fbpx
الخليج العربي عمقنا الإٍستراتيجي وليس ايران ..
شارك الخبر

بقلم : غازي المفلحي

يا اغبياء … الخليج العربي عمقنا الإٍستراتيجي وليس ايران ..

الجوار ، والعروبة ، والعقيدة .. عوامل ثلاثة غُرست بعيداً في اعماق الأرض والتاريخ والوجدان لتصنع مجتمعة تلك العلاقة الفريدة التي تربط اليمن بشعوب شبه الجزيرة العربية ودولها وفي مقدمتها السعودية .

في العلاقات بين الدول يكفي ان تشترك دولتان في واحد من هذه العوامل لتصنع بينها علاقة متميزة من نوع خاص فكيف الحال بها مجتمعة .

فإذا اضفنا الى ذلك دور شريان الحياة الذي يلعبه المغتربون اليمنيون في دول الخليج في وقتنا الراهن ، والذي يمد اليمن بأسباب البقاء والإستقرار المالي والنمو الإقتصادي ، نكون امام اربعة اوتاد راسخة تشكل مرتكزات العلاقة التاريخية التي جمعت اليمن بجيرانه في الخليج العربي ، وشكلت اسس العيش المشترك لشعوب هذه المنطقة ..

لنشرح  كل واحده منها بايجاز :

  • عندما نتحدث عن الجوار فنحن نتكلم عن أرض ممتده ومتداخلة لآلاف الكيلومترات ، أي حدث ينشأ على جانب منها لا بد ان يتردد صداه في ما يليها او يجاورها سلبا او يجابا ، وهي عبر التاريخ كانت جسر عبور وحركة وانتقال ليس للرمال فقط بل وللبشر ايضاً ، في موجات نزوح وهجرة ، وساعين وراء الكلأ والماء ، وقوافل ، ونسب وصهر .. صحيح ان حرس الحدود اليوم يقف حائلا دون استمرار هذا الإمتداد التاريخي ، لكنها غداستعود لتتجاور بالمدن الإقتصادية المشتركة التي ستعزز من روابط الأخوه والمصالح المشتركة لدول شبه الجزيرة العربية جميعها .

 

  • وعندما نتكلم عن العروبة فنحن نتكلم عن اللغة الواحدة والتاريخ المشترك ، لا توجد لغة واحدة لم يصنعها تاريخ مشترك من الآلام والآمال والأفراح والأتراح ، وكيف يمكن ان تتخلق اللغة بغير ذلك ؟ ثم ان الإشتراك بالتاريخ يصنع المصير المشترك ، فالتاريخ ليس الا حركة انسانية متصلة وممتده بغير انقطاع من الماضي الى المستقبل ، اليمنيون يحلو لهم ان يزيدوا – والآخرين لا ينكرون ذلك – انهم منبت العروبة وحصنها ووعائها ما يضيف عامل قُربى آخر هو عامل الأصل الواحد ، وهذه حقيقة يمكن اختبارها بسهولة في حياتنا اليومية عندما نرى انه يستحيل علينا التعرف الى اي جهة ينتمي احدهما اذا غير ملابسه بملابس الآخر .

 

  • أما الحديث عن العقيده فيقودنا الى ما يصنع الإيمان والوعي والثقافة والإحساس بالتوحد مع الآخر ، فالتوافق والإنسجام في الرؤية لماهية الحياة وصيرورتها يضيف الى التقارب المادي بين شعوب ابناء الجزيرة تقارباً من نوع خاص يرتبط بالوجدان والروح وهذه لا يزال لها تأثيرها المهيمن على العقل الجمعي لسكان الجزيرة والمنطقة بشكل عام .

 

  • واخيراً فإن المغتربين الذين يتجاوز عددهم في السعودية وحدها ثلاثة ملايين مغترب هم مصدر الدخل الأكبر لليمن ، اي ان حياة الناس في اليمن اليوم تعتمد بشكل يكاد يكون كامل على تحويلات هؤلاء المغتربين ، واي تهديد لمورد رزقهم هذا هو تلاعب خطير بحياة الناس ومستقبل أبناءهم واجيالهم القادمة .

 

لنأخذ مثلا حياً على اهمية الدور الذي تقدمه دول الخليج وعلى رأسها السعوديه في مساعدة اليمن من خلال المغتربين ، فقد قامت السلطات السعودية في الأشهر الماضية بتصحيح اوضاع اكثر من نصف مليون عامل يمني كانوا يقيمون ويعملون هناك بصورة غير نظامية ، وعلى الأرجح فهناك نصف مليون آخر على الأقل لم يتقدموا لتصحيح اوضاعهم حتى الآن .

 كيف دخلتم ؟ يردون من “تحت الشبك” ..اي من تحت شبك الحدود .. هكذا يجيب اليمنيون المتسربون الى سوق العمل السعودي بغير تأشيرات نظاميه ، وانا لا اتوقع ان اعدادا تصل الى الملايين يمكن ان يدخلوا بدون علم السلطات السعودية ، في الواقع السعوديون يغضون الطرف تقديرا لظروف الحياة الإقتصادية الصعبه التي يعيشها اليمن .

والآن .. اذا كان هذا ما يربطنا بشعوب ودول الخليج العربية ، فما الذي يربطنا بايران ؟

لا شيء .. وعندما نقول لاشيء فنحن نعنيها تماماً ، قد يتحجج بعضهم برباط العقيدة ، لكن حتى العقيده بتطبيقها الإيراني ، هي بنظر الغالبية الساحقة من اليمنيين عقيدة فاسدة ، وفي احسن الأحوال هناك اقل من 10 % من اليمنيين المحسوبين على التوجه العقيدي الإيراني ، فهل من اجل هذا يسعى البعض الى تفكيك العلاقة التاريخية والحياتية والمصيرية بعرب الخليج ليستبدلها بعلاقة مع ايران اساسها الدروشة واللطم والضرب بالسلاسل ، فقط لأن 10% من اليمنيين يريدون ان يلطموا ويضربوا مثلهم .

القومية الفارسية عريقة في التاريخ ، والأمة الإيرانية تعيش هذه الأيام حالة انبعاث قومي فارسي تريد به تجديد امجاد امبراطورية عظيمة هدمها العرب عندما وحدهم الإسلام في امة واحده  ، وبسبب هذا الإرث التاريخي فان القومية الفارسية لاترى في القومية العربية سوى نقيضها الوجودي ومصدر التهديد الحياتي لها ، لذلك فان العمل على إضعاف المشاعر القومية العربية واجتثاث الولاء القومي عند العرب ، واستبداله بولاءات مذهبية متناحرة هو النهج المثالي من وجهة نظر السياسة الإيرانية لضمان تمزيق المنطقة العربية وتحويلها الى كانتونات طائفيه متصارعة تقضي بها الى الأبد على اي امل في توحد العرب مجدداً تحت رايتهم القومية  .

سياسات ايران في المنطقة تؤكد هذه الحقيقة ، وللمتأمل ان يرى كيف ان ايران لا تقوم باي دور تنموي في اي مجتمع عربي فقير تتواجد به ميليشيات مرتبطه بها مذهبياً كما هو الحال في اليمن ، فلا مدارس ولا مستشفيات ولا طرق ولامشاريع كهرباء او مياه ..الخ .. فقط سلاح يتدفق على الميليشيات الطائفيه المرتبطه بها لتحقيق عدم استقرار هذه المجتمعات ، ولمساعدة الميليشيات الطائفية في السيطرة والهيمنة على اكبر مساحة ممكنة على الأرض ، لإستخدامها لاحقاً في تنفيذ السياسات الإيرانية الهادفه الى القضاء على أمة العرب .

 

 

 

أخبار ذات صله