fbpx
الإعلامي “علي عوض” يداً ترمي ويداً تصور.!

لم يكن يخطط ، ولم يخطر في باله يوماً ان يصير إعلامي جنوبي مشهور (علي عوض حيدرة الكازمي ) هذا الشاب الأسمر النحيل المعروف بابتسامته التي تحمل في ثناياها التأدب التلقائي الغير مصطنع، والتي يشعرك من خلالها بأنه رجل مألوف من الوهلة الأولى، ولا يحملك على التكلف بتعرفك عليه،  ومع ان شخصيته تقنعك بكونه إعلامي بما يتصف به من هدوء وسكينة، ولكن قد يفاجئك ان تعرف ان هذا الشاب الذي تعودت ان تراه حاملاً حقيبته التي تحتوي أدواته الإعلامية من كاميرات وحاسوب محمول وغيرها من لوازم الإعلامي، – يفاجئك – أن تعرف بانه قائد دبابة (مدمرة)، وقبل ان استرسل في رواية ماقام به من بطولة، لابد لي هنا من ان اضع القارئ الكريم بهذا الإستهلال عن الإعلام الجنوبي في الحراك السلمي الذي أرى بان نعرّج عليه لتتوضح الصورة أكثر.

عند بدء مسيرة الحراك الجنوبي السلمي فوجئ الكثير من مناصريه اننا نعاني من نقص كبير للكوادر الإعلامية الجنوبية المتخصصة والمناصرة للثورة الجنوبية يعملوا في مجال الإعلام الالكتروني .. ومع وجود جيش جنوبي كبير من العاطلين عن العمل، ومن المبعدين قسريا من الوحدات العسكرية ومن المرافق المدنية الجنوبية، وبوجود الزخم الشعبي للثورة الجنوبية، فلا بد ان تفرز كوادر إعلامية تغطي النقص وتشبع الى حد ما الحاجة لوجود إعلاميين مؤمنين بقضيتهم، يستطيعوا نقل الصورة  كما هي وكما يتوجب ان تخدم القضية الجنوبية، ولعل المواقع والمنتديات الجنوبية التي انتشرت منذ 2004م وأولها موقع “عدن برس” و “منتدى صوت الجنوب” و”منتدى الضالع” والتي صارت بما يشبه مدرسة أولية لصقل الكثير من المواهب الجنوبية التي وجدت نفسها تحمل راية الإعلام الجنوبي الالكتروني والفضائي فيما بعد، على الرغم ان الكثير ممن حملوا هذه المهمة ليس لهم علاقة بالإعلام الا بما يوجد في نفوسهم من هواية وثورية تدفعهم الى خوض غمار الإعلام بدافع وطني ليس الا، أوردت هذا الاستهلال التمهيدي لاروي لكم حكاية أحد هؤلاء الشباب وأعني (الإعلامي علي عوض) هذا الشاب العسكري في سلاح الدروع المتخصص في قيادة الدبابات، وبتفوق. والذي صار إعلامي مناضل ومعروف في الثورة الجنوبية.

كما كانت الحاجة الى ان يجد – الإعلامي الشاب علي عوض- نفسه قد حمل كاميراته لتغطية مسيرات الثورة الجنوبية السلمية ويرسم من خلالها وهج الثورة في مختلف ميادين النضال السلمي إثناء مسيرة الثورة السلمية الجنوبية التحررية  فقد وجد نفسه قائدا في ميادين القتال التي فُرضت عليه وعلى شعب الجنوب في إن يدفعوا عنهم الغزو، ويدافعوا عن ارضهم وعرضهم ويدافعوا عن العاصمة عدن بكل بسالة، وحينها كانت الحاجة الملحة ليس لكاميرات التصوير بقدر الحاجة الى مقاتل وكان لها ..!

