fbpx
قصة الصورة التي حظرت إسرائيل تداولها بعد حرب أكتوبر
شارك الخبر

البديل – البدري جلال

صورة تبعث على الشعور بالفخر والاعتزاز لدى كل مصري أو عربي، وتعكس مدى ضعف وعجز وجبن الصهاينة، لحظة استسلام حصن بور توفيق وتنكيس علم إسرائيل، ورفع علم مصر، وتأدية الجندي الصهيوني التحية العسكرية للضابط المصري الرائد زغلول فتحي أثناء حرب 73، ومنع الصهاينة نشرها أو تداولها بجميع الوكالات العالمية، لما فيها من شموخ مصري للضابط المصري الرائد زغلول فتحي وانكسار وخنوع وإذلال للضابط الإسرائيلي.

يقول الإعلامي إبراهيم حجازي في مذكراته: سرد لي الرائد زغلول فتحي، بطل الصورة، ملابسات الصورة والموقف والموقعة التي على أثرها استسلمت بور توفيق.

يقول زغلول فتحي: كتيبة ‏43‏ صاعقة اجتمعت بالنقطة الصهيونية القوية المعروفة بلسان بورتوفيق، وأصبحت مع الأيام على خبرة بكل الأرض والبحر، الذي تطل فيه سيناء من الجنوب علي الخليج في نقطة التقاء القناة بالبحر، ومع توالي الشهور كان لابد أن يتطور الأداء من مرحلة الدفاع فقط إلى الدفاع وأيضًا الهجوم، وحدث ذلك في ‏1969‏ والقوات المسلحة تضع اللمسات الأخيرة قبل إعلانها حرب الاستنزاف، فكانت الإغارة على موقع لسان بورتوفيق واحدة من هذه اللمسات، وقامت بها ك‏43‏ صاعقة ويومها حققت ما أرادت من إغاراتها التي اقتحمت فيها القناة.

 وهاجمت الموقع الحصين ولا طريق إليه إلَّا بالمواجهة، فطبيعة الأرض ألغت فكرة الهجوم من على الأطراف أو الالتفاف، وتلك النقطة في مصلحة الصهاينة، وقد جنح المصريون إلى المواجهة سابقًا في ‏1969‏ وألحقوا بالصهاينة خسائر فادحة، وهذه الإغارة الناجحة في هذا التوقيت نفذتها مجموعة قتالية من الكتيبة ‏43‏ صاعقة بقيادة النقيب سيد إمبابي، الذي ترك هو ومقاتلوه للعدو رسالة واضحة بأن المصريين قادرون على جعل ليلهم مثل الطين ونهارهم نار الجحيم‏.

الصهاينة بعد إغارة ‏1969‏ أدركوا حتمية تحصين هذا الموقع دفاعيًّا، ليصبح موقع لسان بورتوفيق النقطة القوية على امتداد القناة التي ليس لها طرق اقتراب إلَّا بالمواجهة‏، وبحكم موقعها عند مدخل القناة الجنوبي على البحر فإن سرعة التيارات المائية بها أربعة أضعاف سرعتها داخل القناة، ومن ضمن المعوقات أيضًا أن هذا الموقع كان من قبل رصيفًا معدنيًّا تستخدمه هيئة القناة، وليس مثل أي جزء من شاطئ القناة، ويتلاقي مع الماء بزاوية قائمة على عكس “التدبيش”، وهذه مشكلة للمصريين.‏

ورغم ذلك حصن اليهود الموقع بساتر ترابي ارتفاعه ‏15‏ مترًا، ويحيط باللسان من كل ناحية‏.‏ وقسموه إلى جزءين‏.‏ النقطة الرئيسة بالمنتصف والفرعية بالجنوب عند سن اللسان، وحصنوا نقاط الاقتراب التي يستحيل قدوم أحد للموقع إلَّا من خلالها.‏

في فبراير ‏1973‏.. وتعليمات من القيادة لقائد الكتيبة ‏43‏ صاعقة الرائد زغلول فتحي‏:‏ هدفك التدريبي لسان بورتوفيق‏.‏ وعرف القائد أن كتيبته ستكلف بمهمة الإغارة في وقت مجهول، وبدأ الاستعداد والتدريب لرصد حركة الموقع على مدى ساعات اليوم والتسليح والمعدات وعدد الأفراد والاستطلاع تم من الغرب الشرق، بتسلل أفراد إلى شرق القناة فى دوريات خلف الخطوط لساعات؛ للحصول على أدق المعلومات التي تفيد بأن حجم القوة الصهيونية سرية عدا فصيلة ودبابة واحدة تنضم لها ‏6‏ دبابات من خارج الموقع للتدعيم في حالة أي هجوم على الموقع وموجود أيضًا ‏3‏ مدافع هاون ‏81‏ مم ورشاشات نصف وثلاثة أرباع بوصة‏، والموقع نقطة تحصين للصهاينة في جنوب سيناء ونقطة إدارة نيران مدفعية عيون موسى، أقوى نقاط الدفاع عن الموقع، لكن الوقت يمر والقرار لم يصدر إلى أن جاء شهر أكتوبر.

