fbpx
الألعاب الإلكترونية غزو ثقافي للسيطرة على عقول الأطفال
شارك الخبر

يافع نيوز – بوابة الشرق :

يشتكي الآباء والأمهات من قضاء الكثير من الأطفال ساعات طويلة في ممارسة الألعاب الإلكترونية، ويتخلل هذه الألعاب العديد من المواضيع والقضايا التي يغوص الطفل فيها ويحاول العيش معها في تلك الفترة التي يلعب فيها. واللافت للانتباه أن الكثير من الأطفال يفضلون ألعاب القتال والمصارعة، إذ ينفعلون ويصرخون عندما يلعبون، ويقومون بشتم بعض الشخصيات المتحركة في اللعبة.

ورغم تحذيرات خبراء التربية والنفس من مخاطر الألعاب الإلكترونية، وتأثيرها المباشر على تصرفات الصغار، إلا أنها أصبحت شائعة ومنتشرة بين الأطفال والمراهقين، حتى باتت أمرا عاديا، هذا الانتشار جعل خطرها يزداد أكثر فأكثر، لأنها تحث بطريقة غير مباشرة على العنف.

وأكد خبراء التربية ان كثرة ممارسة الأطفال لهذه الألعاب إلى حد الإدمان، قد تؤدي إلى أن يصبح الطفل أكثر عرضة للإخفاق الدراسي، إلى جانب ضعفه في الحوار والتعبير عن أفكاره.

كما أن الاستمرار الطويل في اللعب يؤدي بالطفل إلى العزلة الاجتماعية، ونقص التواصل مع الآخرين”.

وقد أكدت دراسات عديدة تأثير ألعاب العنف على المخ والأعصاب لدى الأطفال، كما أنها تنمي العدوانية بداخلهم فيمارسونها في البداية على المحيطين بهم، من أشقائهم، ثم على الآخرين، إلى أن يصبح هذا السلوك عبارة عن منظومة يبني عليها الطفل طريقة تعامله مع الآخرين.

ويطالب الخبراء بضرورة تحديد وقت معين للعب لكل طفل، ومشاركة الآباء لأبنائهم في ألعابهم، والارتقاء باهتماماتهم بما يناسب أعمارهم، فهناك برامج وألعاب تعزز القيم؛ مثل الشجاعة والتعاون، وللأسف هناك ألعاب تزرع العنف والاعتداء على الآخرين، وهذه صفات خطيرة تؤثر سلبا في بناء شخصية الطفل.

ولقد أثبتت الاحصاءات الصادرة من بعض الجهات الدولية المتخصصة أن آثار هذه الألعاب على صحة وسلوك الطفل، تقع ما بين الادمان على ممارسة هذه الألعاب، وبين الاصابات المختلفة لاعضاء الجسم، إلى غير ذلك من الآثار الاخرى، على شخصية الطفل. أما الجانب السلوكي للاطفال فيتأثر سلباً بما يشاهده من ألعاب الفيديو والاقراص المدمجة عبر شاشات التليفزيون والكمبيوتر، مما جعل سلوك الطفل يميل إلى العنف والعدوانية والتقليد، وغير ذلك من مظاهر السلوك المكتسب من هذه المشاهدات المتنوعة المثيرة.

وقد اضطرت دول غربية عديدة إلى فرض شروط على أعمار مستخدمي بعض الألعاب كما في امريكا واستراليا ومنع دخول بعض الألعاب الالكترونية.

“الشرق” في هذا الملف تحاول مناقشة أضرار وسلبيات هذه الألعاب ودور الجهات المسؤولة بالدولة والأسرة والمجتمع في حماية أبنائنا من مخاطرها وآثارها السلبية.

