fbpx
                         بوركت شعب الجنوب.. فبعد المضيقات الفرج

في خضم الاحداث المشتعلة بالحروب الدموية التي فرضتها وتسببت في تفجيرها مراكز القوى القبلية والعسكرية التقليدية في نظام صنعاء، منذ ان دفعتها نزواتها التسلطية والاستبدادية بعد خديعة الوحدة عام ١٩٩٠ واقدامها على جريمة احتلال أراضي محافظات الجنوب لتتخلص من نظام الدولة المدنية والحضارية في صيف ١٩٩٤م، لتعمم على شعب الجنوب عاداتها وأساليب حكمها المتخلفة، وفرضت عليهم طوال ٢١ عاما نظام استعماري همجي يتصف بالانفلات الأمني وفوضا النهب والاستحواذ، مكنت شيوخ القبائل وكبار القادة العسكريين والسياسيين وغيرهم من المتنفذين الشماليين ، يستأثرون ويبسطون بالقوة العسكرية والنفوذ القبلي على مقدرات دولة الجنوب وممتلكات شعبه العامة والخاصة، وحينما ادرك أبنا الجنوب الأحرار بخطورة تلك الممارسات وما سيترتب عليها من ويلات الإبادة والحرمان ، ومن تزايد سكاني استيطاني شمالي، سيهدد حياة أبناء الجنوب مستقبلا بالانقراض، وتحويلهم إلى أقلية مستضعفة ومحتقرة، إلا أن أرادة الله وثقافة الإنسان الجنوبي وقيمه المجتمعية الأصيلة، ومعنوياته النضالية وتربيته الروحية على عشق الحرية حتمت على شريحة واسعة من الكوادر المؤهلة علميا وعسكريا، التي تعرضت للإقصاء والتهميش والطرد من وظائفها، فقد استنهضت قدراتها ووحدة صفوفها وأعلنت قرارها، في النضال السلمي ضد سياسة الهيمنة والاستبداد القبلي ، فكان موعدها مع القدر، بعد مرور ١٤ عاما من الصبر والمعاناة.. حيث انطلق المارد الجنوبي عام ٢٠٠٧م متحديا جبروت الطغيان ..
وبرغم من استخفاف نظام الاحتلال اليمني، بأهداف قضية شعب الجنوب التي أعلنها الحراك السلمي، وما اقدم عليه من محاولات في استخدام القوة المفرطة وأساليب القمع والبطش والقتل المتعمد طوال أكثر من ٢١ عاما ضد أبناء الجنوب المطالبين بالتحرير واستعادة دولتهم المستقلة، إلا أن الأوضاع في مختلف مناطق محافظات الجنوب المحتلة قد بقيت في حالة حرب وغليان سياسي يهدأ حينا ويتصاعد احيانا أخرى، وبرغم كل ما حدثت من احداث كانت في دوافعها ونتائجها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك على ان مراكز القوى القبلية في صنعاء، لم يعد بمقدورها ان تستدرك حماقة جريمتها أو ان تستوعب خطورة وعواقب خطيئتها العدوانية في احتلال الجنوب وارتكابها عيوب الهيمنة والاستبداد، وتفشي مظاهر النهب والفساد التي ضاق منها أبناء دولة الجنوب ذرعا. وحينما بلغ التمادي والاستخفاف بتلك القوى القبلية المتخلفة، بل ووصل بها الأمر الى أعلى درجات الاستهتار وصلف التعالي والغرور تجاه المطالب السياسية والحقوقية لأبناء الجنوب المحتل، فقد اعتقدت ان بإمكانها حماية نفسها وصولجان هيمنة نفوذها، بما كدسته من ترسانة عسكرية وجيشت من جيوش لمواجهة الرافضين لبقائها واستمرار حكمها العبثي والفوضوي، حيث بلغت الترسانة العسكرية الخاصة بالرئيس المخلوع علي عبد الله صالح لوحدة على النحو الآتي:-
إجمالي أفراد القوات الخاصة ١٤٠٠٠٠ ضابط وجندي يتوزعون حسب الجدول يلي:-

التقديرات نوعية الوحدات البشرية وحجم القدرات العسكرية (*)
53,000 ضابط وجندي حراسة خاصة بالرئيس المخلوع وقوامها 24 لواء.
4,000 ضابط وجندي ” وحدات خاصة”
65,000 وحدات الأمن القومي والأمن المركزي والأمن السياسي وألوية مشاة جبلي
800 دبابة حديثة
3600 عربة كاتيوشا
7,500 مدفع ميدان
500 صاروخ اسكود
200 صاروخ توشكا 300
300 صاروخ نوع روبيج

