fbpx
لهذا اختص التحالف فئة بالدعم وأعرض عن الآخرين

عندما كان المقاتلون في الجبهات يسألونني لماذا خصص التحالف الدعم بالمال والسلاح للسلفيين ومنعوه عن الآخرين…؟ .. كنت أجيبهم بالقول “هذا الكلام غير صحيح ، هم لايعرفون بأننا نقاتل ، وعندما يعرفون سوف يدعموننا” . . . كنت أكذب عليهم ، رغم معرفتي بالحقيقة ؛ كنت أخشى قولها لأنَّها قد تدفع بالقوم إلى ترك القتال .

الحقيقة أنَّ الدعم والتمويل تم اعتماده للوحدويين فقط ؛ أكانوا سلفيين أو عسكريين أو سياسيين أو صحفيين أوغيرهم. . . ولم يستثنى من هذا القرار إلَّا المناطق البعيدة من عدن والتي فرضت المعركة على التحالف دعم غير الوحدويين كالضالع وشبوة .

حتى قيادة المنطقة العسكرية-عدن لم تحصل على دعم ؛ فقد ترك اللواء علي هادي بدون دعم حتى استشهد..!! .. وكذلك فعلوا مع اللواء سيف الضالعي ؛ الذي أُقِيل من منصبه لأنَّه أراد ممارسة صلاحياته بمنع خروج الأسلحة إلَّا بقرار منه ؛ حينها قام هاني بن بريك بأخذ الأسلحة بالقوة على مرأى ومسمع الإماراتيين ، وإبن بريك هو نائب نايف البكري في رئاسة مجلس المقاومة الشعبية .

أمَّا السلفيون الجنوبيون الغير مسيسين فكان حالهم من حالنا ؛ لايحصلون على أي دعم ، باعوا كل مايملكون مثلنا . ويمكن أي إنسان أن يسأل كبار المشايخ حفظهم الله ؛ الشيخ المجاهد طالب الضالعي – والشيخ القائد بسام المحضار – والشيخ أبوالوليد قائد الفصائل اللحجية . . .
لكنَّ بعضهم حصل على دعم في الشهر الأخير من المعركة ؛ فعندما أعتمدت خطة الهجوم لتحرير المديريات المحتلة في عدن ولحج وأبين ؛ واكتشف الوحدويون أنَّهم عاجزون عن القيام بالمهام الموكلة لهم ، أضطروا لدعم بعض المشايخ واستقطبوا جنود وصغار القادة “المحسوبين على الاستقلال”
هذه هي الحقيقة .

وقرار حصر التمويل على الوحدويين لم يتخذ إبَّان المعركة بل كان قبلها…؟
والسبب في ذلك أنَّ التسريبات أكَّدت انضمام أغلب وحدات الجيش إلى جماعة الحوثي ، والانقلاب مسألة وقت .. واللجان الشعبية التي شكلها الرئيس هادي ليست كافية للمواجهة . ولذلك أتخذ قرار تأسيس وحدات شعبية . . . وتم إختيار القيادات السلفية الدمَّاجية ليقوموا بمهمة تشكيل هذه الوحدات ، فهم يناصبون الحوثي العداء وفي نفس الوقت يصرحون بحماية الوحدة اليمنية .

كان شرط “حماية الوحدة” لابدَّ منه للحصول على دعم في عدن ؛ فكل مصادر المعلومات أكَّدت أنَّ القوة الأكبر على الأرض هم المُنادون باستقلال الجنوب . . . وهذه القوة تتكون من المقاومة الجنوبية ؛ وتقدر بعشرة آلاف جندي “آن ذاك” مدرب تدريب جيد ، منها ثلاثة آلاف (٣٠٠٠) قوات صاعقة . والآلاف من ضباط وصف وجنود الجيش الجنوبي المسرَّح . والآلاف من رجال القبائل المؤيدة للاستقلال .

وهذه القوة الكبيرة غير منضبطة لقيادة موحدة يمكن للتحالف التفاهم معها على عمل مشترك ؛ فالمقاومة يقودها عدد من القادة المختلفين . ومسرحوا الجيش لايوجد بينهم قادة يمكنهم جمعهم إذا حصلوا على دعم . ورجال القبائل موزعون على مئات المجموعات ولايطيعون شيوخ القبائل .