وقد حذر اختصاصيون نفسيون من تصاعد خطورة ما تحتويه أغلبية الألعاب الالكترونية من أضرار نفسية وتوعوية وتربوية تنعكس على النشء والجيل القادم، وقالوا إن أغلبية مثل هذه الألعاب تترك أضراراً وسلبيات تفوق ايجابياتها فهي لا تركز على تعليم النشء وتثقيفه وتبصيره بالتفكير العقلاني السليم أو شؤون حياته ونظامه وإنما تتمحور جميعاً في كيف تكون عنيفاً وشرساً لتقضي على منافسك، إلى جانب ما قد يشوبها من تطرق لقضايا العنف والفساد والمخدرات، لافتين إلى الأطراف والشخصيات المجهولة التي تشترك مع أطفالنا داخل اللعبة ثم يقومون بتوجيه الأطفال أو إعطائهم أوامر لعمل أفعال عنف أو أفعال مشينة ، مما يمثل خطورة كبيرة على أطفالنا ومجتمعاتنا ككل.

مخاطر كبيرة

في البداية تقول الكاتبة والمعالجة النفسية الدكتورة موزة المالكي إن الألعاب الإلكترونية انتشرت في مجتمعاتنا العربية بشكل كبير حتى أصبحت الشغل الشاغل لأطفال اليوم ، كما أنها استحوذت على عقولهم واهتماماتهم ، مما يمثل مخاطر كبيرة تفوق استيعابنا قد تؤذي أطفالنا ، موضحة أن الكثير من الدراسات أثبتت أن ممارسة الأطفال لألعاب الفيديو التي تعتمد على العنف ، يمكن أن تزيد من الأفكار والسلوكيات العدوانية عندهم ، كما أن هذه الألعاب قد تكون أكثر ضرراً من أفلام العنف التلفزيونية ، أو السينمائية ، لأنها تتصف بصفة التفاعلية بينها وبين الطفل، وتتطلب من الطفل أن يتقمّص الشخصية العدوانية ليلعبها ، لذلك أكدت على ضرورة متابعة ومراقبة الأطفال ، وخاصة من هم في سن معين ، ومشاركتهم في أحيانا في اللعب ، بحيث نهيئ الطفل أن اشتراكنا أو دخولنا معه عالم الالعاب الالكترونية يمكن أن يحدث في أي وقت ، لافتة إلي ضرورة الاطمئنان على محتوى المادة التي تقدم للأطفال ، بحيث لا تحتوي على شيء مضاد للدين أو الأخلاق ، أو ثقافة الأمة وحضارتها. وبخاصة ما يوضع منها بطرق خفية ماكرة ، تتسلل إلى عقل الطفل ووجدانه من حيث لا يشعر.

وأشارت د. المالكي عن الآثار الاجتماعية السلبية للألعاب الإلكترونية على الأطفال ، أنها تصنع طفلاً غير اجتماعي، فالطفل الذي يقضي ساعات طوال في ممارسة الألعاب الإلكترونية بدون تواصل مع الآخرين، يجعل منه طفلاً غير اجتماعي منطويا على ذاته على عكس الألعاب الشعبية التي تتميز بالتواصل. كما أن إسراف الطفل في التعامل مع عوالم الرمز يمكن أن يعزله عن التعامل مع عالم الواقع فيفتقد المهارة الاجتماعية في إقامة الصداقات والتعامل مع الآخرين ويصبح الطفل خجولا لا يجيد الكلام والتعبير عن نفسه.

تطور تكنولوجي

من جانبه قال الدكتور حسام حمد المستريحي ، إن التطور التكنولوجي شهد في الآونة الأخيرة تطوراً سريعاً في صناعة أجهزة الموبيل الذكية ، مما أدى لسرعة تطور برمجيات الألعاب الإلكترونية ، والتي كان سابقاً هدفها السامي تنمية قدرات الطفل العقلية وتوفر العابا تعليمية وتطبيقا لإستراتيجية التعلم عن طريق اللعب ، والتي لها دور كبير في اثراء العملية التعلية وترغيب الطفل بالتعلم، موضحا أن ما نراه اليوم أصبحت برمجية الألعاب الالكترونية تجارية وذات أهداف هدامة لعقلية الطفل ، حيث العاب المتاهات والخطط الحربية وما تحويه من تنفيذ للسرقات والجرائم وطرق الهروب من الشرطة وتفجير المباني للوصول للهدف بأي طريقة وغيرها ، الكثير التي أدت لظهور العنف والعدوانية بالدرجة الأولى عند الطفل بتقليد ما ينفذه أثناء اللعب على الواقع الحقيقي مع زملائه وأهله في البيت.

