fbpx
تعز لن تسقط وإن تمادى المجرمون*

د عيدروس نصر ناصر

ما تزال تعز تواجه قدرها الذي في أن تكون ساحة حرب يتبارى فيها المجرمون في إبراز هواية القتل والتدمير والسحق والاستهتار وإظهار تفوقهم في الوحشية والدناءة والانحطاط الأخلاقي والسياسي.

لم تعتدِ تعز على أحد قط بل كان معظم أبنائها حيثما يحضرون تحضر الحياة والخدمات والبناء والسكينة والحيوية والوئام، وقليلون هم أبناء تعز الذين انخرطوا في حروب العدوان أو روجوا لها سياسيا أو دافعوا عنها، وهؤلاء هم محل ازدراء واستهجان حتى من أبناء تعز نفسها، ولا يمكن قياس أخلاقيات تعز من خلال هؤلاء القلة.

عندما أقمت في صعدة لما يقارب الشهرين في العام 2007م ضمن اللجنة الرئاسية بعيد الحرب الرابعة، كنت وزميلي البرلماني الدكتور عبد الرحمن بافضل، شفاه الله مما تعرض له من إصابات،  نخرج في جولات داخل مدينة صعدة فندخل محلات البيع فنقابل تعزيا يبيع، ثم نمر المطعم فنلاقي تعزيا أو أكثر يقدم الخدمات، ونصادف نفس الأمر في محلات الخياطة والأفران والغسيل والحلاقة وفي كابينة الاتصالات، . . .ليست هناك خدمة لا يحضر في أبناء تعز، ونادرا ما وجدنا أيا من أبناء صعدة في هذه الخدمات داخل مدينتهم، . .كان الدكتور با فضل، شفاه الله، دائما يطرح السؤال بروحه الحضرمية المرحة: “لما انتوا كلكم من تعز، وأين أصحاب صعدة لبوهم الروعه؟” . . . وكان السؤال يلخص هذا الحضور التعزي في كل مكان، ونوع الخدمات التي يقدمها التعزيون حيثما حضروا، . . . لم يذهب أبناء تعز للغزو والعدوان ولم يحتلوا الأرض ولم يمارسوا الظلم في حق أحد بل قد يكون الكثير منهم تعرض للظلم وتقبله حفاظا على مصدر لقمة العيش التي ذهب من أجلها إلى هناك، فماذا كافأ الحوثيون تعز وأهلها؟!

ما تتعرض له تعز من حصار وإرهاب ورعب وتدمير وتجويع وتعطيش، يعبر عن مستوى من البهيمية المفرطة لدى المليشيات الإجرامية، وإذا ما صحت الأخبار المتداولة عن تبول الحوثيين على “وايتات” مياه الشرب التي تقدم للأهالي فهذا أنما يعبر عن انحطاط لم يحصل قط في إخلاقيات الحروب التي عرفها التاريخ، وهو ما يبين أن عدم التكافؤ لا ينحصر على القدرات والعتاد والمهارة العسكرية بل إنه يشمل الأخلاق والقيم التي يؤمن بها كل من الطرفين المتواجهين في هذه المدينة البطلة.

لن تسقط تعز مرة أخرى في أيدي القتلة ببساطة لأنهم لم يدعوا فردا في تعز إلا وآذوه، ولم يدعوا أسرة إلا وأصابوها بالضرر، ومن تبقى من المرتزقة وأزلام صالح سيطوي التاريخ صفحاتهم وسيغمرها تحت عجلات حركته نحو التقدم والسؤدد ولملمة الجراح واستعادة العافية لتعز لتعود كما كانت عنوانا للثقافة والمدنية والإبداع والتعايش والوئام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*   من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي في بوك