fbpx
المقاومة الجنوبية حماة إرادة الشعب الجنوبي

اعبدالسلام عاطف جابر

الحرب صراع إرادات ، إرادة تكسر إرادة . وليست مصادمة بالدبابات وقصف مدافع واطلاق الرصاص ، هذا يسمى “قتال” وهو طريقة من طرق الحرب . . . وكل طرف يخوض الحرب ليفرض إرادته على الآخرين ؛ يستخدام في بداية الحرب طرقها الناعمة ؛ كالحرب السياسية الدبلوماسية ، الاقتصادية ، الإعلامية ، الفعاليات الشعبية ، الاعتصامات الجماهيرية ، والعصيان المدني……. وغيرها من طرق الحرب الناعمة .

فإذا فشلت الطرق الناعمة يتحول إلى الطريقة الدموية التدميرية “القتال” ؛ وتبدأ الرصاص والمدافع وجنازير الدبابات في فرض الإرادة . . . فمن يرفع إرادته فوق إرادة الآخر هو المنتصر . . . حينها يتوقف اطلاق النار ، ويعودون إلى طاولة الحوار السياسي لاستكمال “الإذعان للإرادة” الذي بدأه القتال .

وهذه هي حربنا الدائرة اليوم “صراع إرادات” ، إرادات إقليمية وأخرى محلية . الإقليمية هي اللاعب الرئيسي في المعركة ؛ الإرادة العربية بقيادة السعودية ، والإرادة الفارسية بقيادة إيران . . . وتصطف خلفهما كل الإرادات المحلية ، ويمكن إجمالها بالعناوين التالية ؛

إرادتان يمنيتان شماليتين تتصارعان ؛ إرادة يمن مطلع ؛ وتريد استعادة التسلط واستعباد اليمن الأسفل ، وأغلبهم في الجانب الفارسي ، والقِلَّة في الجانب -السعودي- العربي . . . وإرادة اليمن الأسفل ؛ وتريد الحفاظ على الحرية  والمساواة النسبية التي حققوها في ثورة التغيير اليمنية ، وتقودها تعز ، وهم في الجانب -السعودي- العربي .

وصراع بين إرادة  جنوبية وأخرى شمالية” ؛ إرادة شمالية تريد فرض الوحدة اليمنية ، وقد انقسمت بين الجانبين الإقليميين -السعودية وإيران- ويقود هذه الإرادة على جانبي المعركة ؛ السيد الحوثي والرئيس المخلوع واللواء علي محسن وحزب الاصلاح . . . وإرادة جنوبية تريد حماية إرادة الشعب الجنوبي بالتحرير واستقلال ، تقودها المقاومة الجنوبية والسلفيون الجنوبيون والمقاومة الشعبية ، وجميعها في الجانب -السعودي- العربي من المعركة .

وصراع إرادات مصلحية في إطار السلطة الحاكمة للدولة ؛ فانقسم كل موظفي أجهزة الدولة -شماليين وجنوبيين- بين الخندقين ؛ فمنهم من انضم للحوثي-المخلوع ، وبقي في اليمن ليقوم بدوره في المعركة ؛ ومنهم من انضم للرئيس الشرعي -هادي- وهرب معه إلى السعودية .

وأخيراً صراع الإرادات -الدينية- المذهبية ؛ إرادة سنية سلفية ، اصطفت في الخندق -السعودي- العربي ؛ تريد الحفاظ على السنية الوسطية للبلاد ، يقودها شيوخ السلفية . . . وإرادة شيعية ؛ في الخندق الفارسي ؛ تريد تشييع البلاد ونشر الإثناعشرية ويقودها شيوخ الزيدية وأنصار الله  . . .