من جهته قال الأستاذ إسماعيل نبيل الاختصاصي النفسي إن هذه الألعاب الإلكترونية تتميز بصفة (التفاعلية) بينها وبين من يمارسها من شريحة الأطفال أو المراهقين أي أنهم يتأثرون بها ويتقمصون الشخصيات الخيالية العدوانية الموجودة بهذه الألعاب، ولذلك تميل شخصياتهم إلى العدوان والقتل والعنف باعتبار هذه السلوكيات شيئا طبيعيا ، وهذا معناه حدوث تدمير للشخصية لدى كل من يمارس هذه الألعاب؛ لأنها تنمي في عقولهم قيم العنف والعدوان وارتكاب الجرائم، وتدمير ممتلكات الآخرين .

وقد حذر السيد منصور الخاطر عضو المجلس البلدي من مخاطر الألعاب الإلكترونية التي باتت تسيطر على عقول الشباب، وما دون ذلك من الأعمار عبر تأثيرات سلبية تؤدي الى مخاطر نفسية تتحول تدريجياً مع الوقت الي العنف واتباع السلوك الخاطئ، مؤكداً أن مخرجات الألعاب الإلكترونية التليفزيونية كالسيجا والسوني والبرامج الأخرى اصبحت أكثر سلبية وانتشاراً بين الشباب بالرغم من وجود جهات مختصة في الدولة من واجباتها ان تمنع دخول مثل هذه الالعاب للسوق المحلي .

سوق مفتوح

وأشار عضو المجلس البلدي إلى وجود خلل اجتماعي لدى بعض الأسر اسهم في انتشار مثل هذه البرمجيات الالكترونية بين الشباب الذين انجذبوا نحو مخاطر تفرزها هذه الألعاب بطريقة تفاعلية جذابة دون إدراك سلبياتها ومن خلال غياب الرقابة الأسرية، مؤكداً أن التكنولوجيا الرقمية شكلت للبشرية سوقاً مفتوحاً امامهم تعرض من خلاله مختلف البرامج والألعاب التي يحتوي بعضها على مواد مؤثرة وخطيرة تؤدي للعنف والسلوك السيئ مما يجعل الشباب او الجيل الناشئ تحت تأثير المحتوى نحو تطبيق العمل الاجرامي.

دراسة الظاهرة

كما اقترح الخاطر تشكيل لجنة لدراسة تأثير الألعاب الالكترونية على الجيل الناشئ من خلال ضع معايير إيجابية عبر تشكيل لجنة اجتماعية من مختلف التخصصات الاجتماعية والطبية تقوم بدراسة هذه الظاهرة وتحديد أولويات تقوم بالمحافظة على أبنائنا من هذه السلبيات، بالإضافة الى تحديد مقترحات بديلة لهذه الالعاب ووضع القوانين المناسبة التي تسهم في سلامة مجتمعنا من الغزو الالكتروني الذي اصبح معركة حقيقية للمجتمع القطري الذي يواجه تطلعات الشركات الالكترونية لغزو هذا الجيل وفق برنامج يجعل المستخدمين ما بين الطريق الإيجابي والسلبي مما يتطلب الرقابة عليهم وتحديد احتياجاتهم التكنولوجية وفق متطلباتهم،

وقال الخاطر ينبغي كذلك على اللجنة التي تقوم بدراسة ظاهرة الالعاب الالكترونية ومدى خطورتها وتأثيرها على الجيل الناشئ ومدى سلبيتها وطرق الوقاية منها، ان تقوم بوضع معايير تسمح بتداول هذه الالعاب لدى السوق المحلي وفق محتواها الايجابي نظراً لانتشار الألعاب العدائية التي تشكل خطراً على المجتمع المحلي بشكل عام، مطالباً الأهالي بأهمية متابعة ابنائهم وعدم تركهم وسط امواج التكنولوجيا التي باتت من المجالات التي لها توسعات متعددة للوصول الى أهدافها المستقبلية.

