fbpx
صالح لم يغادر الجنوب

صالح لم يغادر الجنوب*

رسالة إلى قيادات المقاومة الجنوبية

يخطئ كل الذين يظنون بأن علي عبد الله صالح وحلفائه قد اندحروا من المحافظات التي يقال عنها “محررة” حيث لم يندحر سوى ذلك الحضور العسكري المعلن لعشرات الألوية وآلاف الأفراد من المليشيات الحليفة، لكن الوجود الفعلي لصالح ما يزال في أشكال ومناحي شتى سواء من خلال الجماعات المسلحة المارقة، ممن يسمون انفسهم عناصر “القاعدة” و”داعش”، أو من خلال آلاف المتنكرين في أزياء المتسولين والعمال المتجولين أمن خلال المنسوبين زورا إلى المقاومة وهم يمارسون من السلوك المنحرف ما لم يمارسه اللصوص وقطاع الطرق والمجرمين، أو من مدراء العموم والمسؤولين الذين تسلموا مناصبهم من زمن صالح وما يزالون يديرون المؤسسات ويتحكمون في الخدمات وتتوقف على قراراتهم وتصرفاتهم الكثير من المصائر التي يمكن أن تصل بالبلد إلى الهاوية.

إنني أخاطب قيادات وأفراد المقاومة الجنوبية الذي سطروا ملحمة قل نظيرها في تاريخ الحروب المعاصرة، من خلال هزيمة الجيوش الجرارة التي ظن قادتها أنها ستسحق الجنوب وتخلده تحت سيطرتهم إلى أبد الآبدين.

إن النصر الذي تحقق لا يمكن أن يكون ذا قيمة ما لم يفضي إلى تغيير في حياة الناس، وهذا التغيير كان يفترض أن ينعكس في مستوى مقبول من بسط الأمن ومحاربة الجريمة وتوفير الخدمات واستئصال الفوضى والتسيب الذين ازدادا انتشارا بعد اندحار قوات الغزو.

يا قيادات المقاومة وأفرادها الميامين!

إن الأسطورة التي صنعتموها قد جعلت المواطنين يعلقون عليكم آمالا ربما لتحقيق ما يفوق طاقاتكم، لكنني سأتحدث عن ما هو في حدود طاقاتكم ولن أذهب بعيدا في ما يتمناه كل مواطن جنوبي.

إنه من غير المفهوم أن المقاومة التي دحرت أعتى القوى وأشدها فتكا وأكثرها خبرة قتالية، وأعلاها تسليحا، لا تستطيع أن تتصدى لمجموعة من اللصوص الذين يفرضون الإتاوات على محطات الوقود ومحلات بيع الغاز وتحت اسم المقاومة التي يفترض أنها بريئة من هذا السلوك براءة الذئب من دم ابن يعقوب أو لا تتصدى لأولائك الذين ينهبون المواد الإغاثية ويتلاعبون بأسعار الأغذية ويتاجرون بالأدوية ، كما ليس من المفهوم أن يسيطر مجموعة من المسلحين على ديوان محافظة من المحافظات ومقر قيادة الشرطة ويتحولون إلى سلطة بديلة في حين تكتظ المحافظة بكتائب المقاومة واللجان الشعبية، التي تمتلك من الخبرة ما يكفي للتعامل مع هذه الجماعاعت المسلحة.

وما يقال هنا يمكن أن يقال على غياب الخدمات والانفلات الأمني والتسيب الإداري وانتشار الفساد على مسمع ومرأى من رجال المقاومة الذين قهروا عدوا مسلحا بأعتى الأسلحة.

سيقول قائل أن محاربة الفساد والتلاعب والتسيب الإداري من مهمات الحكومة “الشرعية” وليس للمقاومة علاقة به، . . .أقول لهؤلاء لا تراهنوا على الحكومة لأنها أعجز من أن توفر وقودا لسيارات وزرائها، واعلموا أن المقاومة مفهوما شاملا، لا يقتصر فعلها على مواجهة الغزاة العسكريين السافرين بل إن التصدي للمستهترين والمتلاعبين والعابثين بمصدر قوت الناس والمتاجرين بالخدمات والمعطلين للمصالح الحكومية المتصلة بحاجات الناس، إن التصدي لهؤلاء لهو في صلب المقاومة وهو فعل مقاوم بكل ما للكلمة من معنى ومدلول.

وإياكم  أن تعتقدوا أن عناصر “داعش”:: و”القاعدة” والمتاجرين بالخدمات والوقود والجاز ليسوا على صلة بمركز الوباء في صنعاء، إنهم الوجه الآخر لتحالف الحوافش، وهم قابلون للهزيمة والاندحار أكثر من سادتهم السافرين، ولكن بمواصلة النهج المقاوم والتصدي الحازم لكل ما يعبر عنهم من مظاهر تدفع بعدن والجنوب نحو الهاوية.

لست في موقع الواعظ والموجه، لأبطال أظهروا من الوطنية والاستبسال ما عجزت عنه الكثير من الفيالق والجيوش الجرارة، لكنني أسمح لنفسي أن أدعو بتواضع شديد قيادات المقاومة في المحافظات الجنوبية الخمس إلى عقد لقاء عاجل يمكن أن يستهدف الآتي:

  1. استنهاض القوى من جديد لمواصلة العمل المقاوم حتى تثبيت الوضع وبسط هيمنة المقاومة على كل المدن والمديريات والمؤسسات والمرافق التي أثبت قادتها أنهم ما يزالون يمتثلون لسياسات صالح وأنصاره.

  2. توحيد القوى وإعادة هيكلة مكونات المقاومة واختيار قيادة موحدة على صعيد المركز وقيادات فرعية في كل محافظة ومديرية وتوحيد سياساتها تجاه القضايا الرئيسية التي تشغل بال المواطنين.

  3. السيطرة على الوضع الأمني والتصدي الحازم لظاهرة انتشار السلاح غير المرخص والقبض على  العابثين وإحالتهم إلى التحقيق وكشفهم وتعريتهم ومن يقف وراءهم.

  4. تشكيل لجان محاسبة لكل المسؤولين والمدراء وإقصاء من لا يؤدون مهماتهم، واستبدالهم بعناصر تتوفر فيها الكفاءة والنزاهة والوفاء للوطن.

  5. ليس هناك ضيرا من الاستئناس بالكوادر الأمنية من أصحاب المهارات في ملاحقة الجريمة والتخريب في تشكيل جهاز استطلاعي يتولى متابعة ورصد وتحليل كل ما يتصل بالجريمة والتخريب وأعمال الاغتيالات وكل ما يضر بالوضع الأمني في المحافظات.

  6. التنسيق مع قيادات المقاومة في حضرموت والمهرة وسقطرى لتوحيد الجهود والتعاون في المهمات المشتركة لغرض التخلص من الجماعات الإرهابية المدعومة من صالح ومن المعسكرات التي ما تزال تمثله في هذه المحافظات.

    إنكم أمام تحد تاريخي يتوقف على نجاحكم فيه حماية الانتصار الذي صنعتموه بانتصارات أخرى، وإذا كان المثل الشعبي يقول “زرِّب على طينك بطين” فإنه من المهم حماية النصر الذي تحقق بانتصارات إضافية وإلا فإن كل ما تم لن يختلف عن ذلك الفلاح الذي حرث الأرض ووضع البذور ورعى النبات وسقى الحقل وحرسه من الطير وأنضج الثمر وحصده، لكنه ترك المحصول للقوارض والحشرات واللصوص وذهب ليتغنى بأعماله الخارقة أثناء الزراعة.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    *   من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك.