fbpx
وادي حضرموت الأرض التي لم نعد نملكها ..

بقلم / وجدي صبيح

رغم ان وادي حضرموت ارض شاسعه يبلغ طولها 165 كيلو متر ، الا ان المفارقه العجيبه ان السلطة او الحكومه لا تسيطر اداريا الا على جزء بسيط منه فهي لم تعد تملك شبر واحد كارض تعود ملكيتها للدوله والسلطة ومن ثم تستطيع ان تتصرف فيها تصرفا كاملا ومطلقا .

ان اثارت هذا الموضوع الحساس لا يهدف الا الى لفت النظر لظاهرة موجودة تتعدى سلبياتها حدود الزمان والمكان ، فهل من المعقول اليوم وفي ظل الدوله ومفهومها المتقدم والمتطور ، ان مساحات الاراضي التي نبصرها على امتداد ابصارنا هي اراضي مملوكه لاشخاص وتجمعات قبلية واوقاف حتى سلسة الجبال الممتدة على طول الوادي هي ايضا مملوكه ولا تستطيع الدولة التحكم بها او الاستفادة منها الا عن طريق الشراء من الملاك المزعومين ، فهي – اي السلطه – لا تستطيع ايجاد رقعة ارض لبناء مدرسه او لبناء محرقه لمخلفات القمامة او لبناء اي موسسه حكومية .

ان هذه المشكلة المتفاقمه تتطلب حلا عاجلا ينقذ الواقع ويفكر للمستقبل و مصير الاجيال القادمه ، حلا حقيقيا ورؤية بعيدة الامد بخصوص طرق التملك للاراضي وقوانين البيع والشراء التقليدية الممارسه حاليا ، فليس من المعقول اليوم ان يظل التملك للاراضي بصورته الحالية البالية والتي لا تتناسب اطلاقا مع مفهوم الدولة الحديثة المعروف عالميا وحقها الشرعي والقانوني في التصرف باراضيها التي اصبح اغلبها قابع تحت نفوذ اشخاص معدودين حتى صار اكثر من نصف اراضي البلاد مملوكه لاشخاص وفيئات معينة ، ورغم ذلك هي اراضي فضاء دون حياة او استغلال ، ناهيك عن ما اذا كان ذلك التملك تم وفق طرق شرعية سليمه ام امتلكوها بالتوارث او السطو او الهبه او حتى الشراء الغير الشرعي ، فهنا لا ادعو الى تطبيق نظرية اقتصادية معينة كما قد يتبادر الى اذهان البعض ولكن اختصار القضية ان تفرض الدولة سلطتها وتمارس حقها تجاه تلك الاراضي كتجسيد حقيقي لمفهوم الدولة والغاية الاجتماعية التي تأسست لاجلها .

جميع دول العالم اليوم سنت القوانيين والتشريعات للاحفاظ على الاراضي وبسط النفوذ عليها بعتبار الارض ركن الدوله الاعظم ، الا دولتنا – وانا هنا لا اتحدث عن الدولة القائمه فاننا قد رفعنا ايدينا عنها بل اتحدث عن المستقبل – فان هناك اراضي فضاء اشبه ما تكون بالمستعمرات مساحتا خارج نفوذ الدوله وسلتطها ، اتحدث هنا عن اراضي مساحتها قد تصل الى نصف مساحة قطر او البحرين تملكها قبائل واشخاص متنفذون فهي وديان باكملها وقرى وهضاب قابعه تحت سلطة غير رسمية ، فلا هم احيوها ولا هم سلموها للدولة تستفيد منها وتجري عليها احكامها واعرافها .

لنعطي مثال واضح وحقيقي يجسد المعاناة الحالية والمستقبيلة المتمخضه عن هذة المشكلة وكم هي حجر عثرة امام التنمية والاستثمار بالدرجه الاولى ، ولناخذ مدينة تريم كمثال حي يشهد على النتائج السلبية لها ، فهي اصبحت اليوم مدينة مغلقة تاكل نفسها من الداخل لانها اصبحت غير قابلة للتوسع والتمدد افقيا من جميع الجهات فلك ان تتخيل ما سيئول اليه الحال بعد 30 سنه مثلا ، فمشكلة المدينة تبداء من ناحيتين احدهما دينية والاخرى نفوذية اقطاعية سلطوية ، فالناحية الدينية تتمثل بالاوقاف واراضي الوقف فمن المعلوم ان اكثر من 30 % من اراضي المدينة عباره عن اراضي وقف ، وهي اكثر عرضة للتلاعب والاستثمار الشخصي للنافذين ، فمن هنا اليس يتوجب اعادة النظر في هذه الاراضي وملكيتها واعادة صياغة نصوص تدويرها وتمليكها لان المقصد الشرعي منها غاب ولم يعد موجود باكثر الاحوال ، اما الناحية الثانية فهي الاراضي التي تقع تحت نفوذ اشخاص وقبائل نافذه بحجة التملك التاريخي او الوراثي فلك ان تتخيل العبث والاحتقان التي تسببه هذه المشكله التي وضعت كثير من مدن وادي حضرموت ومن ضمنها مدينة تريم في وضع حرج ومزعج جدا ، فلقد منع مكتب البلدية بالمدينة قبل فترة من رمي المخلفات بمكانه المعتاد من قبل بعض القبائل بحجة ملكيتهم للارض ، ومن ثم ان مكتب البلدية اتخذ قرار باحراق المخلفات فوق الهضبة المطله على المدينة الا انه سرعان ما ظهر من يدعي ملكيته لتلك الاراضي وبل واخذت الايجارات والاتاوات من قبل مالكي مناقذ الحجر بتلك الهضبة ، وترتب عن ذلك بان تريم اليوم قابعه وسط اكوام كبيرة من مخلفات القمامه وما ذكر احد الاسباب ، وقبل فترة تبرع احد رجال الخير بالكويت باقامة مشروع عملاق لمجاري تريم ولكن تم عرقلة ذلك ومن ضمن العراقيل هو ان مكان المشروع قابع تحت سلطة احد القبائل ورغم ان الارض فضاء لا توجد بها اي حياة .

نظره علمية للحل :

فهكذا دواليك ستظهر الكثير من المضاعفات الخطيرة اجتماعية اقتصادية وحتى سياسية لهذه المشكلة ولن نتخلص منها الا اذا تصرفت السلطه بطريقة مناسبه مع مفهوم الدولة الحديثة بالواقع كباقي دول العالم تجاه اراضيها ومنع التملك العشوائي القائم على الحقوق التاريخية والربانية والدينية الوهمية التي يتشدق بها الملاك المزعومين ، فيجب على السلطه اذا ما ارادت ان تحل هذه المشكله ان تضع ملاك تلك الاراضي امام خياران اما احياء تلك الاراضي بالزراعه او الاستثمار ، او دفع ضرائب ورسوم سنوية للدولة على كل متر منها ، فان لم يتم ذا او ذاك فلتسارع باي شكل من الاشكال الى بسط سيطرتها عليها وتخضعها لملكيتها العامه وتتصرف فيها وفق ما هو مناسب للواقع والحال .