كما أكد عدد من التربويين والمواطنين ضرورة مراقبة الأبناء ، ومتابعتهم وتحديد أوقات معينة عند لعب الألعاب الإلكترونية ، وذلك لما تمثله من خطورة على عقول الأطفال والشباب حتى استحوذت على تفكيرهم وأصبحت شغلهم الشاغل.

ففي البداية قال التربوي جاسم المهندى إن الألعاب الإلكترونية انتشرت بشكل كبير في مجتمعاتنا العربية والخليجية ، ولا يكاد يخلو منها بيت حيث يقبل عليها الأطفال والشباب لتميزها واختلافها واحتوائها على ألعاب كثيرة ومختلفة تمثل عنصرا جاذبا للأطفال حتى أصبحت الشغل الشاغل لهم ، واستحوذت على عقولهم واهتماماتهم ، بل إن الألعاب الإلكترونية لم تعد حكرًا على الصغار ، بل صارت هوس الكثير من الشباب ، ويرى المهندي أن لهذه الألعاب آثارًا إيجابية ، وأخرى سلبية فبالنسبة للجانب الإيجابي نجده يتمثل فى انفتاح اللاعبين لهذه الألعاب على المجتمع العالمى، وعدم انغلاقهم على الطرق التقليدية للترفيه على اعتبار أن هذه الألعاب تشكل أحد مكونات الجانب الترفيهي للإنسان ، كما أنها تساعد على اكتساب من يمارسها مهارات اللغة الإنجليزية ، لأن غالبية هذه الألعاب يتم إصدارها إلكترونيًّا باللغة الإنجليزية .

مستوى تحصيل الطلاب

ومن جانبه يرى الاستاذ فهد يعقوب البلوشي أن مثل هذه الألعاب تشكل خطورة كبيرة على الأطفال ، في حالة عدم مراقبة الآباء والأمهات لهم ، لأن أكثر هذه الألعاب دموية لذلك فهي تشجع على نمو سلوك العنف في الشخصية لدى من يمارسها من الأطفال ، وحتى المراهقين نظرًا لوجود الكثير من هذه الألعاب التى تتميز بالعنف ورغبة من يمارسها فى محاولة تطبيق ما يشاهده فى اللعبة على أرض الواقع ، كذلك من بين سلبيات هذه الألعاب الإلكترونية أنها تؤدى الى ضعف مستوى التحصيل الأكاديمي عند الأطفال والمراهقين الذين يمارسونها بشكل مستمر، لأنهم يسهرون لساعات طويلة فى الليل وبالتالى يستيقظون متأخرين عن الدوام المدرسي وحتى إن ذهبوا للمدرسة يكونون غير قادرين على الإصغاء الجيد للمعلم فيحدث لهم اضطراب فى القدرة على الفهم والتحصيل الأكاديمي الجيد بل يصل بهم الأمر إلى النوم في الصف.

أما الأستاذ حازم الصاوي فيرى أنه يجب على الوالدين تحديد وقت معين يوميا او أسبوعيا لأبنائهم لممارسة هذه الألعاب ، ويجب عليهم أيضا مراقبتهم والجلوس معهم ، حتي لا يشعر الطفل أنه بمفرده ويكون عرضة لأي شخص مجهول يشترك معه في اللعبة ، ليسيطر على أفكاره ، لافتا أن مثل هذه الألعاب لها أضرار صحية تتمثل في حدوث إجهاد للإبصار والعين بسبب الساعات الطويلة التى يقضيها الأطفال والمراهقون فى ممارسة هذه الألعاب وكل هذا يؤدى إلى الشعور بالصداع والإجهاد البدنى بالإضافة إلى أن انبعاثات الأشعة الصادرة عن هذه الألعاب تصيب من يمارس هذه الألعاب بضعف شديد فى الإبصار على المدى البعيد، وذلك حسب العديد من الدراسات التي أجريت في هذا الشأن.

 

*نشوى فكري ,بوابة الشرق – محمد المراغي

أخبار ذات صله