fbpx
هذا هو العدو الحقيقي

صلاح السقلدي

اتّباع أسلوب النعامة بالهروب من مواجهة الحقائق وتحمل المسئولية إزاء الأوضاع المضطربة التي تعصف بعدن وبالمكلا بعموم الجنوب وبالذات بالشأن الأمني, تحميل مسئولية ما يجري فيه من الجرائم والانتهاكات  والتجاوزات الخطيرة من أعمال الفوضى والقتل والنهب والتقطع والاستفزازات والاقتحامات والسطو لجهات من خارج الجنوب  بحق وبدون حق بغرض التملص من المسئولية والهروب من مواجهة حقيقة الفشل الذي نحصدها تباعا منذ اشهر, والتغطية على الجناة الحقيقيين بقصد أو بدون قصد. فمثل هكذا اسلوب عبثي أثبتت التجارب عُــقــمهُ وفشله, بل قل وبكارثيته على أصحابه قبل خصومهم. فقد جــّرب نظام  الرئيس اليمني المنصرف/علي عبدالله صالح هذا الاسلوب البليد بالجنوب منذ عام الغزو1994م, حين دأب بشكل غبي ومكشوف بتحميل مسئولية اخفاقات وفشل نظامه الجنوبيين,- أو من يسميهم بالانفصاليين- وهو يعرف قبل غيره  أن  في صميم نظامه تكمن بذور الفشل والهزيمة, وبالفعل اثبتت قادم السنين هذا القول بعد ان نبتت بذور ذلك الفشل   وتبرعمت وأصبحت دوحة ظليلة. فقد ظل هذا الرجل ونظامه يجلسون فوق كومة من الأكاذيب والافتراءات ويحجبون شمس الحقيقة بغربال ممزق رث, ظناً منهم / ومنه انه يستطيع ان يداري على سوءات فشله وعورات سقوطه بالجنوب حتى النهاية.

اليوم نرى بالجنوب وبعدن تحديدا من يستنسخ هذه التجربة (العفاشية )البالية  بشكل كريه ومقزز من خلال  تعليق كل أسباب الفشل والتخاذل على شماعة الغير اسمها ( قاعدة عفاش –داعشية عفاش). صحيح ان الخصوم  ومنهم عفاش وتبعته آخرون يتربصون للجنوب الدوائر في كل يوم وفي كل ساعة وفي كل ركن وزاوية ان سنحت لهم الفرص للانقضاض, لكن يجب ان نسمي الامور بمسمياتها ويتحمل كل منا مسئوليته بشجاعة ووضوح بعيدا عن الخوف والتحرج والمداراة على الجناة الحقيقيين الذين تمادوا بغيهم من منطق هزيل سمج اسمه:( الخوف من تشفي الاعداء بنا,والوقت مش وقته) والخوف من مواجهة العابثين والمسحلين (المتبلطجين) بصمت قاتل وبطيء, حتى لا يأتي يوما نجد فيه أنفسنا نحصد جراح الشوك والعاصفة التي بذرناها في (مواسم) التخاذل, وفي (تربة) خصبة من الخوف و(سماد) عدم الاكتراث, والاتكال على الآخرين  بكل صغيرة وكبيرة , وارتعاش ايدينا التي تمسك بارتباك ببوصلة المستقبل, واتباع طريقة (الكنس تحت السجاد), والركون على أسلوبه المداهنة و التمليس والتربيت على اكتاف خصم يخرج لسانه تحديا للكل, والأدهى من هذا كله ان ثمة أصوات محسوبة على الثورة الجنوبية تنكر بالمطلق وجود هذه الجماعات بالجنوب.!

–    لا أعرف لماذا يشترط البعض من الجنوبيين أن تكون عناصر الجماعات الفوضوية والمتشددة التي تعبث بأمن عدن والمكلا شمالية الانتماء حتى يتم محاربتها ومجابتها من المقاومة الجنوبية, هذه المقاومة التي حوت الشجاعة واحتوتها التجاذبات والمصالح؟.لا أعرف أسخف ولا أغبى من هذا الشرط الذي يشترطه البعض بشكل مباشر أو غير مباشر.

شخصيا لا أرى عدوا أخطر على الجنوب من عدوٍ يعبث بأمنه وينشر في أرجائها الدمار ويوزع على مواطنيه الموت بالكيلو والأطنان في كل شارع طريق و زُقّ, ويمزق نسيج مجتمعه ويروّع مواطنيه  بفكر تدميري مفخخ بصرف النظر عن انتماء جغرافية هذا العدو وانتماءاته الفكرية المختلفة فالقتل هو القاتل والرصاصة هي ذاتها التي تقتل أيًاً كانت هويته وجغرافية مُطلقها .!