لكنَّ المواجهة “المذهبية” موجودة في الجنوب فقط ؛ يقودها السلفيون الجنوبيون ، وخلفهم كل جنود المقاومة الجنوبية والشعب الجنوبي بكامله . بينما السنة في الشمال لايقامون مقاومة حقيقية ، وعددهم (١٥) خمسة عشر مليون تقريباً ، وقياداتهم السلفية توارت عن الظهور ، بل ورد في خطب لمحمد الامام والحجوري نقد واضح للمقاومة ووصف الحرب بالعبثية . وأكثر من نصف الجيش الذي يقاتل مع المخلوع هم من السنة…!!!

وكل فريق من هذه الفرق المحلية يخوض نوعين من الحرب في وقت واحد ؛ حرب بوسائل ناعمة مع شركائه في الخندق الواحد . . . ويشارك في الحرب الدموية خلف القائد الإقليمي ضد من في الخندق المضاد .

والحرب الناعمة في إطار الخندق الواحد تهدف إلى سيادة إرادة فريق على باقي الفرق في نفس الخندق” .. حتى يصبح هذا الفريق هو المناط به التعامل مع الطرف الأقليمي في كل جوانب التعاون في المعركة ، وأهم جانب “استلام الدعم المالي والتسليح” وبها يخضع باقي الإرادات لإرادته أو يقضي عليها بهدوء .

والسؤال المفتوح الذي لابد من الإجابة عليه ، على كل مواطن التفكير فيه بعمق وتركيز وتحليل ، وهو ؛

إذا انتصرت إحدى الإرادتين الإقليمية في القتال اليمني اليوم ؛ فهل يعني ذلك أنَّ الحرب الناعمة بين الفرق المحلية ضمن الطرف الإقليمي المنتصر سوف تنتهي ، أو أنَّها ستسمر -ناعمة- كما كانت قبل الحرب وأثناء الحرب ويستمر معها تعطيل التنمية والنهب والفساد ، أو أنَّها ستتحول إلى حروب -قتال- دموية…؟

في رأيي الشخصي أنَّ الحروب الناعمة لن تنتهي ، لأن سببها -الوحدة أو الاستقلال- مازال الجميع يرفض طرحه على الملا بوضوح . ولا استبعد تطورها إلى حروب دموية صغيرة هنا وهناك . الحروب الناعمة لاتمكن أي طرف من تحقيق الانتصار الحاسم ، الذي يفضي إلى استسلام الطرف الآخر بدون قيد أوشرط .

ومثال على ذلك ؛ الحرب الناعمة الموجهة نحو الفصائل والأفراد المؤمنون بهدف شعبنا بالتحرير والاستقلال ، وأغلب عناصرها من المقاومة الجنوبية ، وحرمانهم من التسليح والعربات والدعم المالي حتى اليوم “بدعوى أنَّهم انفصاليين” ، لم تفلح هذه الحرب حتى اليوم ؛ فالمقاومة مازالت على الأرض لم تذب ولم تفنى .

بل لم يكتفوا بحرمانهم من حقهم بالتسليح والمعدات القتالية المتنوعة التي أرسلتها دول التحالف العربي ، بل وصلت إلى سرقت جهدهم وتضحياتهم ؛ عندما تم -أواخر رمضان- تسجيل أكثر من عشرة ألف فرد باعتبارهم هم الذين قاتلوا منذ انطلاق المعركة ، ورفضت اللجان العسكرية اعتماد تسجيل الأفراد الذين غادروا عدن في إجازة بعد رباط في الجبهات قرابة الأربعة أشهر .

في ختام المقال أقول ؛ نعم هي حرب إرادات ؛ وإرادات الشعوب هي الإرادة التي تصمد ولا تنكسر ، وأمامها تنكسر كل الإرادات الحزبية أو الفئوية ، وكلما تعاظمت عليها المؤامرات كلما زادت ثبات وقوة . . . ومن رحم المؤامرات تصنع الشعوب مخالبها وأنيابها ؛ وشعبنا بجهده وماله صنع -المقاومة الجنوبية- مخالبه وأنيابه ، وبها يحمي إرادته في مواجهة كل الإرادات الأخرى .

حمى الله الجنوب من كل شر