fbpx
(إخوان اليمن) والتحالف مع الحوثيين والمخلوع (صالح)

كان الهدوء يعم المنزل المتواضع في لودر البلدة الريفية بأبين جنوبي اليمن, حينما كنت أتنقل  بالريموت كنترول بين عدة قنوات لعلي أجد شيء ما للتسلية بعد خمسة أشهر عشناها في الحرب المدمرة , توقف كل شيء فخلال تلك الأشهر التي اجتاح فيها الحوثيون وقوات صالح مدينة عدن, وبعد نحو شهر من القتال الشرس في عدن تسللت للعودة إلى أبين التي كان الحوثيون والقوات الموالية للمخلوع صالح تسيطر على الطريق الرئيس الرابط بين محافظتي البيضاء اليمنية وعدن الجنوبية مرورا بأبين.

في إجازة عيد الأضحى المبارك كنت أتابع التلفزيون, توقفت على قناة تابعة للإخوان المسلمين, تبث من العاصمة التركية اسطنبول, كما عرفت.

وعلى ما يبدو أنها الحلقة الأولى لبرنامج زوايا الحدث, كانت المذيعة اليمنية الإخوانية تنتقد دول التحالف العربي الداعمة للشرعية في اليمن, جراء ما زعمت أنه ارتكب مجازر بشعة بحق مدنيين في بلدة ريفية بتعز اليمنية, لتستضيف ناشط حقوقي حوثي للحديث عما يصفه بالعدوان الغاشم على بلاده.

تحدث الضيف الحوثي للقناة الإخوانية عن رصدهم لما قال إنها جرائم بشعة ارتكبها التحالف العربي بحق المدنيين في اليمن.

وكالعادة تجاهلت المذيعة سؤاله عن الجرائم التي ارتكبها الحوثيون وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في مدينتي عدن وتعز.

الإخوان وفق جميع المعطيات يعدون الحليف الاستراتيجي لصالح والحوثيين, فهناك قواسم مشتركة تجمع الاطراف الثلاثة

لقد تحالف في العلن الإخوان المسلمون مع جماعة الحوثي, عقب هزيمتهم في معركة عمران القريبة من صنعاء, مطلع يوليو (تموز) 2014م.

كان الإخوان يعتقدون أن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي, أو بالأحرى اتهموا الرئيس هادي بأنه من يقف وراء هزيمتهم في معركة عمران في يوليو تموز 2014م.

وعقب هزيمة عمران خرج الإخوان في تصريحات يؤكدون فيها أنهم لن يقاتلوا نيابة عن حكومة الرئيس هادي, على الرغم أن الحرب التي كانت تدورا في بلدات متاخمة للعاصمة اليمنية صنعاء كانت تحت شعار (مذهبي).

في مطلع أغسطس (آب), دفع زعيم المتمردين الحوثيين بعناصره للتظاهر في العاصمة اليمنية عقب القرار الذي اتخذته حكومة محمد سالم باسندوه حينها والقاضي برفع الدعم عن المشتقات النفطية.

استطاع الحوثي من خلال تلك التظاهرات والخيام التي نصبها لمناصريه في شوارع صنعاء, من الاستعداد لمعركة الانقلاب التي كان يحضر لها بالتحالف مع الرئيس المخلوع علي عبدالله للإطاحة بهادي من الحكم.

أسابيع عدة كان فيها الحوثيون الحركة المسلحة التي يقول زعيمها إنها تتظاهر سلمياً رغم تكدس الأسلحة في الخيام, والمنازل التي تقع في الضواحي الشمالية من صنعاء.

وفي الـ21 من سبتمبر, دشن الحوثيون معركتهم ضد القوات الحكومية, وأسقطوا العاصمة اليمنية صنعاء عقب مواجهة محدودة اسفرت عن سقوط سبعة قتلى ثلاثة منهم مدنيون.

وحدات الجيش اليمني أعلنت الولاء للحوثيين, في حين غادر جنرال الإخوان علي محسن صالح صنعاء متوجها عبر مناطق السيطرة الحوثية حتى وصل إلى العاصمة السعودية الرياض.

خلال ساعات تحولت حراسات أقسام الشرطة والأمن إلى عناصر ميلشيات الحوثي بملابسهم الرثة والمتسخة.

أجبر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي على توقيع اتفاقية السلم والشراكة, وذلك تجنبا للقتال, لكن الحوثيين سرعان ما انقلبوا على هذا الاتفاق باعتقال مدير مكتب الرئيس هادي احمد عوض مبارك, بتهمة الخيانة, وبثوا تسجيلات صوتية للرئيس هادي وهو يحدث مدير مكتبه على أهمية تقسيم اليمن إلى نظام الأقاليم الستة التي اتفق عليها المتحاورون في مؤتمر حوار صنعاء الذي استمر لنحو عام.

وأصم الحوثي اليمنيين بخطاباته التي صور للناس من خلالها أنه حريص على وحدة اليمن.

