fbpx
50 ألف يمني في 233 قرية .. «مسيمير لحج» تتصدى ذاتياً لمليشيات الحوثي وصالح
شارك الخبر

يافع نيوز – الاتحاد – بسام القاضي :

لا تزال جبهة كرش التابعة لمديرية المسيمير لمحافظة لحج تشهد معارك مع ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح التي تم طردها إلى حدود منطقة الشريجة الشمالية التابعة لمحافظة تعز. ولا يزال صمود الجبهة متواصلاً رغم قلة الإمكانيات والدعم القائم على السلاح الذي غنمته المقاومة أثناء حربها مع المتمردين. لكن أين هذه الجبهة وما أهميتها سؤال تحاول «الاتحاد» الإجابة عنه عبر هذا التحقيق.

تنام مديرية المسيمير «الحواشب» بمحافظة لحج، على دلتا وادي تبن، أحد أشهر وأكبر الأودية اليمنية، وهي أرض زراعية تمتد من آخر نقطة حدودية جنوبية مع محافظة تعز إلى مثلث العند القريب من قاعدة ومعسكر العند وسط لحج. تبلغ مساحتها 533 كلم مربع، وعدد سكانها 50 ألف نسمة، يقطنون في 233 قرية، وموزعين على 18 مركزاً انتخابياً، تتبع محافظة لحج الجنوبية جغرافياً وإدارياً يحدها من الشمال مديرية ماوية التابعة لتعز، ومن الشرق ردفان، ومن الجنوب مديرية تبن، ومن الغرب منطقة كرش.

وتعتبر المسيمير، منطقة حدودية ترتبط بتعز من ثلاث منافذ، وأول مديرية من لحج يمكن للقادم من تعز أن يعبر فيها، ولها أهمية قصوى في خارطة الحرب والمواجهات الأخيرة التي شهدتها لحج والجنوب مع ميليشيات الحوثيين وقوات صالح. وخاضت «مسيمير» لحج قتالاً هو الأشرس من نوعه على مدى ستة أشهر متواصلة رغم عدم اهتمام الإعلام بها أو الاطلاع على أحوالها، ويقع فيها معسكر لبوزة «أكبر المعسكرات بعد العند» وهو قريب جداً منه وتفصله فقط نحو 15 كيلو متراً جنوباً.

فقر وإهمال لكن الأمن مستتب

تعاني مديرية المسيمير، إهمالاً وفقراً، على مستوى لحج بل وربما في اليمن، وغياباً للخدمات بكافة أشكالها وأنواعها، بما فيها أبسط مقومات العيش الكريم كالصحة والتعليم والكهرباء والمياه وذلك منذ ما قبل الوحدة اليمنية مع الشمال وحتى الآن.

ويعاني أكثر من 10 ملايين يمني انعدام الأمن الغذائي، بحسب المسح الشامل للأمن الغذائي الذي أجراه برنامج الأغذية العالمي في العام 2012، إذ يعيش نحو 45 في المائة من اليمنيين على أقل من دولارين في اليوم الواحد. وصنفت محافظة لحج كرابع أفقر محافظة وفق مؤشرات الفقر في اليمن لعام 2012، حيث يعيش 52 في المائة من سكانها تحت خط الفقر. وأشار تقرير الأمم المتحدة عن وضع التنمية في اليمن لعام 2011 إلى أن نسبة الفقر بلغت 50 في المائة، وأن الريف يحتضن ما نسبته 84% من الفقراء.

يقول القيادي أحمد سعيد الحوشبي في حديث خاص مع «الاتحاد» إن المدينة تعيش أوضاعاً أمنية مستتبة جداً، رغم الغياب التام والكامل لأجهزة الدولة وسلطاتها المحلية، وحتى الإدارية، ليس أثناء وبعد الحرب، بل قبل ذلك بسنوات، حيث إن المقاومة تقوم بحماية المدينة بالتعاون مع السكان المحليين.