هذه الترسانة الخاصة بالمخلوع بالإضافة إلى القوات الخاصة بالجنرال علي محسن الأحمر وترسانتها العسكرية التي يتقاسم بها مع الرئيس المخلوع السيطرة على أراضي محافظات الجنوب وحماية المصالح الخاصة بهما وبأولاد الشيخ الأحمر وعصابة المتنفذين الموالين له. فضلا عن المليشيات الخاصة با نصار الله الحوثي المتحالف معها، وكتائب عناصر القاعدة وانصار الشريعة وغيرهم من الفرق الإرهابية التي انشآها ويوجه حركتها ويدير عملياتها الاجرامية من القصر الجمهوري بصنعاء..
كل هذه الجيوش وما يتكدس لديها من ترسانة هائلة لا يعلم بحجمها غير الله تعالى، قد شكلت لدى مراكز القوى القبلية والعسكرية المتشبثة بهيلمان السلطة السياسية باليمن، شعورا وهميا من العظمة والقوة ليس في قدرتها على سحق المعارضين والرافضين لها في الداخل فحسب، بل قدرتها في إمكانية احتلال واجتياح سيادة أراضي دول أخرى بما فيها دول الجوار العربية ودول القرن الافريقي.
نعم .. لقد ركبت مراكز القوى القبلية بصنعاء رأسها واغترت بأوهام جبروتها، وجنت من عائدات النفط والغاز وخام الذهب والثروة السمكية المنتجة من أراضي المحافظات الجنوبية البرية والبحرية، أموالاً طائلة انفقتها على شراء واقتناء ترسانتها العسكرية الحديثة والمتطورة، على حساب واجباتها في تحسين وتنمية الحياة الاجتماعية والاقتصادية للسكان اليمن، التي صارت مضرب الأمثال في المحافل ومراكز الدراسات والبحوث العالمية، ولدى الهيئات والمنظمات الإنسانية الإقليمية والدولية، لوقوعها في أدنى مستويات المراتب الخاصة بمعايير التنمية البشرية والاقتصادية، من حيث تفاقم حالات الفقر والجهل وسوء التغذية وتدني مستوى دخل الفرد وارتفاع البطالة وتفشي الأمراض والأوبئة بما فيها فيروسات الأمراض التي تخلصت منها معظم دول وشعوب العالم قبل أكثر من ٥٣٠ عاماً.
لذلك ونتيجة كل هذه السلوكيات الإجرامية، فقد شاء الله سبحانه وتعالى عقابهم والانتقام منهم بأن بعث رسل من عبادة الأتقياء والصالحين من الملوك والأمراء ورؤساء الدول العربية والإسلامية الشقيقة، ليشكلوا تحالفاً عربياً قوياً، ضد جبروت مراكز الشر والعدوان في صنعاء المتحالف مع الاطماع الفارسية الايرانية، التي تتطلع بواسطة أحفادها الحوثيين إلى غزو دول شبه الجزيرة العربية.. فتوالت عليهم عواصف الغضب الإلهي والإنساني من عاصفة الحزم ثم الأمل إلى عاصفة السهم الذهبي، لترميهم بصواريخها التي دكت معاقلهم وتدمرت ترساناتهم العسكرية، ومعها استنهض الشعب الجنوبي مقاومته الباسلة، فانتفض شبابه ورجاله ونسائه الأبطال، فحملوا أسلحتهم الخفيفة وأرواحهم على أكفهم ليواجهوا جبروت الغزو الحوثي وجيوش البغي والاستكبار الموالي لزعيمهم المخلوع علي عبد الله صالح . وبفضل الدعم واسناد طيران التحالف العربي، تمكنت المقاومة الجنوبية من تحرير عاصمته السياسية عدن، وبعض محافظاته وما زالت بعون الله ودعم الأشقاء الكرام تخوض مواجهاتها القتالية وتتهيأ استعدادا لتحرير باقي محافظات الجنوب المحتلة وتطهيرها من رجس الاحتلال اليمني المتخلف.. وبذلك سيسجل التاريخ في انصع صفحات مجده مأثر الشرف لتضحيات وبسالة المقاومة الجنوبية وأبطالها الميامين، وللأشقاء في دول التحالف العربي تتجسد أصدق معاني روابط القرباء وأروع علاقات المودة والوفاء ، وسيبقى شعب الجنوب مدان لهم بالتقدير والإجلال والاحترام .. وتغمد الله شهداء الجنوب وشهداء الفخر والاعتزاز الإماراتيين والسعوديين وغيرهم الرحمة والغفران .. وانها ثورة حتى النصر المبين ..
_________________
(•) هذه التقديرات مأخوذة عن أحد القادة العسكريين الذي كان عضوا في مؤتمر الحوار اليمني، وله خبرات في الشؤون العسكرية بالجمهورية اليمنية..