وفي الـ27 من نوفمبر  (تشرين الثاني) 2014م, أعلن الإخوان المسلمون عن فتح صفحة جديدة مع الحوثيين وطي ما وصفوها بصفحة الماضي, في أول تحالف علني لهم مع الجماعة التي ظلت تحاربهم لسنوات على أساس طائفي.

رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح زيد الشامي والناطق الرسمي للحزب سعيد شمسان, التقوا زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي في معقله بصعدة في أقصى الشمال.

وأكدت صحيفة الصحوة الناطقة باسم الإخوان في اليمن حينها أن  زيارة القيادات الإخوانية إلى صعدة  من أجل طي صفحة الماضي والتوجه نحو بناء الثقة والتعاون في بناء الدولة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة, وأبدى الجميع رغبتهم في التعاون والتعايش عملا بمبادئ الإسلام الحنيف التي تدعو إلى الأخوة والمحبة والسلام، واستشعاراً للمسؤولية الوطنية والأخلاقية والمخاطر المحدقة التي تحيط باليمن” أو كما قالت الصحيفة حينها.

وفي الثلث الأخير من يناير العام 2015م, دشنت القوات الخاصة والحرس الجمهوري والحرس الخاص, وعناصر من ميليشيات الحوثي الانقلاب على حكم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي, لتتمكن هذا القوات من إسقاط أولية الحرس الخاص والقصر الرئاسي في النهدين, وتفرض لاحقا حصاراً محكماً على الرئيس هادي الذي قدم استقالته إلى البرلمان عقب ساعات من تقديم حكومة الكفاءات برئاسة خالد محفوظ بحاح استقالتها.

وعلى الرغم من أن حزب الإصلاح هو الحزب اليمني الذي انشأه الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح للنيل من الحزب الاشتراكي شريك توقيع الوحدة بين البلدين الجارين في مطلع تسعينات القرن الماضي, إلا أن نوعا من الخصومة بدأت بين الإصلاح والرئيس المخلوع عقب تعرض الأخير لمحاولة اغتيال, قال ان اولاد عبدالله بن حسين الأحمر يقفوا خلفها, في العام 2012م.

وعقب تمكن جماعة الحوثي وصالح من السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء والانطلاق صوب الجنوب لإسقاطه, أعلن الإخوان المسلمون تحالفهم مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح, عبر رئيس الكتلة البرلمانية للحزب زيد الشامي الذي طالب بضرورة إعادة النظر في السياسة الإعلامية تجاه علي عبد الله صالح.

وشنت عقب ذلك وسائل إعلام الإخوان هجوماً عنيفاً علي الرئيس هادي حيث أكدت وسائل الإعلام الإخوانية أن مصالحة الإصلاح والمؤتمر أرعبت الرئيس عبد ربه منصور هادي”..

ونشرت صحف إخوانية عنواناً عريضاً ” ليس على الإصلاح والمؤتمر إلا التحالف لمواجهة عبث هادي”.

وعقب اجتياح الحوثي وقوات صالح لمدينة عدن في أواخر مارس أذار الماضي, وقف حزب الإصلاح اليمني في موقف المحايد من الحرب, بل أن قيادات في الحزب اتهمت الرئيس هادي بان فراره من الحصار الذي فرضه عليه الحوثيون إلى عدن يأتي من أجل اعلان الانفصال.

واعتقدت قيادات في الإخوان المسلمين أن مسألة اجتياح عدن واحتلالها واغتيال أو اعتقال الرئيس هادي مسألة لا بد منها , لكن دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية, تدخلت في الوقت الضائع واستطاعت من تدمير الترسانة العسكرية للحوثيين وقوات المخلوع صالح, ليعلن حزب الإصلاح تأييده لعاصفة الحزم بعد مرور نحو أسبوعين على تدخل التحالف العربي في اليمن , ولكن ببيان سياسي ركيك.

وعقب تحرير مدينة عدن في يوليو تموز الماضي, أظهرت قيادات الإخوان نوعا من الحقد على الجنوبيين وبدأت بمهاجمة دولة الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج.

وفي الـ4 من سبتمبر أيلول, تعرضت قوات التحالف العربي في مأرب لعملية خيانة كان المتسبب فيها جماعة الإخوان المسلمين, حيث أصاب صاروخ اطلقته ميليشيات الحوثي وقوات صالح على معسكر للتحالف بصافر في مأرب ليسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى أغلبهم من الإمارات , لتكثف أبوظبي من غاراتها على صنعاء, مستهدفة عدة مخازن للأسلحة  من بينها مخزن سري في معسكر قوات الفرقة الأولى مدرع , ربما لا يعرف عنه الحوثيون أي شيء.

وحاول الإخوان تحاشي الفضيحة.. كيف يخفي الجنرال علي محسن الأحمر المخزن السري عن التحالف العربي ؟
لتظهر وسائل الإعلام الإخوانية تهاجم دولة الإمارات العربية المتحدة, واتهمها بأنها أخفت معلومات عن مخازن أسلحة تابعة لقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح, و التي كان يقودها الأحمر القيادي الإخواني المعروف.

فهل يعقل أن تخفي دولة تشارك ضمن التحالف العربي الداعم لهدف بعينة معلومات رفض أصحابها الكشف عنها.

