fbpx
هل اقترب الأكراد من تحقيق حلمهم بدولة مستقلة؟
شارك الخبر

يافع نيوز – إيلاف :

ينتمي بريار عبد الله الى عائلة كردية تفتخر بأبنائها الذين قاتلوا في صفوف البشمركة،  لكنه قرر الخروج عن تقاليد العائلة عبر دراسة القانون بدلًا من القتال، رغم الحرب الدائرة في شمال العراق بين القوات الكردية وتنظيم داعش.     واعترف عبد الله، الذي يدرس في اربيل عاصمة اقليم كردستان، بأن قراره كان صعبًا، لكنه وليد قناعة بأن المعرفة هي الأساس الأقوى لقيام دولة كردستان المستقلة، وأضاف: “أحلم بجواز سفر كردستاني، والقدرة على السفر في انحاء كردستان الكبرى”، وتابع: “ان كردستان العراق يمكن ان تكون البداية، فالكرد جاهزون للاستقلال”.

ريباز حسن، شاب كردي آخر، اختار طريقًا مختلفًا لتحصيل العلم بانضمامه الى معسكر تدريب في جبل قنديل، معقل حزب العمال الكردستاني، وقد يختلف حسن في التفاصيل مع عبد الله ولكن رؤيتهما واحدة، فقد قال لصحيفة كريستيان ساينس مونتر في مركز ثقافي تابع لحزب العمال الكردستاني: “ان حلمي هو ان تقام كردستان حرة، وأُريد ان أرى كلمة كردستان لا العراق على جواز سفري”.

اشادة وتعاطف   إلى ذلك، يُعتبر الكرد أكبر جماعة قومية في العالم بلا دولة، ويبلغ عددهم نحو 30 مليونًا موزعين بين تركيا والعراق وايران وسوريا، وقد اسفرت الانتصارات التي حققتها القوات الكردية في العراق وسوريا عن اتساع رقعة الأرض التي يسيطرون عليها، ورغم انهيار عملية السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني فان حزب الشعب الديمقراطي الكردي تخطى العتبة الانتخابية العالية في الانتخابات الأخيرة لدخول البرلمان التركي، ولو بعدد أقل من المقاعد التي فاز بها في انتخابات حزيران (يونيو) الماضي.

ولكن أداء الكرد في الحرب مع داعش هو الذي فرض على المجتمع الدولي الاشادة بدورهم وزاد مشاعر التعاطف مع قضيتهم، وقال المحلل المختص بالشؤون الكردية في واشنطن، موتلو جيفير اوغلو، ان بالامكان الحديث عن مجيء اليوم الكردي “لأن المارد خرج من القمم، والقضية الكردية الآن قضية اقليمية ودولية، ولا بد ان تعالجها القوى الدولية عاجلًا أو آجلًا”.

اوغلو أشار إلى ان الكرد، رغم اختلاف الواقع الذي يواجهونه في اربع دول، يربطهم احساس مشترك بالانتماء، فعندما كانت مدينة كوباني السورية محاصرة هب كرد من العراق وسوريا لنجدتها، كما ونظم كرد ايران المضطهدين تظاهرات تضامنية.

داعش أولوية   ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن مسعود شريفاز، المؤرخ والباحث في جامعة ماردين أرتوكلو جنوب تركيا، قوله باعتزاز ان الكرد كانوا موجودين قبل ظهور المسيح، واشار الى ان الجنرال اليوناني زينوفون، والمؤرخ اليوناني سترابو كتبا عن “كوردون”، وان كثيرًا من الباحثين، بمن فيهم شريفاز نفسه، يعتقدون ان هذه المنطقة هي كردستان الحديثة.

وفي سياق متصل، تعرض المغني الكردي سعيد كاباري الى التعذيب في اسوأ سجون المنطقة، سواء سجن دياربكر في تركيا، أو سجن ايفين في ايران، أو سجون النظام السوري.

ويتذكر كاباري، الذي فقد بصره وراء القضبان لكنه لم يفقد شيئا من ذاكرته الحادة، انه تعرض للتعذيب بالصدمات الكهربائية 111 مرة خلال سجنه في تركيا.

يعيش كاباري الآن في كردستان العراق حيث اقتربوا من الاستقلال أكثر من سائر اشقائهم في اجزاء كردستان الأخرى، ويقول رئيس الاقليم مسعود بارزاني ان اجراء استفتاء في كردستان العراق هو الخطوة الأولى نحو الاستقلال، لكن اطرافًا أخرى ترى ان هناك أولويات أشد الحاحًا، وفي مقدمتها الأزمة الاقتصادية التي دفعت آلاف الشباب الأكراد الى الهجرة، والخلافات مع بغداد بشأن النفط، والأزمة التي نشأت مع انتهاء ولاية بارزاني.

وقال جعفر امينكي، نائب رئيس برلمان الاقليم، لصحيفة كريستيان سانيس مونتر: “ان التحدي الأكبر الذي نواجهه هو الحرب ضد داعش، وان اعلان الاستقلال ليس اولوية أو حاجة ملّحة اليوم”.

حتمية الاستقلال   لكن كمال كركوكي، المسؤول الكبير في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني والقائد العسكري على جبهات القتال مع داعش في كركوك، لا تساوره شكوك بأن الاستقلال هو الهدف، وانه اصبح في متناول اليد، سواء وافق العالم أو لم يوافق.

وأضاف كركوكي لصحيفة كريستيان ساينس مونتر: “إذا كنّا نقاتل من اجل البقاء في العراق كفيدرالية، فإني لن اقاتل داعش دقيقة واحدة، ولن أبقى في هذا الجحيم”، وتابع متسائلًا: “ما هو العراق؟ ان هذا البلد لا يسيطر على اجوائه، ولا يسيطر على ارضه أو حدوده، ولا يسيطر على نفطه ومائه، إنه عراق فاشل”.

في سوريا كان الربيع العربي فرصة ذهبية للكرد الذين يسيطرون، الآن، على ثلاث مناطق غير متصلة اقليميًا في شمال سوريا، وقال الناشط الكردي السوري، محمد رشو، الذي يقيم في العراق: “ان شعارنا هو تحرير روجافا وسوريا ديمقراطية”، في اشارة الى الجزء الكردي من شمال سوريا.     لكن الصراعات الداخلية والنزعات الاوتوقراطية والعلاقات المتأزمة مع حكومات الدول التي يعيش فيها الكرد ادت الى تباطؤ التقدم نحو الاستقلال، وقال كاوا حسن، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا في معهد الشرق في بروكسل: “ان اكبر التحديات التي تواجه الكرد اقليميًا تتمثل،

أولًا: في الانقسام الداخلي والتشظي، ومن دون ترتيب البيت الكردي لن يتمكنوا من تحقيق الاستقلال،

وثانيًا: معارضة البلدان المجاورة والولايات المتحدة لاستقلال الكرد،

وثالثًا: غياب البنية التحتية الاقتصادية التي يمكن ان تشكل الأساس الاقتصادي للاستقلال”، واضاف: “ان الأمور تتغير بسرعة في الشرق الأوسط، فسوريا تنهار والعراق ينهار، والسيناريو الأرجح هو فيدرااليات أو كونفدراليات كردية”.

هذا ويرى بعض الخبراء والمتابعين ان المكاسب الاقليمية التي تحققها القوات الكردية يمكن ان تحدد ملامح دولة كردية تُقام كأمر واقع، إذا تفكك العراق وسوريا.

 

*إعداد عبد الإله مجيد

أخبار ذات صله