fbpx
رؤية استقلال الجنوب .. قراءة للتحولات الراهنة في المنطقة *

د. فضل الربيعي
لقد بات واضحا التوجه نحو استقلال دولة الجنوب، عن الدولة اليمنية الفاشلة الذي دخل فيها الجنوب في اشراك وحدة غير مدروسة قبل 25 عام ، تم الانقلاب عليها بالحرب على الجنوب في 1994م ، ومنذ ذلك التاريخ يناضل شعب الجنوب من أجل استقلاله واستعادة دولته .

وجاءت التطورات والتغيرات السياسية الاخيرة في اليمن والمنطقة لتزيد من تفاؤل الجنوبيون بتحقيق أمنية الاستقلال التي قدموا من أجلها تضحيات لاتعد ولا تحصى، فجميع المؤشرات تتجه نحو الاستقلال إذا ما أحسن السياسيون الجنوبيون استغلال التغيرات السياسية التي تشهدها الساحة اليمنية بخاصة والعربية بعامة .

ان الاوضاع المأساوية التي وصل اليها الجنوب بخاصة واليمن بعامة ، قد تمثل ظروفا مناسبة لإعادة صياغة العلاقات التي تسير بالجنوب الانتقال بخطوات عمليه يتصرف من خلالها كدولة داخل الدولة وصولا إلى الاستقلال الكامل اذا ما تم الاستيعاب الدقيق لكل الأوضاع الراهنة وما سينتج عنها من تغير كبير في مجمل العلاقات على المستويات الداخلية والخارجية ، فالحرب الحالية قد أظهرت ملامح التغيير في نمط العلاقات الدولية في المنطقة، وهنا لابد من ايجاد رؤية شامله عن كيفية الوصول إلى جنوبا مستقلا آمناً عبر إرساء قواعد الدولة القادمة كاطار سياسيا واقتصاديا مستقلا، ومن ثم كيفية السير في اتجاه ان يصبح الجنوب دولة مستقلة تجابه التحديات القادمة التي يثيرها النظام في صنعاء المصرّ على احتلال الجنوب من خلال وقوفه المستمر ضد حق استقلال الجنوب وتقرير مصيره .

وعليه لابد من التوجه العملي نحو تغيير وتطوير علاقات الجنوب الخارجية مع دول الاقليم والعالم ، والتي وفرت الظروف الراهنة مناخا مناسباً في تغير قواعد التعامل مع المجتمع الاقليمي والدولي ودعوتهم إلى إعادة تقييم وجهات نظرهم السائدة حول الجنوب والمصالح الوطنية المشتركة معهم، والتي تتقبل فكرة استقلال الجنوب كحق طبيعي لشعب الجنوب بدلاً من إنكارها واخضاعه إلى وحدة بالقوة كما كانوا عليه في السابق.

ان حجم التحولات المحتملة التي جاءت بها السنوات الأخيرة تكشف لنا عن مزيدا من التوجه نحو الاستقلالية للجنوب عن صنعاء، فالتوجه المستقبلي يجب ان يأخذ اليوم المراجعة والتقييم الشامل لتجربة السنوات الماضية من قبل الجنوبيين ان كان في طريقة نضالهم من أجل الاستقلال أو في قراءتهم للتحولات التي شهدها اليمن وعلاقاته مع محيطة الاقليمي والدولي وتغلغل النفوذ الايراني في اليمن والذي عرّض ودول الخليج لمخاطر تهدد امن ومصالح المنطقة ، وهو الأمر الذي أدى إلى تدخل دول التحالف العربي في التصدي للمليشيات الانقلابية الحوثي وصالح ومن يقف خلفها .

وبهذا الصدد فقد حققت المقاومة الجنوبية مع التحالف العربي نصراً جزئياً على تلك المليشيات في الجنوب وكسرت المشروع الايراني في المنطقة ، الاّ ان النصر لم يكتمل بسبب تأخر حسم الحرب في الشمال .

من الاهمية بمكان وجود رؤية تقوم على أساس استقلال الجنوب وتستند على وقائع وأحداث بدأت في التبلور في السنوات الأخيرة، ومن ثم فإن إمكانية استعادة قيام الدولة ( باعتراف من الجميع ) يعد مسار محتمل نتيجة للأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المختلفة التي مر بها اليمن في السابق وسوف يمر بها بعد الحرب الحالية .

كما تعكس الوعي بالتحولات والتطورات الراهنة ومالاتها لتبرز إعادة الدولة القطرية هنا كفاعل ذو قدرة على تغيير بعض الأنماط والتفاعلات والتوازن في العلاقات الدولية في المنطقة بعامة ، من حيث قدرة الجنوب كدولة مستقلة تتحكم بمستقبله بدلاً من أن يصبح أداة في يد الدول الأخرى تستخدمه في تحقيق مصالحها الوطنية ، ويوازي هذا التحول عودة بناء الدولة القطرية في الشمال لمجابهتكم معا للمشروع الغربي التفكيكي للدولة الوطنية الحديثة في المنطقة العربية والذي بدأ من ضرب حالة الدولة المستقرة (دولة الجنوب ودولة الشمال ) في مطلع التسعينات ، إلى حالة الاّ دولة تحت ما يسمى بالوحدة ، وصولا إلى حالة الفوضى والحروب باتجاه السير نحو خلق دويلات متناحرة لم تستقر على المدى المنظور .

لذا فالرؤية تركز على الطريقة التي من خلالها استشاف معرفة أثر الدولتين في اليمن على العلاقات الدولية في المنطقة ، بالتركيز على التفاعلات بين سعي الجنوبيون للحصول على استقلالهم عن صنعاء للخروج من فلسفة الحكم التي لا ترى الا بالجنوب مغنما ليس الا ، والخروج عن احتمالات الصراع الأكبر في منطقة الشرق الأوسط بين السنة والشيعة، كما يتضح في الجمود السياسي وسياسة حافة الهاوية في اليمن .

في ظل ازدياد التنافس على النفوذ الاقليمي والدولي في المنطقة كما تكشف عن تغلل التدخل الايراني الذي جاء لخدمة السياسية الايرانية على حساب دول الجوار.