fbpx
الجنوب القادم .. ما أسمه ؟

كتب : علي محمد جارا لله

الجنوب القادم .. ما أسمه؟ (الجزء الاول)
جنوبنا منذ الأزل بحكم موقعه الاستراتيجي الذي منحنا الله له، كان مطمع الطامعين… تبلغ مساحة جنوبنا 307,600 كيلومتر مربع ، و يقع في جنوب غرب قارة آسيا، في المنطقة الممتدة من باب المندب و خليج عدن غرباً حتى حدود عمان شرقاً و يحده من الشمال الجمهورية العربية اليمنية و المملكة العربية السعودية و من الجنوب البحر العربي و من الشرق سلطنة عمان ومن الغرب البحر الأحمر ، و لدينا عدد من الجزر تنتشر قبالة سواحلنا على امتداد البحر الأحمر والبحر العربي وأكبر هذه الجزر جزيرة سقطرى والتي تبعد عن الساحل على البحر العربي مسافة 150 كيلو متر تقريباً …
هذه هي بلادنا اللي يحسدنا الكل عليها، و الذي تآمر الكثير عليها، فمنهم من استعمرنا للأستفادة منها و من موقعها، و منهم من استعمرها للأستيلاء عليها و ضمها له، و في كل الحالات كان لهؤلاء المستعمرون الحجة في تسمية بلادنا بما يحلو لهم.
كما ذكرت اعلاه تمت تسميت جنوبنا بمسميات تروق لمن استعمرها، و لكنها قد لا تروق لاهلها… اعطونا اسماء لبلادنا حسب توجهاتهم.
فنجد ان بريطانيا سمت بلادنا الجنوب العربي في مرحلة تاريخية معينة و كان لبريطانيا غرض و هدف لتسميت جنوبنا بالجنوب العربي، حتى لا يختلط الأمر بامارات الساحل المتصالح التي كانت عبارة عن مجموعة من المشيخات تقع في الخليج العربي، فكانت تخطط ان الخليج العربي سيكون امتدادا للجنوب العربي.
عندما نقرأ التاريخ نرى ان في بلادنا عاش بها الانسان منذ امد طويل، و أرّخ لذلك العديد من المؤرخين و تكونت على ارضنا دولا كثيرة لم يبخل التاريخ بذكرها، و لم يكن في يوم من الايام اسمنا اليمن او الجنوب اليمني.
لقد مرت بلادنا على تسميات عديدة منها :
أرض إرم ذات العماد و أرض قوم عاد و شعب حضرموت و العربية السعيدة.
اما في القرن الخامس عشر إلى الثالث عشر قبل الميلاد ظهرت عدة ممالك في أرض حضرموت و هي:
• مملكة حضرموت • مملكة قتبان • مملكة أوسان • مملكة كندة
و بعد ذلك جائت المملكة الزينية، و عند وصول الدين الإسلامي إلى جنوب الجزيرة العربية وتوحيدها تحت قيادة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. سمي الجنوب بمخلاف حضرموت و شبوة…
و منذ منتصف الألف الثاني الميلادي أصبح يطلق على جنوبنا سلطنات و إمارات و مشيخات جنوب الجزيرة العربية، و عند احتلال بريطانيا لعدن أطلقتْ على الجنوب مستعمرة عدن و المحميات التسع، و في عام1937م سموها مستعمرة عدن و المحميات الشرقية و الغربية، و في عام 1959 سموها مستعمرة عدن و اتحاد إمارات الجنوب العربي و في 1962 سموها اتحاد الجنوب العربي و في 18 نوفمبر 1967م، أعلن قحطان الشعبي من بيروت أن الجمهورية الوليدة سيكون أسمها (جمهورية عدن الشعبية و عاصمتها مدينة الشعب). و لكم لم تتم التسمية، و في 30 نوفمبر 1967م سموها جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية و عاصمتها مدينة الشعب و في 22 يونيو 1969م سموها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية و عاصمتها عدن، الى ان تم الاحتلال الشمالي و قال الشماليون ان الفرع عاد للأصل.
كما تحدثنا تعددت الاسماء على جنوبنا، كل يسميه حسب هواه، و لم تتغير بلادنا، حيث بقت كما هي معروفة حدودها من عدن غربا الى حدود عمان شرقا و شمالا رمال الاحقاف و جنوبا بحر العرب .. فما دامنا متفقين على حدودنا و هذا هو الأهم فلماذا لا نختار لها تسمية تكون اقرب الى القلوب .

الجنوب القادم .. ما أسمه؟ (الجزء الثاني)

لا ينكر الناس ان لجنوبنا تاريخ عريق كان موطنا لأقدم حضارات العالم حيث خرجت منه أهم الحضارات واستطونت بلداناً مثل العراق و بلاد الشام و مصر و شمال أفريقيا و هو ما يسمى بالهجرات الإنسانية القديمة.
جنوبنا كان يسمى قديما ببلاد جنوب الجزيرة العربية و احيانا كان يسمى بأسماء القبائل و الممالك التي قامت فيه… جنوبنا قديماً كان يشمل عُمان و اليمن بل إن الممالك و الحضارات التي قامت في جنوبنا ظهرت قبل اليمن نفسها، هذا الكلام ليس مبالغة و سأذكر ادناه بأختصار صدق كلامي.

