fbpx
حل الأحزاب في الجنوب، خطوة لها ولا عليها

بكر احمد

كان السؤال دائما هو ما الذي يعيق تقدمنا الوطني، ولماذا دائما نتعثر ونحتاج في كل دورة سياسية إلى خوض معارك دموية شاملة فيما بيننا، ثم ولفرط الجهالة نعيد ذات الخطوات السابقة والتجارب الماضية متوقعين نتائج مختلفة.
دائما يتحدث فقهاء السياسية عن الخطوة الأولى في التأسيس، لأن هذه الخطوة سيتم البناء عليها في كل الاتجاهات، فأن كان الأساس قائم على مباديء سوية، فالوطن ولا شك سيكون سويا ولن يقبل الاعوجاج، وأن كان غير ذلك، فكلنا باتت لديه خبرة بالنتائج المتوقعة.
الجنوب العربي بهيئته الجديدة، هو جنوب أحُرقت تربته السياسية وباتت أرضيته خصبة وعذراء ومهيئة لقبول أي غرس فيها، وهي فرصة لا تتكرر دائما، وعلينا ان نحسن الغرس ونُضمنُُُُُُُُُُُُُُُُُُها بأسس صحيحة حتى نقيم عليها وطن يقبل الجميع.
وحتى نفعل ذلك علينا أولا ان نزيل ما تبقى من ترسبات العهد البائد الذي كانت عواقبه وخيمة على النسيج الاجتماعي في الجنوب وعلى المستوى الاقتصادي والثقافي، وعلينا أن نقر بأن تلك التنظيمات السياسية والحزبية من مخلفات الحكم المركزي في صنعاء ما هي إلا تنظيمات تحمل بداخلها الكثير من القيم المناهضة للمدنية والمساواة، وأن النظر في عملية حلها هو امر إيجابي وخاصة أن تلك الأحزاب لا تحمل ضمن أدبياتها اعترافا بالجنوب العربي كوطن يجب ان يستعيد استقلاله وحريته، وأنها تدين بالولاء المطلق لقيادات قبلية ودينية لديها مواقفها العدائية الصريحة تجاه الحقوق الشرعية للجنوبيين.
في ظل بقاء مثل هكذا تنظيمات في الجنوب، فهذا لا يعني إلا أننا قبلنا بوجود طابور خامس يعمل وبطريقة دستورية بيننا، فهو حين يعمل لن يسعى إلا لتحقيق أهداف قادته وان التوجيهات ستأتيه من الخارج لتحقيق مصالحها على حساب مصالح الجنوب.
لتتم تسوية الأرضية تماما، ولتحل كل الأحزاب السياسية التي تعتبر من ترسبات الماضي، ذلك الماضي الذي لم يعد أحد يرغب بتذكره، ولنمهد لأنفسنا فتح صفحة جديدة تليق بهذا الوطن.
لكن وهذا هو الأهم، ماذا لو اُقر فعليا حَل الأحزاب، ألا توحي هذه الفكرة بشيء مرعب، ألا تذكرنا ببداية الاستبداد والديكتاتورية والحكم المفرد والمطلق، لذا نحن بأمس الحاجة إلى تطمينات كافية وأن يرافق قرار حل الأحزاب قانون متزامن معه ينظم إنشاء الأحزاب الوطنية والذي ينص صراحة على أن لا يكون لها امتداد خارج الوطن وأن لا تكون مسنودة على خلفيات عرقية أو جهوية أو دينية، فهذه العوامل التي تستغل في التحشيد الجماهيري تستخدم البعد العاطفي التحريضي أكثر من الطرح المنطقي و من المشاريع المحسوسة والتي يجب ان تعود بالفائدة على المواطن، اما في حال قمنا بحل الأحزاب ومن ثم سمحنا لأحزاب أخرى تشابهها ثقافيا وايديولوجيا بإعادة تشكيل نفسها، فأننا هنا نكون وكأننا نعيد تصنيع مشاكلنا وعقدنا من جديد.
الأمر لن يكون سهل، والأحزاب الحالية في الجنوب لن تظل مكتوفة اليدين، وهي بالتأكيد ستستغل الدين وستستخدم القرآن والتاريخ والصحابة كلهم كحشد حزبي لصالح إفشال هذه المهمة الوطنية، لكن ورغم هذا يعلم الجميع بأن هذا الأسلوب بات مستهلكا لدى المواطن الجنوبي ذلك المواطن الذي اراه الان بات مهيئً من أي وقت مضى لإقرار دولة علمانية مدنية تنحي الدين بعيدا عن السياسة وتعيده إلى وضعه الطبيعي