–    هل نكتفي بالقول ان هذه الجماعات المسماة داعش والقاعدة وانصار الشريعة المنتشرة في عدن والمكلا ولحج وأبين وغيرها تتبع عفاش وأعوانه ونقف مشدوهي الحال مشلولي القدرات والعقول بعمد وبدون عمد حتى يقوى عود هذه الجماعات ويتصلب؟. لنفترض ان هذه الجماعات تتبع عفاش –وهو قول لا يخلو من الحقيقة كون نظام صالح وشركاؤه منذ عام 1990م يرتبطون بعلاقة لصيقه بهذه الجماعات الإرهابية المتطرفة وقد وظفوها شر توظيف ضد الجنوب بالسنين الخوالي ولاتزال البعرة تدل على البعير حتى اليوم.هذه حقيقة مفروغٍ منها ,ولكن بالمقابل يجب ان ندرك ان صالحاً لم يعد يمسك بكل خيوط هذه الجماعات بعد ان تشعبت فروعها وتوسعت خارطتها بالسنوات القليلة الماضية على المستوى الداخلي والخارجي,ولم يعد هذا الرجل واتباعه هم البعبع الذي يجب ان نركن على تعليق فشلنا وتقاعسنا وخوفنا من مواجهة هذه الجماعات عليه وعلى حلفائه.

و مع افتراضنا ان ان هذه الجماعات او جزء منها تتحرك بتوجيه من علي عبدالله صالح ,فلماذا نصمت حيالها ولم نحاربها ونتصدى لها مثلما حاربنا وتصدينا لقواته النظامية ,ولو تصدي بالكلمة وهي أدنى درجات سُـلم النضال الوطني؟. لماذا نرى أمامنا هذه الجماعات المتشددة تقتحم إحدى كليات جامعة عدن وهي تختال بأسلحتها المختلفة لتأمر وتنهي على طريقتها المعروفة طلاب الكلية وهيئة تدريسها  دون ان يحرك الجميع  ساكنا قبل ان تغادر هذه الجماعة قاعة الكلية مخلفة ورائها حالة من الذهول والرهبة يكتسيان بعض الوجوه طلابا ومدرسين, و حالة  من اللامبالاة البعض الآخر ؟. فان كانت هذه الجماعة تتبع عفاش كما اتفقنا سلفا وكما يبرر البعض فلماذا ندع المخلوع يسرح ويمرح من خلال اذنابه دون ان ينبس أحد ببنت شفة, ويمرون أمامنا مرور الكرام وكأن على رؤوسنا الطير خوفا وخشية او دون اكتراث في  أفضل حال؟. وان كانت هذه الجماعات تتبع عفاش ايضا فلما نتركها وهي امامنا (عيني عينك) تقتحم  الحدائق والمتنزهات في عدن  وشواطئ التواهي  والبريقا تستفز الرواد والعائلات وتفتش في نفوسهم ونواياهم وتجبرهم عل إبراز هوياتهم الشخصية ووثائق زواجهم  وصلة قرابتهم ببعض وإلا فالسيف مشهور والقبر محفور؟. كم هي الليلة مشابه بالبارحة حين نصّبت جماعات مشابه نفسها كسلطة (محاكمة تفتيش) قميئة في عدن والمكلا تحت مسمى (أنصار المباحث)ومن ثم جماعة ما سمي بهية الأمر بالمعروف, وبمباركة سلطوية سياسية قبَلية,وإسلامية سياسية في صنعاء.!

هذه أمثله  فقط سقناها للتدليل على صحة ما نقوله ولننوه أيضا الى مدى الخطر الذي اضحى يحدق بالكل من الجهات الأربع و الكل يغط  في موات مخيف وتثاقل بالخُطى, واتكال مخزي على ما سيمّنُ علينا به الآخرون من صدقات سياسية وحسنات مالية وهبات مادية من خلف الحدود تُــرسل من دول( وعدها مثلما الوعيد).!

فالنصر العسكري الذي يوشك ان يتلاشى من بين أيدينا كطيفٌ عابر وحلمٌ مارر بسبب فشلنا -حتى اللحظة على الأقل- في تحويله الى نصرٍ سياسي تاريخي هو نتاج لهذا التخاذل وهذا الجمود المعيب الذي اتاح للآخرين سد المواقع الشاغرة بمؤسسات الدولة واتاح لهم  مسك ناصية الأمور بإحكام بكل عجرفة وغرور وثقة بالنفس, وسلبوا منا وهج الخطاب السياسي وبريق التميّز الإعلامي الذي سطع بالأسابيع التي تلت تحرير عدن. فسيظل قُــطر دائرة هذا الوضع المنفلت يتسع ويتضخم, وستبقى  كرة الثلج تتدحرج فوق رؤوسنا وتكبر ثم تكبر ان لم يفق القوم سريعا من سكرة النصر العسكري المهدد بالاضمحلال ومن الموات السياسي والاجتماعي والأمني المريع, فضلا عن ثالثة أثافي الخيبة الجنوبية وهي تشظي جسد القوى السياسية  وهوانها على نفسها وعلى الناس.

فحتى الصحوة المرتقبة سنظل  في صالة الانتظار إلى أن يفيق القوم من نومهم الممغنط . ما يدرينا لعله يكون قريبا. وكـذًبَ الشاعر حين قال: (

ناموا ولا تستيقظوا × ما فـازَ إلا النـِوُّمُ) .