تم استخدم مصطلح جنوب الجزيرة العربية قديماً قبل الإسلام و على فترات طويلة من الزمن للدلالة على الممالك و الدويلات التي قامت هناك مثل مملكة حضرموت، و سبأ و حمير و أوسان و قتبان و ممالك أخرى لا يعرف التاريخ الكثير عنها كمملكة هرم، مملكة كمنة، مملكة السوداء، ملكة أنابة، مملكة نشأن وغيرها.
و كان من هم في شمال الجزيرة يصفون اهلنا في الجنوب بدويلات الجنوب وذلك لحصرها في كلمة، قامت في جنوبنا حضارات قديمة كان لها الفضل في تسيير عجلة المستقبل و قيام حضارات و ممالك أخرى على انقاضها ومن تلك الممالك التي استوطنت جنوبنا قديما:

مملكة حضرموت
تأسست في العام 1200 ق.م ، و بعد قيام مملكة حضرموت بقرنين من الزمان قامت مملكة سبأ… و في التاريخ المعاصر أصبحت تنسب تاريخيا إلي اليمن وتقع اليوم في محافظة مأرب إحدى محافظات شمال اليمن.
و قامت مملكة معين في عام 400 ق.م و كانت مرتبطة بطرق القوافل ونافست مملكة سبأ في تجارتها. وسقطت على حسب ما يعتقده العلماء و الباحثين في العام 100 ق.م عند ظهور مملكة حمير.

و في منطقة بيحان الواقعة في جنوبنا، و هي جنوب مأرب حاليا، تأسست مملكة أوسان في العام 500 ق.م… و قامت مملكة قتبان في بيحان أيضا الواقعة في جنوب مأرب و لا تبعد عن مملكة أوسان كثيرا.

و بعد ذلك تأسست مملكة حمير في العام 115 ق.م على أثر انهيار مملكة سبأ، و قامت حمير بتغيير جذري واضح في التاريخ القديم لجنوبنا، حيث قامت بغزو جميع الممالك القائمة انذاك وضمها تحت حكمها وامتدت من ظفار شرقا إلى عدن غربا. ثم قامت بغزو آزال وماحولها (صنعاء) حاليا واطلقت عليها اسم يمنات لأنها تقع علي يمين المملكة الحميرية وهو الاسم الشائع اليوم بالـ اليمن أو شمال اليمن كما يسميه التاريخ المعاصر.

و استمرت حمير في حكم جنوب شبة الجزيرة العربية واليمن تحت رايتها حتى تفككت في العام 599م وعادت حضرموت و المهرة و كل المناطق التي حكمتها إلى مناطق تُحكم من قبل قبائلها وأعيانها، وأيضا بعد تفكك حمير غزا الفرس اليمن في فترات متفاوته حتى جاء الإسلام واعتنقت اليمن الإسلام ثم لحقتها حضرموت وبقية مناطق جنوب شبة الجزيرة العربية.

ما ذكرته في هذين الجزئين من موضوعي “الجنوب القادم .. ما أسمه” هو تذكير للشعب في جنوبنا بأن تاريخنا لم يبدأ عندما غزتنا بريطانيا، و لكن لنا تاريخ ممتد الى ما قبل الميلاد بأكثر من 1000 سنة.

قد يقول قائل ان لنا عادات و تقاليد متشابهة تقريبا مع اهل شمال اليمن، و قد يضيف احدهم بأننا عايشون في منطقة واحدة… و لكنني هنا اطالب ابناء شعب الجنوب ان يعرف تاريخه اولا، اما حجة ان لنا عادات واحدة، فأنا ارى عاداتنا في الجنوب قريبة جدا من عادات أهل عمان، و اهل دول مجلس التعاون، لو ذهبت الى البحرين، ستشعر و كأنك في احد شوارع كريتر، و لو ذهبت لزواج احد الاشخاص في مدينة العين الاماراتية، فستشعر و كأنك في لحج الخضيرة، حتى اللهجات بيننا و بينهم اقرب مما هي عليه بين اهل شمال اليمن و بيننا.
هنا يأتي السؤال فنحن على وشك ان تكون لنا دولة مستقلة و شعب حر من حدود عمان شرقا حتى البحر الاحمر غربا، و تحدنا السعودية و اليمن من الشمال و بحر العرب من الجنوب…

و كلنا سننادي في هذه الدولة التاريخية العظيمة وسنسميها “دولة حضرموت الكبرى” كما اسماها رسول الله صلى الله عليه و سلم، و ستكون عاصمتها العاصمة الخالدة “عدن”.