ويضيف «قامت المقاومة، ذاتياً بتشكيل قيادة أمنية، ترابط في إدارة الأمن وتمارس عملها منذ تحرير المديرية في يوليو الماضي، لكنها تفتقد لكثير من الإمكانيات».

وأشار إلى أن أهم تلك الإمكانيات، اعتماد جنود من المقاومة لإدارة الأمن وتوفير رواتبهم، إلى جانب توفير أطقم وأسلحة للجنود حتى يتم العمل الرسمي بها لضبط الأمن وتأمين حماية المسيمير، خاصة في هذه الظروف والمرحلة، كون المديرية هي حدودية مع تعز ولها منافذ قد تحاول مليشيات الحوثي والمخلوع التسلل منها.

تدهور صحي وتلوث بيئي

وأوضح مدير مكتب الصحة بالمسيمير محمد السيد أحمد أن الجانب الصحي يكاد يكون معدوماً وخاصة في فترة الحرب وحتى الآن، عقب اقتحام الميليشيات للمستشفى وتحويله لثكنة عسكرية. ويضيف «القطاع الصحي بالمديرية، بحاجة كبيرة لنهوض من أجل مواجهة مخلفات الحرب وما عاناه الناس خلال الحصار الذي فرض على المديرية لأربعة أشهر متواصلة، إضافة إلى أن المنطقة تعاني من أمراض وبائية مثل«الملاريا والبلهارسيا – وكذلك السرطانات والفشل الكلوي».

ويشير إلى أن تلوثاً بيئياً تعانيه المنطقة جراء انبعاثات مصنع الإسمنت الذي تستخدم فيه توليد الطاقة بالفحم الحجري مما تسبب بأضرار بالغة منها انتشار الأمراض وتأثيرات إبادة الحياة النباتية والحيوانية. كما يفيد أن الحرب وحصار المليشيات للمنطقة بعد تطهيرها، وقطعها الطريق الرئيس، تسبب بوفاة أربع حالات فشل كلوي ونساء حوامل تعرضن للإجهاض، بعد منعهن من العبور نحو عدن أو تعز، بالإضافة إلى افتقار المستشفى الرئيس بالمنطقة لأي أدوية أو أدوات جراحية أو سيارة إسعاف، وغيرها. مشيراً إلى أن المستشفى يعاني من نقص بالكادر الوظيفي في حين أن هناك خريجين بالمئات لا يزالون في رصيف البطالة.

التعليم ومعاناة الحصار

وتسببت مليشيات الحوثيين والمخلوع صالح بتدمير أجزاء من المدارس بعد التمركز فيها وتكسير ما فيها إلى جانب تخريب المكتبات والصفوف الدراسية. ويقول بسام جمال الطميري إن التربية والتعليم بالمسيمير تعاني الكثير، حيث الغياب الرسمي للإدارة، ولا توجد إلا جهود ذاتية من بعض المعلمين، قاموا بإعادة تدشين الدراسة في المدارس، رغم الدمار، ولكن تظل هناك كثير من الآمال بإعادة ترميم المدارس وتطبيع العملية التعليمية بشكل رسمي.

وخلال أشهر الحرب والمواجهات فرض العدو حصاراً على الأهالي ومنع وصول مياه الشرب إليهم، كما منعهم من النزوح أو إسعاف المرضى الذين توفي منهم أكثر من خمسة خلال فترة قصيرة بعد أن احتجزتهم نقطة للحوثيين، إضافة إلى منع دخول أي إغاثة أو مواد تموينية أو حتى السماح للتجار باستيراد المواد الغذائية وإدخالها. ومعاناة الحصار بالمسيمير إلى جانب كرش التي كان الحوثيون يتمركزون فيها، كانت أكبر من معاناة الحرب والقتل، فكل ما يخص الأطفال من حليب ومواد انعدمت تماماً إلى جانب انعدام كامل للمواد الغذائية والمشتقات النفطية والغاز فضلاً عن بقية الأساسيات كالكهرباء والمياه والاتصالات والتنقل.

