fbpx
حزب النور، والضرورة الانتخابية

حزب النور المصري هو الواجهة السياسية للتيار السلطاني التقليدي (تيار ولي الأمر)، وهو النسخة المصرية المطورة لهذا التيار المدعوم من النظام الرسمي العربي ليواكب مرحلة ما بعد الربيع العربي . وهذه النسخة قد تتكرر في أي بلد عربي يشهد حالة تحول ديمقراطي حقيقي!

مواقف هذا الحزب في انتخابات الرئاسة المصرية عام 2012م، ثم مواقفه من الرئيس مرسي بعد انتخابه، ثم موقفه من الانقلاب العسكري، ثم تبريراته الفجة لجرائم الحرب التي ارتكبها نظام السيسي بعد الانقلاب، ليست مستغربة عند من يعرف الخلفيات الأيديولوجية للحزب، فجميع تلك المواقف مطردة مع النهج العام للتيار السلفي السلطاني..

بسبب تلك المواقف أصبح حزب النور خصما سياسيا لجماهير الربيع العربي التواقة للتغيير بشكل عام، وخصما سياسيا لدودا للتيار الاسلامي التغييري وبالذات جماعة الإخوان المسلمين والجماعات السلفية الحركية..

أزمة العلاقة بين حزب النور وتلك الأطراف لا تزال قائمة، ولا توجد أي مؤشرات على بوادر انفراج أو مراجعات جادة على المدى القريب والمتوسط..

لكن المستجد أن مصر تشهد هذه الأيام انتخابات برلمانية في ظل زخم سياسي متطرف ضد ما يسمى بالإسلام السياسي.. وهناك أحزاب أكثر تطرفا تريد أن تتجه بمصر نحو النموذج الأتاتوركي الاستئصالي.. وهو ما يعني أن التيار الإسلامي بكافة اتجاهاته بات مستهدفا بما في ذلك حزب النور والتيار الذي ينتمي إليه!

حزب النور هو الحزب الإسلامي الوحيد الذي يشارك في هذه الانتخابات، ورغم كل مواقفه السابقة إلا أنه يواجه معركة شرسة من الأحزاب الإستئصالية ومن الأحزاب المدعومة من الكنيسة..

وهنا يبرز السؤال؛ هل من منطق السياسة الشرعية الاستمرار في استصحاب مواقف “النور” السابقة، وبالتالي الوقوف ضده في هذه المعركة الانتخابية بالتخذيل والتحذير والإفشال؟!

في تقديري كمراقب من بعيد أن الوقوف ضد حزب النور في هذه المعركة الانتخابية على خلفيات مواقفه السابقة يعتبر جمودا سياسيا سلبيا وثأرا حزبيا لا يمت إلى روح الولاء والبراء الشرعي، ولا إلى فكر الصحوة الاسلامية المتسم بالواقعية السياسية، ولا إلى روح الربيع العربي المتجددة!

ودعم حزب النور في الانتخابات لا يعني بالضرورة التزكية لنهجه الفكري والسياسي المتخلف.. كما أن الخلاف السياسي مع حزب النور والتيار الفكري الذي ينتمي إليه لا يعني بالضرورة البغض المطلق والبراء الكامل!