fbpx
في تذكار الراحل علي ثابت حسن الذي مات مبتسما

الحمد لله الواحد الحق الذي لا يحمد على مكروه سواه ولا حول ولا قوة إلا بالله القائل في محكم كتابه الكريم “يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) ” والف رحمة ونور تغشاك فقيدنا الراحل العميد الدبلوماسي علي ثابت حسن ابو رشيد الذي وافاه الآجل إثر إصابته بأزمة قلبية حادة فجر يوم الجمعة الموافق 16 أكتوبر 2015م  بعد صراع طويل مع القهر والإهمال المتعمد من سلطات الغزو والاحتلال والدمار التي سرحت الفقيد واستغنت عنه وهو مايزال في سن النضج والعطاء، قرابة سبعين عام من العمر قضى معظمها في خدمة الوطن والناس اذ عاش  الفقيد حياة حافلة بالنشاط والعمل الطيب منذ ريعان شبابه  اذ كان الفقيد أحد طلائع فدائي الجبهة القومية في مدينة عدن منذ البدايات الأولى لثورة 14 أكتوبر 1963م، شارك مع مناضلي الثورة في العديد من العمليات الفدائية النوعية وكان يمثل حلقة وصل بين قيادات العمل الفدائي التابعة للجبهة القومية ورموز التنظيم في الجيش والقطاع العسكري. كما أستخدمت سيارته الشخصية لتنفيذ العديد من المهام الفدائية وتحركات العديد من قيادات الجبهة القومية في مدينة عدن.

كان الفقيد ضمن مناضلي الجبهة القومية الذين تحركوا من عدن إلى يافع قبل الإستقلال لإنهاء الفتن والثأرات القبلية واستنهاض الروح الوطنية لإبناء المنطقة لمساندة الثورة وإقامة المراكز التي مثلت أول أشكال سلطة الثورة في المنطقة وإدارة شؤونها. بعد نيل الاستقلال الوطني كان الفقيد من أوائل الضباط المؤسسين لجهاز أمن الدولة وبعد عدة سنوات أي في بداية سبعينات القرن الماضي انتقل للعمل بوزارة الخارجية. ابتعث للعمل الدبلوماسي في سفارات بلادنا في كل من بيروت والقاهرة والرياض والكويت.

عند عودته من الكويت في العام 1987م شغل مديراً لتشريفات مطار عدن الدولي ثم مديراً للضيافات بوزارة الخارجية حتى يوم إعلان الوحدة اليمنية 1990م. ونظراً لعدم ترتيب وضعه الوظيفي بوزارة الخارجية الموحدة تريبا عادلاً يليق بتاريخه النضالي وسنوات خدمته الطويلة للوطن، فضل العودة إلى عمله القديم – الأمن السياسي حيث منح رتبة عقيد. لكنه ظل في بيته عدة سنوات دون ممارسة أي عمل في هذا المجال ليطلب بعدها التقاعد عن العمل ويمنح رتبة عميد (رتبة التقاعد). الفقيد حاصل على العديد من الأوسمة والميداليات والشهادات التقديرية أهمها وسام الإخلاص من قبل مجلس الرئاسة، ميدالية تأسيس أمن الدولة، وميدالية حرب التحرير. رغم كل الظروف ظل الفقيد متابعاً ومهتما بقضايا الوطن، وكان له حضوره السياسي والاجتماعي المتميز حتى آخر لحظة في حياته .

فماذا بوسعي قوله في هذا المصاب الجلل وفي هذا المقام الحزين ، ان العين لتدمع والقلب يعصره الألم والكلمات تخنقها العبرات وهي تحاول تذكار الفقيد العزيز ابو رشيد الذي عرفته قبل ان التقيه في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي عرفته من سيرته العطرة عند الناس الذين عاشروه  وعايشوه منذ الطفولة واتذكر الان ان المرحوم ابي الف رحمة ونور تغشاه في مثواه كان يتذكر الفقيد العزيز علي ثابت حسن بكل تقدير واحترام بوصفه احد المشتغلين  في سلطة دولة الجنوب حينذاك الذين كانوا يعاملون الناس بلطف وخلق رفيع وهذا ما شوقني الى معرفته منذ كنت طالبا في جامعة عدن عرفت الرجل مثالا متميزا للنظام  والترتيب والوفاء بالوعد والعهد في السلوك والكلام والهندام  فكان حقا جديرا بالثقة والتقدير والاحترام.

كان رحمه الله  يتمتع بشخصية ايجابية متفردة  تجمع بين الهدوء والوقار  والتواضع  والاتزان والمبادرة في اصلاح ذات البين في كل حال من الاحوال وكانت الابتسامة لا تفارق محياه ابدا لم اره يوما متبرما او مضطربا حتى في احلك الظروف والأحوال كان اسمه من بين الشخصيات الاجتماعية الذين يذكرهم الناس ويتذكرونهم بكثير من المحبة والتقدير والاحترام  لما يتمتع به من جاذبية  وثقة اجتماعية وقدرة توفيقية في حل النزاعات والمشكلات الاجتماعية بين الناس.

اتذكر  انني قابلت الفقيد قبل عام في منزل الاخ العزيز الدكتور فضل حسين العبادي استاذ تصميم الطيران المدني في جامعة عدن كان المرحوم في كامل صحته ولم يكن يشتكي من أي مرض يعانيه عدا الضغط والسكر الذي كان يتعايش معه منذ مدة من الزمن وقد صدمت بنبأ وفاته المفاجئ وأنا بعيد عن الوطن ولكن قدر الله وما شاء فعل الف نور وسلام يغشاه في مثواه ولا حول ولا قوة الا بالله  .

نعم مات العزيز علي ثابت حسن والموت حق ولكنه مات بعد ان ترك أثرا لا ينسى في قلوب وأذهان من عرفوه، وكم مات قوم وما ماتت مآثرهم   وعاش قوم وهم بالناس اموات .

رحمك الله فقيدنا الغالي ابو رشيد وأسكنك فسيح جناته مع خالص العزاء والمواساة  للأسرة الكريمة وجميع محبيك .