صعد على ظهر دبابته التي سلمتها له المقاومة الجنوبية في خورمكسر وكان شباب  وأطفال حي السعادة وحي الأحمدي قد تجمعوا حول دبابته وبعضهم قد صعد على ظهرها، يهللون للإعلامي علي عوض ابن حيهم الذي فاجئهم وهو يمسك لجام (صهوته) بعد ان ترك لجامها قسراً منذ (22)عام تقريبا، حين كان يصول ويجول بها في جبهة دوفس مدافعاً عن الجنوب عام 1994م، وحينها لتفوقه حظي بإشادة – لايزال يتذكرها – حيث كان له الشرف ان يظهر في صحيفة “الراية” وهو يعاهد شعب الجنوب ان يدافع عن أرض الجنوب الغالية، .. تفحص (القائد) دبابته بعيون خبيرة وكانت ابتسامته الخجولة قد تحررت باشراقة وبفخر لاشك انه في تلك اللحظات قد عادت به الذاكرة الى عام 1984م السنة التي تخرج فيها من دورة قادة في مدرسة سلاح الدبابات.

قال لي (القائد) علي عوض بعد إصراري أنتزع من كلامه القليل مايلي : ” وجدت الدبابة قد نُزع منها (الشبكية) والمسطرة، ووجود هذه الأدوات هامة للرامي المدفعي للتسديد وضمانة إصابة الهدف، مع ذلك قمت بأول تسديدة غير مباشرة من داخل حي السعادة موجهاً مدفعي صوب فندق الوفاء الذي يتحصن فيه القناصة الغزاة القتلة، ولا ابالغ ان قلت لك انه لولا خبرتي وثقتي في تفوقي فأن الأمر صعب جداً،  كما لا اخفيك انني وجدت نفسي وحدي في الدبابة (تي 62) الروسية والتي أعرفها تماما وطاقمها لا يقل عن (ثلاثة أفراد) وقمت بعمل كل الطاقم – ضاحكاً- بالإضافة الى تصويري لإطلاق القذائف بالكاميرا التي أحملها”.

لعبت الدبابات والمدرعات التي أمتلكتها المقاومة الجنوبية لاحقاً في مدينة خورمكسر وفي كل جبهات الدفاع عن العاصمة عدن دوراً كبيراً في تحقيق النصر وفي تكبيد العدو مزيدا من الخسائر ولعل دورها الذي لا يقل أهمية يكمن كذلك في دخولها لإنقاذ الجرحى وأخراج القتلى من خط النار الأول.

أستمرت المعارك التي تخوضها المقاومة الجنوبية منفردة وبإمكانيات قليلة – عدى دبابة القائد علي عوض- لم يوجد مع المقاومة الجنوبية في خورمكسر الاّ الاسلحة الخفيفة وبعض الأسلحة المتوسطة التي نفذت ذخيرتها، كما تعطلت الدبابة الوحيدة بعد نفاذ ذخيرتها ايضاً، وهنا كان لزاماً ان تنسحب المقاومة تدريجيا من خورمكسر بعد ما يقارب من 50 يوماً من الصمود الاسطوري حررت فيها مطار عدن الدولي أكثر من خمس مرات وحررت كورنيش (ساحل ابين) ثلاث مرات وآخرها كانت في معركة (18- 19 إبريل 2015م) وسنتناولها بالتفصيل لاحقاً .

 بعد الخروج من خورمكسر التحق القائد علي عوض بجبهة الصولبان وشارك في معاركها بسلاح الدبابات ووجد في الجبهة مبتغاه من دبابات (البي ام بي) والتي أمتلك في قيادتها خبرة أكثر من غيرها ووجد دبابات (تي62 و تي 55 ) وفي أحدى المعارك كان في دبابته (بي أم بي) حين استهدفها قصف للعدو الغازي (الحوثي والعفاشي) بقذائف مدفعية الهوزر وقد أصيب اصابة خطيرة وفي موضع خطير في جسده بشظايا بجانب القلب من صدره وذراعه الأيسر ونقل على اثرها الى مستشفى شهداء الإمارات (22مايو سابقا) في المنصورة ومن ثم الى مستشفى أطباء بلا حدود وبعد اسبوعين خرج من المشفى وعاد الى جبهة القتال في الصولبان ولم تنتهي مهمته الا بعد ان تم تحرير منطقة العلم والمنطقة الخضراء والعند وأبين وكان كما بدأ يدا ترمي ويداً تصور الاحداث من داخل الدبابة وقد استطاع ان يمد الكثير من الزملاء المراسلين للقنوات الفضائية بكثير من المواد الإعلامية التوثيقية.