شيء من أيدينا وعدت إليه مرة أخرى بسؤال أردت به أن أعيده إلى رشده علني بذلك السؤال أبعد شره عن بعض من الشباب والأطفال ..

12244137_976667802376887_920447708_n

وسألته : هل أنت راضٍ عن تجارتك هذه ؟ ..

نظر إلي لحظات و أحمرّت عيناه ثم نكّس رأسه إلى الأرض و تمتم بكلمات خرجت من فمه لم أستطع تحديد ما قاله بالضبط ولكني فهمت أنه مثله مثل غيره غير راضٍ ولكنه رأى غيره يبيع ويكسب فقرر أن يكسب ولا يهمه من سيخسر نتيجة مكسبه .. هكذا أصبح واقعنا  للأسف الشديد ولسان حال كل فرد منًا المهم أنا أكسب ولا يهمني من يخسر من مكسبي .. أصبحت الشمة في كل زقاق وحارة وركن يبيعونها مع علب السجائر التي غزت أسواقنا بشكل غريب جدا سجائر أنواعها كثيرة مجهولة المصدر وبائعون عادة غرباء عن المناطق التي يبيعون فيها بضاعتهم الخبيثة تلك  وبعض المناطق البائعين هم من الأطفال المهم أن زبائنهم هم من أطفالنا وشبابنا وحتى  نسائنا كل ذلك العبث يتزايد يوماً بعد يوم من قبل الحرب وحتى أثناء الحرب حيث كانت الشمة توزع مع الماء والغذاء في كل الجبهات للأبطال !!!

فهل خطر ببال أحد منكم أن يسأل أو يفكر كم سيستمر هذا النصر إن كان أبطاله المحرزين له يسقون السموم ألواناً مختلفة والبعض للأسف وعن جهل وبساطة يتباهى بأن من أحرز النصر هم من يتعاطون هذه السموم الشمة والزردة . لم يقل له قادته أن هذه السلوكيات ليست مدعاة للتفاخر فهذه أسلحة يقتلونكم بها وقد تكون أكثر فتكاً من الحديد والنار  فأثرها يبقى عذاب كبير لسنوات طوال وشرها لا يقتصر على المقاتلين في الجبهات بل يمتد وينتشر في كل مكان بين كل أفراد المجتمع صغار وكبار نساء ورجال  .. 

حيث أصبحت شوارع عدن و حاراتها أسواق تروج لكل أنواع المخدرات بكل سهولة في ظل غياب الدولة .. وهل كانت هنا دولة ؟ فلم تعد لنا دولة منذ عام 1994.. ودولة لا يعنيها أن نحيا  أو نموت ليست دولة لكن ما نستغرب له هو موقف المجتمع نعم فكل ذلك  يحدث في ظل صمت المجتمع .. ليس صمت الدولة فليس هنا دولة ولكن صمت الأهل وأولياء الأمور صمت المسجد والمدرسة والجامعة صمت المثقف والمربي والمعلم .. شباب قد ضاعوا وسيلحق بهم أطفال جيل وراءه جيل وأنتم من مقيل إلى مقيل من غياب إلى غياب وصمت طويل باسط ذراعيه بالوصيد على مجتمع طويل عريض .. لا تسكنه سوى أشلاء من قيم وأخلاق كانت هنا يوم من الأيام فتسربت من بين أصابعنا كالماء .. مازال الحزن هو المسيطر على كل ذرة في ضميري لأنني لم أستطع أن اعمل ما يحول بين مجتمعي وبين هذه الآفات وقلّت حيلتي ..سوى أنني أصبحت مجرد متفرج لكل ما يحدث وبعض الأوقات أحاول فقط أن أتحدث بحروف أكتبها هنا .. أصبحت أكلم ..نفسي فلا أحد يسمعني ..

سعاد علوي

مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات

19/11/2015

12282895_976668012376866_74579066_n 12244108_976667565710244_1250671399_n