fbpx
قاتلي وأبني دولة يا دول التحالف

في مقابلة تلفزيونية قبل أكثر من شهرين ؛ سألني المذيع ؛ لماذا يستمر المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ بمساعي وساطة تخالف القرار الأممي ٢٢١٦ بينما المفروض أن يكون مدافع عنه…؟

فأجبته بالقول ؛ بدايةً نحن في الجنوب لانحمل ذكرى طيبة للأمم المتحدة ومبعوثيها ، فقد كانوا دائماً ضد إرادة الشعب الجنوبي . . . وإجابة على سؤالك أقول ؛ إنني أظن “وأكرر أظن” أنَّ المبعوث الدولي الحالي وكذلك الذي سبقه والمنظمة الدولية ؛ لديهم معلومات استخباراتية من الدول العظمى ، أكدت لهم عجز السلطة الشرعية وعدم كفاءتها على إدارة البلاد ،  بينما الإنقلابيون قادرون على إدارتها وخلق استقرار مقبول عجزت عنه الشرعية .

والأمم المتحدة لاتريد صناعة بشار آخر في صنعاء (أعني الحوثي والمخلوع) لايمكن إسقاطه مهما فعلت دول التحالف ، ومهما كانت القرارات الدولية . . . ولذلك ومن أجل الوصول إلى نهاية سريعة للصراع فهم يبحثون عن مخرج للوضع حتى لو اقتضى تنازلات من المنظمة الدولية .

وعندما أقول بفشل السلطة فأنا لا أعني الرئيس هادي وحده ؛ فالسلطة منظومة واسعة من الموظفين ؛ وهؤلاء جميعهم عينهم الرئيس المخلوع وأصبحوا أدواته وهم سبب الفشل لأنَّهم يأتمرون بأمر الرئيس المخلوع .

انتهت الإجابة . . . لكنَّها لم تعجب المذيع ولا المحللين الكبار في الاستوديو ولا المايسترو الذي يدير البرنامج من وراء الكواليس .

وأتساءل ؛ لماذا يغضب القوم من سماع الحقيقة عندما لاتكون في صالحهم…؟ لماذا لايقبلونها على اعتبارها نصيحة يصححون على أساسها أخطائهم حتى يغدو الواقع في صالحهم كما يريدونه…؟

مؤشرات الواقع دائماً ما تضع علامات طريق المستقبل ، أو لنقل تعطي ملامح القادم من الأيام ؛ ومن يريد تغيير المستقبل عليه الاعتراف بالواقع ، ثم يعمل على التأثير على معطياته حتى تتغير لصالحه ، حينها ستلوح له في الأفق مؤشرات تنبئه بأن القادم في صالحه ، وكما خطط له .

من الغباء الرهان على قيادة عجزت عن كل شيء ؛ حتى تحرير المحافظات التي تنتمي إليها ؛ فأن تبقى أجزاء واسعة من المحافظة ، التي ينتمي إليها الرئيس “أبين”  بيد العدو بشقية الحوثي والقاعدة ، فهذا يعني أنَّ القاعدة الشعبية الأولى للرئيس هادي ليست معه ، بل قد تكون ضده . . . وكذلك الحال مع نائب الرئيس خالد بحاح فحضرموت بيد القاعدة .

لقد حاولت السعودية بكل الوسائل أن توقف هذه السلطة على رجليها لكنَّهم أعجزوها ؛ هربوا وكلفوها شهرياً أكثر من (٥٠ مليون.ر.س.) فنادق ؛ وأعطتهم مئات الملايين (س.ر) لتمويل الشعب المقاوم كي يستعيد لهم كرامتهم ؛ فسرقوا المال وأختاروا أن يعيشوا بلاكرامة…!!

ولبَّت المملكة طلب السلطة بعدم التعاون مع المقاومة الجنوبية بدعوى “انفصاليين” ، ومنعت مفكريها من الظهور على القنوات الفضائية بدعوى “انفصاليون يشيرون إلى استقلال الجنوب” وهذا يدفع الشماليين للاصطفاف خلف العدو…!! ورغم ذلك لم يصطف الشماليون خلف الشرعية . . . لماذا…؟ فكر أيُّها القارئ وأجب .

ولم تكتفي المملكة بذلك ؛ بل أنزلت أبنائها من السعوديين والإماراتيين على الأرض  ليقاتلوا بالنيابة عنهم ، وكلما تحررت منطقة تم تسليمها إليهم ؛ فعجزوا عن إدارتها بل عن إدارة مديرية واحدة…!! مصالحهم الشخصية هي كل همهم . . . حتى أصبح المراقب يرى عملية إبتزاز ممنهجة عنوانها (قاتلوا وحرروا وعمِّروا لنا دولة مستقرة ياخليجيين)…..!!

إذن ؛ قضي الأمر وكما تقول العرب <قطعت جهيزة قول كل خطيب> ؛ ومارفضه التحالف قولاً ، فرضه عليهم الواقع قصراً ؛ فحتى لو حرروا اليمن كله “جنوب وشمال” وسلموه إلى هذه السلطة فلن تستطيع إدارته . . . بالتالي لم يعد أمامهم إلَّا القبول بتسوية سياسية مناسبة .

وقد حذرت منها خلال الشهرين الماضيين ، عدة مرات ، ووصفتها   “بتسوية مبكية للجنوبيين ، مهينة للخليجيين”) . . . لكن العدو كان أذكى من توقعي ؛ عندما قدم مؤخراً تنازلات كبيرة ، تكفي لتسوية تضمن حماية المصالح والأمن القومي ومخرج مشرِّف للخليج . . .

وهي “مبكية للجنوبيين” لأنَّها ستقضي بخروجهم من السلطة ؛ فالعاجزون سيكونون جوائز الترضية التي تمنحها الأطراف الأقليمية واليمنية المتحاورة لبعضهم البعض .

فإذا صدق العدو معهم هذه المرة فسينجح في تحييد الطرف الخليجي..؟

فإذا وصلنا إلى هذه المرحلة فعلى الشعب الجنوبي الحذر من الوقوع في خطأ الالتفاف حول القيادة الفاشلة العائدة إلى عدن…؟ بل عليه عقابهم ؛ هم وقيادات الحراك الفاشلة ؛ حتى لايخسر التعاطف الدولي ، والتعاون الذي تبديه بعض الدول الإقليمية .

عليه أن يلزمهم بعدم ممارسة أي نشاط سياسي ، وترك الساحة للمقاومة ، باعتبارها قيادة عسكرية وسياسية مؤقتة ، ثم يتم تعزيزها بالعلماء ؛ (أساتذة الجامعات والفقهاء وأئمة المساجد والجنرالات الخبراء المتقاعدين) الذين لم يكونوا من منظومة السلطة الفاشلة ومكونات الحراك الكرتونية .

وبهذا الطريقة يغير شعبنا معطيات الواقع ؛ ويجعل القادم في صالحه بعون الله وتوفيقه ؛ فالله لم يُتبع عسراً بعسر ،  قال تعالى {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} بل أتبعه باليسر ، وقد طال بشعبنا العسر لعقود وآن الآوان لينجلي .

 

طيَّب الله ثراك ياوطني بدماءٍ زكية .