وأتهمت وسائل إعلام إخوانية أبوظبي بأنها كانت تقوم بتحذير الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من استهدافه من غارات التحالف بسبب العلاقة الوثيقة بين الطرفين, حسب زعمها.

وذهبت تلك الوسائل الإعلامية التي تدار من تركيا ودول أوربية أخرى ” إن الامارات  استفادت من نجل المخلوع  أحمد للحصول على معلومات عسكرية لم يكن يعلم بها سوى صالح ومقربيه وأجهزته الحربية”.

ولكن يبقى السؤال: لماذا احتاجت الإمارات العربية المتحدة للحصول على معلومات من نجل الرئيس المخلوع والمتمرد على الحكومة الشرعية في اليمن التي تدعمها أبوظبي؟

وحاولت جماعة الإخوان في اليمن الهرب من الاتهامات التي كانت توجه لها عقب حادثة صافر بمأرب , ولكن بما يثير الضحكة والسخرية , حيث كتب أحد المواقع الإخوانية ” لإلقاء نظرة متفحصة على الضربات الجوية التي شهدتها العاصمة صنعاء  بعد تنفيذ قوات صالح وميليشيات الحوثي حادثة صافر في مطلع سبتمبر , فإن الضربات استهدفت مقاراً أمنية وعسكرية ومخازن سلاح وكذلك منازل قيادات ومقربين للحوثي والرئيس المخلوع, وقدتم ذلك بشكل دقيق هو ما يثير الأسئلة”..

وعقب ظهور الرئيس المخلوع علي عبدالله في مقابلة له مع قناة ممولة إيرانيا, تركت وسائل الإعلام الإخوانية الحديث عن تصريحات صالح وركزت على تواجد نجله أحمد علي في دولة الإمارات العربية المتحدة.

” أبني في الإمارات” تحت هذا العنوان حاولت وسائل الإعلام الإخوانية مهاجمة دولة الإمارات العربية المتحدة الشريك الفعال في التحالف العربي الداعم للشعبين اليمني والجنوبي.

في السادس من أكتوبر (تشرين الأول)  تعرضت الحكومة اليمنية في عدن لهجمات من قبل جماعات مسلحة, استغلتها وسائل الإعلام الإخوانية حربها على الجنوبيين المنادين بالاستقلال, معتبرين أن عدن والجنوب سوف يسقط في يد الجماعات المسلحة.

وبحكم السيطرة الإخوانية على مكاتب وسائل الإعلام العربية في اليمن, بثت اخباراً كاذبة من بينها سقوط ميناء عدن بيد جماعة القاعدة, وكذا التواهي, وخبر حصول انفجار في الجسر البحري وأخر في مطار عدن الدولي, وهي أخبار كاذبة, قال مسئولون أمنيون في عدن أن الهدف منها هو إظهار مدينة عدن بأنها سقطت في الفوضى.

وفشل الجنوبيون في مواجهة هذه الحرب الإعلامية, نظراً لعدم قدرتهم على الوصول إلى وسائل الإعلام العربية والخليجية تحديداً.

ومنذ بدء الحرب دأبت وسائل الإعلام العربية والخليجية على استضافة ساسة من جماعة الإخوان, للحديث عن الشأن اليمني واغلبهم لا يعرف عن اليمن شيء وتركها قبل سنوات.

الإخوان وفق جميع المعطيات يعدون الحليف الاستراتيجي لصالح والحوثيين, فهناك قواسم مشتركة تجمع الاطراف الثلاثة, من بينها أن جماعة الإخوان تريد الانتقام من دول الخليج على وقوفها إلى جانب الرئيس عبدالفتاح السيسي وكذا تصنيف الجماعة قبل سنوات من قبل دول الخليج كجماعة إرهابية.

ولكن يبقى القاسم الأهم والمشترك الذي يجمع ثلاثي الشر في اليمن (المخلوع – الحوثي – الإخوان .. هو الاتفاق على عدم ذهاب الجنوبيين نحو تقرير مصيرهم.

والحفاظ على ما يزعمون أنها ” وحدة يمنية” يرون أنها هي من ستحفظ لهم تدفق الأموال والثروات إلى خزائنهم, ومصالحهم في جنوب اليمن.

وسبق للإخوان المسلمين أن دعموا نظام الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح في حرب صيف 1994م, بل إن الحرب بدأت بفتوى دينية, صادرة عن وزير العدل حينها عبدالوهاب الديلمي , اعتبرت الجنوبيين خارجين عن الدين الإسلامي.

وجند الإصلاح الآلاف من مقاتليه من بينهم زعماء وقيادات في تنظيم القاعدة, ممن عادوا من أفغانستان في مطلع تسعينات القرن الماضي بقيادة الشيخ عبدالمجيد الزنداني , للمشاركة في حرب اجتياح الجنوب الشهيرة, وهي الحرب التي دمرت كل مقدرات دولة الجنوب بما في ذلك الجيش والأمن والمؤسسات الاقتصادية, وتسريح نحو 100،000 موظف جنوبي من أعمالهم.