استغاثة ونداء

يشير الناشط الحقوقي والمكلف من قبل المقاومة بالمسيمير بالإشراف على أي مواد إغاثة قادمة صابر محسن القائد، إلى أن المعاناة التي عاناها أكثر من 40 ألف نسمة في المسيمير والآلاف في كرش خلال 5 أشهر كانت معاناة لا يستطيع تحملها إلا أناس بلغت التضحية عندهم حد الموت جوعاً وعطشاً أفضل من أن يخضعوا لمليشيات عدوانية وهمجية ولا تمتلك ذرة من الإنسانية.

ويقول خمسة أشهر مرت على المسيمير دون أن يجد أبناؤها مياه الشرب أو مياه الاستخدام ولا كهرباء والتي لا تزال مقطوعة حتى الآن، كما لم يجدوا حتى التمر في شهر رمضان الكريم للإفطار به». وأضاف«رغم هذا كله إلا أن المسيمير وكرش لم تستلم حتى ذرة قمح أو غيرها من مواد الإغاثة التي تصرف لكل المناطق».

وأطلق المسؤول نداء عاجلاً لمركز الملك سلمان والهلال الأحمر الإماراتي ومنظمات الإغاثة في دول التحالف العربي أو المنظمات المحلية والمسؤولين عن إغاثة المتضررين من الحرب للإسراع في إنقاذ سكان المسيمير وكرش وإيصال الإغاثة لهم لمساعدتهم على الخروج من أزمة الحصار الخانق على مدى أشهر والتخفيف من الضغوط النفسية والمادية التي تكتم على أنفاسهم وقلوبهم.

مشيراً إلى أن أولويات العمل الإنساني هو الإغاثة، ونكرر دعوتنا ومناشدتنا لمن يهمه الأمر بالتعجيل والإسراع في إيصال الإغاثة، مؤكداً أن اللجان التطوعية التي شكلتها المقاومة على أتم استعداد للتطوع في إيصال الإغاثة إلى كل منزل في هاتين المنطقتين.

لا للتهميش والتآمر

ويقول القائد في المقاومة الجنوبية بجبهة المسيمير فتاح الحوشبي «المسيمير وكرش عانت كثيراً من الأنظمة الاستبدادية التي تعاقبت على حكم الجنوب منذ أكثر من نصف قرن وأكثر كونهما حدوديتان وتعرضتا لعمل عسكري وأعمال عنف نظامية كبيرة في مرحلة ما قبل الوحدة، وكذلك تم تهميشهما بعد الوحدة، وجاءت حرب العدوان من قبل المليشيات المعتدية التابعة للحوثيين والمخلوع لتزيد معاناة الأهالي والسكان إلى أقصى الدرجات مع حصار متواصل وخانق على مدى أشهر تجرع السكان فيه ويلات وجحيم لم تحدث من قبل أبداً»،

مطالباً النظر بعين الاعتبار للمسيمير وكرش كونهما لم تصل إليهما حتى الآن أي إغاثة وكونهما أكثر تضرراً واحتياجاً للغذاء والماء والدواء وأي مساعدات خدمية أو مشاريع تنموية إلى جانب مساعدة أسر الشهداء والجرحى والمعتقلين الذين قدموا تضحيات جسيمة في الدفاع عن الدين والأمة العربية والوطن من مؤامرات إيران ومشروعها المعادي القادم من شمال اليمن عبر المليشيات العميلة والهمجية التابعة للحوثيين ومنظومة المخلوع صالح.

ويقول الناشط علاء فاروق: إن الجنوب ومقاومته ودول التحالف العربي جسد واحد وصخرة صماء تتحطم عليها مؤامرات الأعداء ومشاريعهم التي تستهدف الأمة العربية، مقدماً شكره وامتنانه لدول التحالف العربي وبالأخص المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقيادتيهما، مشيداً بالدور التاريخي والبطولي الذي يجب أن يكتب بالذهب لما قامت به دول التحالف في إنقاذ شعب اليمن عموماً والعمق الاستراتيجي العربي من أسوأ مليشيات همجية دموية عرفها التاريخ وعميلة لإيران العدوانية.

أخبار ذات صله