fbpx
النسخة الجديدة من حروب “الزعيم”

د عيدروس نصر ناصر
لم تتوقف ولم تنته بعد، حرب “الزعيم” وحلفائه على الجنوب مثلما على كل اليمن وكل اليمنيين، لكننا نتحدث عن الجنوب لاعتبارات خاصة منها أنه تلقى أكبر الهزائم هناك ومنها أن الجنوب هو مسقط رأس الثورة السلمية الرافضة لحكمه الاحتلالي الاستيطاني الاستبدادي العائلي، ومنها الثأر التاريخي للـ”زعيم” مع الجنوب هذا الثأر الذي تعود بذوره الأولى إلى الأيام الأولى لوصول “الزعيم” إلى حكم الجمهورية العربية اليمنية مع نهاية العقد السابع من القرن المنصرم، . . .أقول لم تتوقف الحرب ولم تنته بعد ولكن أدواتها تغيرت وتبدلت أساليبها بتغير وتبدل المعطيات على الأرض.
كان التحالف الحوثي العفاشي هو النسخة الأولى من حروب الزعيم بعد خروجه (الشكلي) من السلطة، وقد تكللت هذه الحرب بإسقاط معظم محافظات الشمال في أسابيع قليلة وتمكنت من الوصول إلى تعز وعدن وشبوة والبيضاء ولحج وأبين ومأرب لكنها لاقت مقاومة لم تكن تتوقعها من شعب حرم من المشاركة في الحياة العسكرية والأمنية على مدى ربع قرن من الزمن.
لم تكن الهزيمة التي مني بها تحالف الحوافش هي نهاية تلك الحرب بل إنها لم تكن سوى نهاية مرحلة وبداية مرحلة أخرى من حرب قد تستمر طويلا ما لم يُقتَلَع رأس الأفعى لهذه الحرب.
لم يكن “الزعيم” المخلوع يمزح عندما قال إنه يتحدى الرئيس عبد ربه منصور هادي أن يعود إلى عدن فالرجل (أعني علي صالح) هو الممسك الأول بالملف الأمني في الجنوب والشمال على السواء، فهو يحرك المرتزقة ويوقفهم، وهو يوجه الحوثيين ثم يتنكر لتحالفه معهم، وهو يحرك القاعدة ويأمرها بالاختفاء، وهو يأمر بتفجير أنابيب النفط وقصف أبراج الكهرباء ثم يدين التفجير والقصف، وبالتالي فإن انتشار أصحاب الرايات السوداء هذه الأيام في بعض مناطق عدن ولحج وأبين وشبوة وما يقومون به من تفجيرات هنا أو هناك، ليس سوى استبدال للحوثيين بالنسخة الجديدة من حروب “الزعيم” على الجنوب والجنوبيين.
منذ أيام وزعت في بعض مناطق عدن رسائل صادرة عن تنظيم “داعش” تتضمن تهديدا بالقتل لكل من ينوي التسجيل في مؤسستي الجيش والشرطة من شباب المقاومة الجنوبية، وهو ما يبين أن الحوثيين وداعش ليسا سوى أداتين من أدوات صالح فهو إذ خسر الأداة الأولى بعد ما فُحضِت أكذوبة “المسيرة القرآنية” وادعاء “أنصار الله”، استبدلهم الزعيم بورقة “داعش” التي هي استمرار لـ”أنصار الشريعة” التي واجه بها ثورة الحراك السلمي الجنوبية والثورة الشبابية السلمية في العام 2011م.
إن المنطق الاعتيادي يقول لنا أن “داعش” والحوثيين عدوان لدودان لبعضهما، لكن عندما يهدد “داعش” بالقتل كل من ينخرط في الجيش والأمن لمواجهة الحوثيين وصالح وقد سكت (أي داعش) على كل جرائمهم طوال فترة الحرب على الجنوب، فإن هذا يأتي للتأكيد مرة أخرى أن “داعش” ليس سوى وجه جديد من أوجه الحرب العفاشية على الجنوب، كما على كل اليمن وإن الحوثيين و”داعش” يكملان بعضهما بعضا ويتبادلان الأدوار فيما بينها، وأن العداء بينهما ليس سوى جزء من الأكاذيب والادعاءات الزائفة وأنهما وجهان لنفس العملة التي هي علي عبد الله صالح، وهذا بطبيعة الحال لا ينفي حضور التنظيمات الإرهابية (الجهادية) المتناسلة من تنظيم القاعدة، لكن مصالحها جميعا تلتقي مع مصالح الـ”زعيم” الذي يمولها ويوجهها ويسخرها ويستثمر فيها حتى بعد أن غاب “شكليا” عن مركز صناعة القرار في اليمن.