fbpx
حضرموت وقاعدة صالح

يعلم اليمنيون شمالا وجنوبا أن خبرة علي عبد الله صالح ودهاءه قد مكناه من التعامل مع معظم إن لم أقل كل القوى السياسية والجماعات العسكرية والقبلية وعصابات القتل والتهريب وقطاع الطرق، وقد كان صادقا عندما وصف حكمه لليمن بأنه الرقص على رؤوس الثعابين، والثعابين عنده هم أولائك الذين يمولهم ويخطط لهم ويدعمهم ويكلفهم بالمهمات الضرورية مع علمه بضرره وخطورة الدور الذي يلعبونه والتبعات الكارثية لأفعالهم.
ومع إن الأمر يتفاوت بين الاختراق وزراعة المندسين وبين الاستنساخ والتفريخ وبين اصطناع وزراعة جماعات، أو حتى أحزاب وتمويلها وتكليفها بنوع النشاط المطلوب منها، ويعلن التحالف معها حتى الجماعات التي يمولها ويدربها ويستقبل قادتها لكنه يدعي الحرب عليها فإن المحصلة النهائية هي واحدة، مجابهة الخصوم وخلط الأوراق عليهم ومحاولة إقناع الناس بأنهم لن يلاقوا زمنا أفضل من زمنه.
تنظيم القاعدة الذي يتخذ لنفسه عدة أسماء في اليمن ـ أنصار الشريعة تارة، وداعش تارة أخرى ـ ليس استثناء من قائمة الثعابين التي تعامل معها صالح وما يزال، وقد كانت بروفة إسقاط أبين في خمس ساعات في ذروة الثورة الشبابية السلمية، أول دليل على الرقص المشترك مع الثعابين الذي تحول من الرقص السلوو إلى الرقص على الروك آند رول حينما احتاج صالح إلى من ينقذه من فيضان الثورة الشبابية في العام 2011م.
اليوم صالح يكرر البروفة في حضرموت وقد ينقلها إلى عدن، وذلك لتبديد الهزيمة التي ألحقتها به المقاومة الوطنية الجنوبية وقوات التحالف، فقد أسقطت قاعدته المكلا دون أن تطلق عليها رصاصة واحدة من عشرات الألوية الرابضة فوق صدور سكان حضرموت والتي تعلن تأييدها للـ(شرعية) وكلما ازدادت الهزائم التي يتلقاها هو وحلفاؤه في مناطق التماس في تعز ومأرب كلما نشّط قاعدته في حضرموت وأوعز لمناصريه (الداعشيين) في عدن وبعض المناطق التي طرد منها أنصاره وحلفاؤهم للانبعاث وخلط الأوراق وتهشيم النسيج الهش للوضع الأمني المنفلت بفعل الحرب التي أعلنها وحاول بها استعادة (أمجاده) التي طواها التاريخ ونقلها إلى صفحاته السوداء المغمورة.
ما تفعله القاعدة في المكلا وما قد تفعله في مناطق أخرى من تلك التي تهزم فيها مليشيات الحوافش ليس سوى استمرار للمعركة بوسائل جديدة، وقد قال لي أحد الزملاء من حضرموت أن معظم الذين يرفعون الأعلام السوداء في مناطق المكلا والديس وغيرهما انطلقوا من معسكرات الأمن المركزي والحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع، يمارسون مهماتهم في النهار وأحيانا في الليل ثم يعودون إلى تلك المعسكرات بعد نهاية النوبة لأخذ الراحة استعدادا للمهمات القادمة.

 

  • من صفحة  الكاتب على الفيس بوك