fbpx
لماذا كل هذا الانزعاج من أبو ظبي ؟

صلاح السقلدي

حينما يتعلق الأمر بالحديث عن المستقبل السياسي للشعب في الجنوب من أي جهة كانت, يصل بالمقابل الحديث بوسائل الإعلام اليمنية عن قدسية السيادة الوطنية اليمنية وحمياتها عنان السماء, ويبلغ الأمر عند ساسة الشمال ونخبه- جميعهم دون استثناء- مبلغه عن رفضهم التدخل بشؤونهم الداخلية وعدم قبولهم احتلال أراضيهم. يأتي هذا فقط حين يتعلق الأمر بموقف منصف وعادل ولو بحده الأدنى تتبناه دولة شقيقة مثل الأمارات العربية المتحدة حيال الجنوب.
فمع ان الموقف السياسي الإماراتي نحو الجنوب لم يأخذ شكله العلني والرسمي بتأييد شعب الجنوب باستعادة دولته المسلوبة, ولم يتجاوز هذا الموقف -على الأقل حتى الآن- أكثر من العمل العسكري والاغاثي الانساني في عدن تحديدا, إلا ان ثمة حالة من الصرع والقلق قد تملكت كثير من القوى اليمنية, ليس فقط القوى المشاركة بالحرب ضد الجنوب منذ 26مارس الماضي بل ومن القوى اليمنية الموجد لها رموز مهمة في الرياض- حزب الاصلاح مثالا-.
تخيلوا انه بمجرد نشر اللواء الاماراتي ضاحي خلفان مؤخرا عدة منشورات على صفحته في ببرنامج التواصل الاجتماعي تويتر, يؤيد بشكل شخصي مشروع استقلال الجنوب ويحث الخليجيين على مساعدة الجنوب باستعادة دولته بعدما اجهض الوحدة الصنعانيين, حسب تعبيره. يقول في أحد هذه المنشورات:
(علم يرفرف في الجنوب بسارية×انا جنوبي والقرار قراريه). قامت الدنيا ولم تقعد عند عدد كبير من السياسيين والناشطين اليمنيين على مختلف توجهاتهم واختلافاتهم السياسية والمذهبية والقبلية والجغرافية, وطفقت تعيد تنشيط عقلية الوحدة أو الموت تجاه المساعي الجنوبية التحررية, وتشن بذات الوقت هجوما لاذعا على رموز ووسائل إعلامية إماراتية متهمتها بالتدخل بالشؤون الداخلية اليمنية وبأنها تخطط لاحتلال طويل المدى لعدن وتسعى الى فصل حضرموت عن اليمن, ناهيك عن تحذير تلك القوى للسعودية والدول الخليجية الأخرى مما تسميه بخطورة الدور والنفوذ المتزايد للأمارات ومن سطوة أبو ظبي بالجنوب حسب مصادر تلك القوى التي تقول ان لديها.
يتحدثون اليوم عن السيادة اليمنية وعن الاحتلال الإماراتي بعد مرور خمسة اشهر من مشاركة الامارات بالحرب وبالغارات الجوية وبالدبابات والعربات على الارض. وكأن الامارات في نظرهم خلال هذه الشهور كانت تحارب في موزمبيق. بعد غيبوبة دامت شهور أفاقوا على إيقاعات السيادة الوطنية, على ضميرهم المسجى جثمانه في ثلاجة الموت السياسي.
فلأن الموضوع متعلق بالجنوب البقرة الحلوب بالنسبة لهم فهنا فقط تحضر لديهم السيادة الوطنية وتنهض في نفسوهم الحُـمية الوطنية من مرقدها حين يشعرون ان الجنوب سيقرر مستقبله بعيدا عن همجيتهم وفوضويتهم, يكون الأمر بالنسبة لهم مختلفا تماما يتم تناسي كل الخلافات بينهم وتتبخــر كل التباينات وتحشد طاقاتهم من العدم ,وكله على شانك يا جنوب.
\ من منطقهم الغريب ليس من حق الجنوب ان يسعى للتحرير منهم ومن احتلالهم الجاثم على الصدور منذ عقود من الزمن, في الوقت الذي يتحدثون فيه على رؤوس الاشهاد عن حقهم بالتحرر من الاحتلال الحوثي. ينكرون على الجنوب ان يسعى الى تحرير عاصمته عدن من الحوثي ومنهم في الوقت الذي يملئون الدنيا صراخا وضجيجا بالقنوات الفضائية عن ضرورة تحرير عاصمتهم صنعاء من الحوثي ومن اهل صنعاء انفسهم. في منطقهم الظريف الطريف ليس من حق الجنوبيون ان يستعينوا بالغير لتحرير أرضهم من الاحتلال الشمالي, ولكن وفقا لمنطقهم الاناني فمن حقهم ان يستنجدوا بالعالم كله ويستعينوا بكل العواصف الحازمة من اجل يحرر الشمال من الشماليين, أي من اجل يحررهم من انفسهم. عجبي.!!
أعلموا يا هؤلاء ان الإمارات العربية المتحدة وغيرها من دول المعمورة لن تقف مع أي شعب إلا لأسباب مقنعة ,على الأقل مقنعة بالنسبة لها, أهم تلك الأسباب وأبرزها بالنسبة لموقفهم القديم والجديد بالجنوب هي:
1- فمثلما كانت المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية لدول الخليج والإمارات العربية من ضمنها تقتضي أبّــان الغزو على الجنوب عام 1994م ان تقف الى جانب الشمال أجبرت تلك المصالح دولها ان لا يكون لها موقفا واضحا مؤيدا للجنوب حينها, مع انه كان عدوانا سافرا, فهذه فالمصالح هي ذاتها التي تغير اليوم مواقف هذه الدول حيال الجنوب.
-2- شعور الدول الخليجية بفداحة تجالها للجنوب وتركه فرسية سهلة بيد القوى الشمالية القبلية والعسكرية والدينية المتطرفة بمختلف انواع التطرف , التي غيبت عن عمد كل محاولات بناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة والتي كان الجنوب بنموذج دولته المدنية القادمة من عدن هي الفرصة الوحيدة لتعميم ذلك المشروع المدني المقبور على عموم اليمن. وهذا يعني فميا يعنيه بالنسبة لهذه الدولة المسكونة بالهاجس الأمني خطيئة كبيرة اقترفتها في غفلة من الزمن ليس بحق شعب الجنوب فقط بل بحق شعوبها وأمنها, وجب تصحيحها, وقد آن وقت تصحيحها من منظور هذه الدول أو لنقل من بعض هذه الدولة.
ثانيا: عدالة قضية شعب الجنوب وثباته على الارض طيلة عقدين من الزمن أوجد قناعة لدى هذه الدول وغيرها من دول العالم انه شعب يستحق المساعدة , سيما وهو قد ابثت انه جدير المساعدة بعد ان ساعد نفسه أولا وقد على مذبح الحرية التضحيات التي اثارت اعجاب واحترام العالم والخليج تحديدا. !
سأنهي تناولتي هذه بفقرة وردت بخبر نشره موقع يمني اسمه الموقع كنموذج على ما ذكرناه سلفا: (..هناك الكثير من الغموض والخلاف حول حقيقية الأهداف الإماراتية في اليمن وخاصة فيما يتعلق بتحديد مستقبل البلاد فحين تؤكد المملكة حرصها على استمرار اليمن بصيغتها الحالية موحدة لا تتحمس الإمارات لنفس الفكرة ولا تتصرف في الميدان على هذا النحو.) http://almawqea.net/news.php?id=1756 . أنتهى.