وفي الوقت الذي حددته القيادة للإبلاغ بالقرار والمهام‏، تلقي قائد الكتيبة ‏43‏ صاعقة التعليمات من اللواء عبد المنعم واصل الذي أخبره بأن الموعد المحدد لمهمة الكتيبة في الإغارة على لسان بورتوفيق سيكون بعد ساعة ‏(‏س‏)‏ المحددة للحرب بثلاث ساعات؛ لأنه مطلوب دخول الدبابات الست إلى موقع لسان بورتوفيق، وهي ستدخل مع أول طلقة مدفعية من الغرب تجاه الشرق، ومطلوب إبقاؤها داخل اللسان؛ لأنها لو خرجت أو بقيت أصلًا خارج اللسان فستتعامل مع رءوس الكباري المصرية‏.

وفي ‏7‏ أكتوبر حاول الصهاينة فك الحصار بهجوم مضاد، لكن تم الدفع بمجموعتي قتال صاعقة من الغرب إلى الشرق وحرق دبابة صهيونية أخرى مع خسائر في الأرواح، وأصبح واستمر الحصار ثلاثة أيام، ويوم ‏10‏ حاول اليهود اختراق الحصار عن طريق البحر بواسطة قوارب برترام وضفادع بشرية إلَّا أن القوارب هربت تحت كثافة النيران المصرية وجرأتها.

ويوم ‏11‏ لجأ الصهاينة لآخر كارت عندهم،‏ المدفعية والطيران‏ ضربوا بورتوفيق بشراسة بالمدفعية والكتيبة ‏43‏ صاعقة متمركزة في بورتوفيق، وضربوا بالطيران قوات الجيش الثالث المحاصرة، وضربوا بالطيران مجموعة الصاعقة المكلفة بقطع الطريق الذي يربط موقع لسان بورتوفيق بسيناء برًّا، وهذه المجموعة رغم الإغارات الطيران نجحت في إتمام مهمتها، ولم تسمح لصهيوني واحد بالدخول أو الخروج من اللسان ليبقي المحاصرون تحت رحمة المصريين ويفشل المعاونون في الوصول إليهم‏.

يوم ‏12‏ أكتوبر تلقى قائد كتيبة الصاعقة تعليمات من اللواء واصل بإيقاف القتال لأن الصهاينة طلبوا الاستسلام، ويوم ‏13‏ أكتوبر وصل مندوب الصليب الأحمر إلى مقر كتيبة الصاعقة، وانتقل إلى جهة الشرق بمفرده وخرج له الصهاينة يرفعون راية بيضاء مستسلمين، وبالمعاينة وجد في الموقع ‏25‏ ألف لغم أرضي وكميات هائلة من الأسلحة المتنوعة والذخائر والقنابل والأسلاك الشائكة و‏4‏ دبابات مدمرة وثلاث سليمة‏!‏ ووجد ‏20‏ قتيلًا و‏37‏ أسيرًا منهم ‏17‏ جريحًا والضباط الموجودون خمسة، وأقدمهم ضابط ملازم أول تسلم القيادة بعد موت القائد وهو ميجور يوم ‏9‏ أكتوبر‏.‏

عاد مندوب الصليب الأحمر إلي الغرب ومعه الضباط الخمسة اليهود وكشف بأسماء الجنود الجرحي‏،‏ إلَّا أن القائد المصري الرائد زغلول فتحي صمم أن يتم الاستسلام في الموقع بعد معاينته والتأكد من عدم تفخيخه بالألغام، ونفذ مندوب الصليب الأحمر تعليمات القائد المصري، وعندما أقبل عليه الضابط الصهيوني ليعلن استسلامه أصر القائد المصري الرائد زغلول فتحي على تسليم الضابط الإسرائيلي للعلم الإسرائيلي بدلًا من الراية البيضاء‏.

وأسرع الضباط الأربعة الصهاينة ليحضروا العلم الإسرائيلي وأمسك به ملفوفًا الملازم أول شلومو أردنست، وقدمه منكسًا بيده اليسرى وهو يؤدي التحية العسكرية للقائد المصري باليمنى، وكانت الصورة التي جسدت‏ الذل والهوان والانكسار في مواجهة الشموخ والعزة والانتصار‏.

أخبار ذات صله