وفي هذه الحالة أصبح التحالف أمام مأزق كبير ؛ فإذا تدخل بقواته الجوية لضرب قوات الإنقلابيين الرئيسية ودمَّرها ، دون أن يكون معه قوات برية على الأرض كافية ومنضبطة ، في ضل وجود قوة “انفصالية” بهذا الحجم متفقة على الهدف ، فهذا قد يغري بعض قياداتها ” المتسابقة” لفرض أمر واقع يحرج التحالف .

وهذا سيجعل العالم يتهم دول التحالف بتقسيم اليمن “كما تروج إيران ومن خلفها جماعة الحوثي والرئيس المخلوع وحزب الله” . . . ويقع التحالف في مأزق دولي ينسحب من اليمن إلى سوريا ، ويتم منع دول التحالف العربي من التدخل في سوريا ، فيبقى الأسد وتحل الكارثة بالشعب السوري .

وقد حاولت السعودية إحتواء هذه الثغرة بدعوة الرئيس البيض للاتفاق معه ، كون هذه القوى الداعية لاستقلال الجنوب تعلن تبعيتها له . . . ولكنَّ الرئيس البيض وعدهم بإلتزامه الشخصي بالتوقف عن أي نشاط يتعارض مع خطط التحالف ، وأعلن رسمياً تأييده للتدخل العسكري ، ونادى الشعب الجنوبي بالوقوف إلى جانبهم ، لكنَّه أبلغهم أنَّه لايملك السيطرة والتحكم التام بهذه القوات . . . وكان صادقاً في قوله ، ووفياً في تعهده .

وكانت توقعات سيرورة المعركة تقول : أنَّ الجنوبيين سوف يقاتلون بشراسة ضد القوات الإنقلابية سواءً تم دعمهم أم لا ، لسببين ؛ الأول ؛ أنَّ الجنوبيين جميعهم من أهل السنة والجماعة ويتكأون على إرث تاريخي لمئات السنين واجهوا فيه غزوات الجيوش الإمامية .. والسبب الثاني ؛ أنهم يرون قوات الإنقلابيين هم القوة الإستعمارية الرئيسية التي دمَّرت الجنوب خلال الأعوام الماضية .

وقد حاول الجنوبيون “قوى الاستقلال” إقناع السعودية بإنَّهم لن يخرجوا عن خطط التحالف مهما حدث..؟ .. لكنَّ الطرف “الوحدوي” المشكل من منظومة الرئيس هادي وحزب الإصلاح ومن لف لفيفهم نجحوا في تزييف الحقائق واختلاق الأكاذيب..!! .. بل ونجحوا في إقناع التحالف بضرورة دعم القوى الوحدوية بعد الحرب حتى تخلق توازن القوة في عدن مع قوى الاستقلال تمنعها من أي تحرك إنفرادي .
وتم لهم ما أرادوا .

وانتهت معارك تحرير عدن ولحج وأبين وشبوة ، لكنَّ التعامل العدائي مع المحسوبين على الاستقلال مازال كما هو ؛ وتم تمويل زراعة الفتن والخلافات داخل المقاومة الأصلية ، وتم تجاهل شهدائها ، وأهين جرحاهما . . . وتم استنساخ مقاومة تابعة لهادي وأخرى تابعة للإصلاح ، ودعم الوحدويين مستمر وفي تزايد..!!!

والسؤال ؛ هل هذه الخطة هي التي منعت قوى الاستقلال من فرض أمر واقع…؟ .. لا والله ؛ ولكنها أخلاق وقيم الشعب الجنوبي هي التي منعت ، وقد شرحتها في مقالات سابقة ؛ فالجنوبيون وضعوا انتصار الإرادة العربية ضد الفارسية أولاً وبعد ذلك تأتي الإرادة الجنوبية في طرد الاستعمار .

عموماً الشعوب لاتكسرها الجماعات ؛ ومهما يكن مافعلوه وما سيفعلونه “لايهم” ؛ فالعاقبة للتقوى ، والله مع الجنوب .. وعندما يدرك شعبنا تفاصيل مايدور حوله ، ويحدد الأدوات المناسبة “بشرية ومادية” لتجاوز هذه المؤامرات سوف ينتصر بعود الله ، حتى لو نشروا كل جيوش العرب والعجم على الأرض الجنوبية ؛ فالله لم يجمع بين عسرين .

وللحديث بقية ،،،،،،،
عبدالسلام بن عاطف جابر