fbpx
هل للحوثيين رؤية ثابتة لشكل الدولة اليمنية

بقلم: عبدالرب السلامي

نتذكر أن الحركة الحوثية كانت أثناء الحروب الستة (2004م – 2009م) تطالب بالدولة اللامركزية وبإقليم مستقل لمحافظة صعدة ومناطق شمال الشمال، ثم تحولت أثناء مؤتمر الحوار الوطني 2013م الى تبني خيار الدولة الاتحادية من إقليمين شمال وجنوب، لكنها بعد انقلاب 21 ديسمبر 2014م تنكرت للطروحات السابقة وأعلنت التمسك بالدولة المركزية ورفض الأقلمة ورفعت شعار الوحدة أو الموت!

بعض الباحثين يفسر هذا التقلب في الطرح بضبابية في الرؤية لدى الحركة الحوثية وبالتناقض وعدم النضج السياسي!
وفي تقديري أن المسألة ليس فيها أي تناقض أو اضطراب، بل هناك طرح سياسي مستقيم مطرد مع طبيعة المشروع الطائفي اللاوطني الذي تحمله الحركة الحوثية!
فارتباط الحركة بمشروع اقليمي ذي أبعاد توسعية تتجاوز حدود الدولة القطرية، سيجعل رؤاها السياسية تجاه القضايا المحلية -بالضرورة- غير ثابتة، ومرتبطة فقط بقوة النفوذ على الأرض!

فحركات العنف السياسي غالبا ما تتغير مشاريعا السياسية بحسب تقدم أو انحسار تواجدها العسكري على الأرض، أي أن قوة الجماعة العسكرية هي التي تصنع مشروعها السياسي وليس العكس!

فإذا أضيف إلى عامل العنف السياسي عامل آخر هو عامل المشروع اللاوطني العابرة للحدود، فإن قوة النفوذ على الأرض تنتقل الى رسم شكل الدولة وحدودها السياسية وعلاقتها بدول الجوار!.

فاذا أضيف للعملية عامل ثالث وهو العامل الطائفي فإن المسألة تصبح أكثر تعقيدا، فحركة تحمل هذا الثلاثي (العنف السياسي، والطائفية السياسية، والمشروع اللاوطني العابر للحدود) لن تستطيع -مهما حاولت التحلي بالبرجماتية الشكلية- تقديم أي مشاريع ذات طابع وطني فضلا عن التفكير ببناء دولة وطنية مستقرة!

فلو ذهبنا لتطبيق هذا التقعيد على مواقف الحركة الحوثية من مشروع شكل الدولة لوجدنا للحركة أربعة مواقف جميعها مرتبط بمدى تقدم أو انحسار مليشيات الحركة على الأرض..

فعندما كانت الحركة الحوثية تطالب بالدولة اللامركزية أثناء حروب صعدة الستة، لم يكن الهدف من وراء تلك المطالب هو تقديم مشروع للحل السياسي للأزمة اليمنية بقدر ما كان الهدف الاستقلال اداريا بحكم اقليم شمال الشمال (صعدة وضواحيها) دون أي تفكير بأوضاع اليمن الأخرى!

وعندما انتقلت الحركة الى طرح خيار الدولة الاتحادية من اقليمين، لم يكن ذلك ناتج عن نضج في الرؤية أو جدية في إيجاد حل سياسي وطني للقضية الجنوبية كما كان يعتقد بعض الجنوبيين البسطاء، ولكن الحقيقة أن الحركة الحوثية حينها باتت تشعر أن لديها من الدعم والقوة التي تؤهلها – وفق تقديراتها- للتفرد بحكم الشمال بينما تترك الجنوب لطرف جنوبي حليف لها!.

هذا الطرح تغير تماما بعد انقلاب 21 سبتمبر 2014م حيث وجدت الحركة نفسها ضمن تحالف قوي مع الجيش العفاشي المتحوث يمكنها مع حليفها من التفرد في حكم اليمن كاملا من أقصاه الى أقصاه دون الحاجة الى أي شراكة وطنية مع الجنوب، ومن هذا المنطلق تنكرت الحركة لكل طروحاتها السابقة حول الدولة الاتحادية من اقليمين، ورفعت شعار الوحدة المقدسة، وتنكرت تماما للقوى الجنوبية التي كانت تتفق معها في رؤية الدولة الاتحادية من اقليمين.

وفي هذه الأيام وتحديدا بعد الفشل والهزائم العسكرية التي تتكبدها الحركة الحوثية وحليفها صالح أمام صمود المقاومة الجنوبية، عادت الحركة الحوثية من جديد للتفتيش في ملفاتها القديمة وبدأت أصوات قوية من داخل الحركة تتحدث عن مشروع الدولة الاتحادية من اقليمين مرة أخرى!

وأتوقع أن الحركة الحوثية لن تقف عند هذا الحد بل ستعود للمطالبة بخيار الأقاليم الستة مع تعديل طفيف في موضوع محافظتي حجة والجوف، وذلك يوم أن تنكسر عسكريا في الشمال كما هو متوقع بعد حين من الوقت!

الخلاصة: أن حركة تحكمها الأيديولوجيا الطائفية لا يمكن لها أن تقدم مشاريع سياسية قابلة للحياة.. وأن المشاريع اللاوطنية لا يمكنها بناء دولة وطنية مستقرة!

فمن يريد أن يعرف رؤية الحركة الحوثية للقضية الجنوبية وشكل الدولة اليمنية، فلينظر أين تقف مليشياتها المسلحة على الأرض!

فحدود المشروع السياسي للمسيرة (القرانية) -طبعا بدون همزة قبل الألف الممدودة- تنتهي حيث يقف أول جندي متقدم من جنودها، وحيث يعاق تقدم أول (شاص) من شاصات مليشياتها.