كما نحاول اليوم إطلاق العنان لخيالنا لنتوقع الاختراعات التكنولوجية المستقبلية، وربما نضحك من خيالنا أحياناً، كان البشر في القرون السابقة يحاولون أيضاً استشراف المستقبل ورسم صور ذهنية للحياة بعد 100 عام، وهذا ما انعكس على اللوحات الفنية التي رسمت في تلك السنوات بريشة الرسام الفرنسي جان مارك كوتيه.
في سلسلة من اللوحات التي رسمت على مدار الأعوام 1899 و1900 و1901 و1910 رسم كوتيه فرنسا كما يتخيلها عام 2000، أي بعد أكثر من قرن من تلك الفترة. وبحسب صحيفة الإندبندنت البريطانية فإن اللوحات طبعت ووضعت في علب للسجائر والسيجار، وعرضت في المعرض العالمي الـ 1900 في باريس بذلك الحين، وقد تم استخدامها وطباعتها على شكل بطاقات بريدية أيضاً.
وتنوعت المواضيع التي تناولها كوتيه في لوحاته، فاستطاع أن يتخيل كافة مناحي الحياة، ويحدد ما الذي سيتطور فيها في القرن التالي، سواء فيما يخص وسائل المواصلات أو أسلوب تقديم الخدمات العامة مثل توزيع البريد وخدمات الشرطة والتكنولوجيا الزراعية، إلى جانب المعدات العسكرية والحربية والألعاب الترفيهية.
وبشكل مفاجئ ومبهر، نجح كوتيه في خياله برسم رسمات وصور دقيقة إلى حد كبير ومشابهة للعصر الذي نعيشه حالياً، مثل الطائرات الحوامة (الهلكوبتر) وأجهزة الحصاد والمركبات الزراعية والمكانس الكهربائية والبيوت المتنقلة. لكنه من ناحية أخرى رسم لوحات يتوقع فيها أن يضم عام 2000 اختراعات تريح الإنسان العامل بشكل كامل تقريباً وتخدم رفاهيته، فرسم مثلاً آلة واحدة تقوم بأخذ مقاسات الزبائن وخياطة ملابسهم دون تدخل من الخياط، وآلة أخرى لوضع المكياج وعمل تسريحات الشعر.
كما أن خياله اتسع كثيراً ليتوقع من عام 2000 أكثر من اللازم، فقد توقع على سبيل المثال أن يستطيع الناس لعب لعبة الكروكيت في قاع البحر، وأن يكون هناك شرطة مرور طائرة لتنظيم مرور الطائرات، وتخيل أيضاً أن تصبح مهمة ساعي البريد أسهل عن طريق منحه أجنحة ليطير بها ويوزع البريد. وعلى الرغم من كون حلمه في هذا الجانب لم يتحقق بعد، إلا أن أياً منا لا يستطيع أن يجزم أن نبوءته لن تتحقق في المستقبل.
وفي الصور أدناه تظهر سلسلة اللوحات التي اشتهرت باسم “فرنسا عام 2000″، تبيّن أحلام الفنان التي أصبح جزء منها حقيقة مما يلقي الضوء على قدرة خيال الإنسان وأحلامه على التأثير في مستقبله.
