fbpx
التطور السياسي الديني في إيران ينذر باشتعال فوضى مذهبية
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعة – الخليج اونلاين :

منذ الثورة الإيرانية عام 1979، وصعود الدور القيادي للدين في الجمهورية التي أضافت لنفسها وصف “الإسلامية”، لم تكن مسألة التطور السياسي للمذاهب العرقية في طهران تأخذ هذا القدر من الاختلاف داخلياً، ليعكس مبدأ “تصدير الثورة” خطورة في علاقات إيران خارجياً أيضاً.

فيرى البعض أن قيام الحرب العراقية الإيرانية كانت من نتائج تلك السياسة، وكذلك الحرب الأهلية الأفغانية، لكن التطور الأخطر يبرز حالياً في توسع التدخل الإيراني بعدد من دول المنطقة، أهمها سوريا واليمن والعراق ولبنان، وهو ما يعكس مخاطر في الداخل الإيراني المنقسم.

وعليه؛ فإن طموحات إيران لكي تكون قوة إقليمية فاعلة عبر توسيع نفوذها، يؤثر في بنية نظامها وفي سياساتها الداخلية والخارجية.

قنبلة موقوتة

ويفتح إطلاق مجهولين، الجمعة، النار على مشاركين في مراسم عزاء في بلدة صفي آباد التابعة لمدينة دزفول بمحافظة خوزستان جنوب غرب إيران، مسبباً مقتل اثنين وجرح اثنين آخرين، الباب للتساؤل حول مخاوف من انفجار قنبلة موقوتة في إيران عنوانها الاختلاف المذهبي الذي ينعكس على سياسة إيران الداخلية والخارجية.

فمدينة دزفول الإيرانية التي وقع بها الحادث، تقع في محافظة خوزستان (غرب) على الحدود العراقية، وتضم أقلية كبيرة من العرب السنة.

وجرى الحادث في إحدى الحسينيات التي استخدمت على مر التاريخ لعرض حادثة مقتل الحسين بن علي على الناس، من خلال الخطيب الذي غالباً ما يجلس على المنبر متوسطاً الناس، ليبكي الناس على المقتل، ثم تبدأ شعائر أخرى كاللطم أو التطبير.

الجمهورية الشيعية

في عام 1979 حدثت ثورة قلبت النظام العلماني في الإمبراطورية الفارسية إلى “جمهورية دينية شيعية” قائمة على أساس ولاية الفقيه، ونص الدستور الجديد في المادة الثانية عشرة أن “الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الاثنا عشري، وهذه المادة تبقى إلى الأبد غير قابلة للتغيير”.

وأما المذاهب الإسلامية الأخرى، التي تضم المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والزيدي، فإنها تتمتع باحترام كامل، وأتباع هذه المذاهب أحرار في أداء مراسمهم المذهبية حسب فقههم، وفق ما تقول طهران، فيما يكذب الواقع القول، حيث يتم التضييق على أتباع المذهب السني، حتى إن العاصمة طهران فيها مئات المعابد لليهود والبوذيين، في حين أنه لا يوجد مسجد واحد للسنة، حسب ما يقول نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي هذا السياق أدانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها العالمي للعام 2005 ما يتعرض له السنة من اضطهاد في إيران، وجاء في الشق المتعلق بالأقليات ما نصه: “ما برح أبناء الأقليات العرقية والدينية في إيران عرضة للتمييز، بل وللاضطهاد”، وأشار التقرير إلى “معاناة طائفة البلوش، وهم أقلية أغلب أفرادها من السنة ويعيشون في إقليمي سيستان وبلوشستان الواقعين على حدود البلاد، من عدم تمثيلهم في الحكومة المحلية”.

وتقدم طهران المئات من الفقهاء والمحدثين والمؤرخين والمفسرين والعلماء الشيعة على السنة منذ سنوات، وهو ما وضع السنة في بؤرة اصطدام ومركز صراع، ومع أن نسبتهم ليست بالقليلة فإنهم يعانون من القمع الديني والسياسي والإبعاد عن توليهم مراكز حكومية.

وتتضارب المعلومات بشأن الحجم الحقيقي للسنة في إيران، فالإحصاءات الرسمية للدولة تقول إنهم يشكلون 10% من السكان، إلا أن مصادر السنة تؤكد أنهم يشكلون ثلث حجم السكان البالغ عددهم أكثر من 70 مليون نسمة، ومصادر مستقلة تقول إن السنة يشكلون من 15 إلى 20% من سكان إيران، مقسمين إلى 3 عرقيات رئيسة هي الأكراد والبلوش والتركمان، إلى جانب العرب في إقليم خوزستان، أما المسلمون السنة من العرق الفارسي فوجودهم نادر.

خارجياً، يقول الباحث الإيراني صادق زيبا: إن “الصحوة الشيعية لم تُفلح كعقيدة سياسية في استقطاب الشيعة الآخرين في المنطقة خارج إيران؛ لأن الشيعة خارج إيران لا يستحقون الدعم الإيراني إلا إذا كانوا معادين للولايات المتحدة، وإلا فإن النظام الإسلامي في طهران سيتجاهلهم”.

ويشكّل الشيعة في العالم باختلاف فرقهم ما بين 7.6% و13% كحد أقصى من مجموع المسلمين أجمعين، ويتمركز أكثر من ثلث هؤلاء في إيران وحدها. وعليه، فإن إيران تشكّل مركز الجاذبية لهؤلاء، ليس على المستوى المذهبي فقط وإنما على المستوى السياسي أيضاً، على اعتبار أن السياسة والدين متمثلان في الولي الفقيه المرشد الأعلى.

ويرى الباحث الإيراني كيهان برزكار أن استخدام التشيع في السياسة الخارجية قديم، لكنه أصبح أكثر فاعلية بعد أزمة العراق عام 2003 حيث دخل التشيع في إنتاج السلطة والسياسة في الشرق الأوسط؛ وهو ما أدى إلى تقوية دور ونفوذ إيران، فعنصر التشيع أدى إلى تحويل العراق إلى دولة صديقة ومتحالفة مع إيران، وأعطى الحضور الفعال والمصيري في قضايا العراق ولبنان، والشرق الأدنى بشكل عام على حد قوله.

وأظهر استطلاع أجراه معهد تيسيف في العالم العربي، ونشرت نتائجه في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، أن إيران تأتي على قمة هرم الدول التي يعتقد أنها تتبع سياسة طائفية إلى جانب كل من العراق وسوريا، وهو ما يعني فشلاً إيرانياً في استخدام هذا العنصر لمصلحتها.

أخبار ذات صله