fbpx
انفصال الجنوب العربي عن اليمن ليس تقسيماً
شارك الخبر

بقلم : طه بافضل
ثمة تخوف كبير, لدى كثير من الدوائر الرسمية وغير الرسمية في الوطن العربي, من خطط التقسيم التي رسمتها العقول الغربية والصهيونية صانعة السياسة الخارجية في أميركا وأوروبا, بغية إعادة صياغة “سايكس بيكو” جديدة يتم من خلالها تقسيم المقسم, وتجزئة المجزأ, فقد تصبح الدول العربية 26 دولة أو أكثر. لاشك أن المستفيد الأكبر من هكذا مخطط هو الكيان الصهيوني, ففي ذلك إضعاف لكل القوى المجاورة والمحيطة لخارطة إسرائيل.

حين يكون هذا التخوف مشروعا, في دول, الأصل أنها موحدة ومتماسكة قبل هذا المخطط الجديد, فإنه لا يكون كذلك في حق بلد توحد قبل أكثر من عقدين من الزمن ضمن مشروع وحدة, فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق متطلبات الوحدة المنشودة واللحمة المطلوبة, والتي تغنى بتحقيقها العرب عام 1990, وكأنهم يرون فيها الحلم الكبير الذي بدأ يتحقق وأعاد لهم ذكريات وحدة سابقة بين مصر وسورية, لكنها وئدت قبل أن يشتد ساقها ويصلب عودها.

استثناء اليمن من الخوف العربي من التقسيم, أمر منطقي ولابد, خصوصاً ونحن نتابع خطوة خطوة مسيرة هذه الوحدة الفاشلة التي لم تحقق رغبة الشعب اليمني برمته في النهوض بوطنه, والترقي به في مدارج التطور والنماء, بل في أضعف الأحوال لم يؤد إلى تحسن أوضاعه المعيشية, وبناء مستقبله بشيء من الرخاء والأمن والاستقرار. لم يحدث شيء من ذلك, فلا المعيشة تحسنت, ولا مظاهر الاستقرار والأمن سادت, بل كل الأحلام والآمال المعقودة على هذه الوحدة تم نحرها بيد فئة أو قبيلة أو أسرة أمسكت بشكل مبالغ فيه بكل مقاليد السلطة والثروة, حتى صارت مترفة وأسرفت في الترف في فترة وجيزة, فكانت أرقام أرصدتها فلكية مقياساً بحال شعبين كانا يحلمان ولو بنسبة ضئيلة منها يُحسنان بها مستوى دخلهما المعيشي المتردي.

انفصال الجنوب العربي عن الجمهورية اليمنية ليس تقسيماً, بل أمر يدعو إلى التفكير به, والسعي الجاد والسريع لتحقيقه لأسباب كثيرة أذكر أهمها:

أولاً: إعادة الحق إلى نصابه, فالجنوب العربي والذي كان يسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية, هو في الأصل دولة معترف بها دولياً, فلن ينقسم اليمن, بل سيعود إلى وضعه الطبيعي كما عادت مصر وسورية إلى حالهما السابقة, بعد محاولة فاشلة للاندماج وتحقيق للتطور وبناء للقوة, لم يحدث شيء من ذلك البتة, فاليمني في الشمال والجنوب على حد سواء لم يستفد من هكذا وحدة, بل الذين استفادوا فعلياً منها, هم كل من بلغوا مستوى خرافيا في الثراء والترف بدءاً من الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح مرورا بأسرته ومعاونيه, وانتهاءً بآل الأحمر وأتباعهم وأذنابهم.

ثانياً: وقعت الوحدة بين الشطرين بشكل متعجل إذ لم يتم استفتاء الناس فيها, بل اندمجا وتوالت الحملات الإعلامية ومظاهر الانفتاح لبلدين أحدهما مكبل بقيود الحكم الشمولي الذي أغلق منافذ التنفس الفكري والاقتصادي والسياسي عن مواطنيه, فما إن تحققت الوحدة إلا وانفرجت أسارير المسجونين, يحسبونها حرية وانتقالاً إلى جنة الوحدة العظيمة فإذا بها سجن آل الأحمر الكبير بقيادة المخلوع علي عبدالله صالح وزبانيته. فأما اليوم, إذا تم استفتاء الناس في الجنوب: هل تريدون الاستمرار في هذه الوحدة أم العودة إلى ماقبل 1990 فستكون النتيجة بلا أدنى شك هي الخيار الثاني, مع اختلاف طبيعي في الرؤى بين الجنوبيين حول الآلية التي ستكون عليها الدولة الجديدة, وهذا سيتم حله بتوافقهم أنفسهم.

ثالثاً: ضمن بيانات المنظمات الأقليمية ك¯”مجلس التعاون” الخليجي والجامعة العربية ومنظمة العالم الإسلامي ومجلس الأمن عام1994 أثناء حرب الإنفصال, كان النداء واضحاً أنه لا يمكن فرض الوحدة بالقوة العسكرية, لكن للأسف في الواقع فرضت عسكرياً, فصبر الناس في الجنوب, وضحوا بأرضهم وثروتهم ورجالهم وشبابهم وبكل غالي ونفيس ولم تتغير الحال, بل وصلت إلى أسوأ درجاتها, وهاهي القوة العسكرية الكهنوتية تعود مرة أخرى, ويُضرب الجنوب بشكل أعنف هذه المرة, وبلغ أقصى درجات التدمير والتخريب إمعانا ونكاية بشعب حرٌ أبي, نزل إلى الساحات مسالماً ينشد الحرية ويطالب بدولته التي فرط فيها قادته بسبب تنازعهم وببساطة تفكيرهم وسذاجته أيضاً, وخروجا من حاله المتردية, وسلمها لأيد خائنة ناهبة مستبدة أكلت الأخضر واليابس وجعلت اليمن بشطريه في مستويات دنيا تحت خط الفقر. رابعاً: الجنوب العربي هو أصل العرب, وهو المدد والقوة على مدار التاريخ, وهو الدرع الحامية لبلدان “مجلس التعاون الخليجي”, فمقدمات التطور والنهضة سرعان ما تتجلى في هذا الجزء المهم من شبه الجزيرة العربية, فقد تربى على النظام والقانون والقابلية للتعايش والتفاعل الحضاري. صحيح أنه تأثر بموروث الوحدة اليمنية المليء بالفوضى في كل مجالات الحياة إلا أن العرق الأصيل لا تغيب أصالته وسرعان ما يعود إلى أصله.

خامساً: بالنظر إلى ملف القضية الجنوبية ومحورها الكبير والأساس من محاور مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد أخيراً في صنعاء, وانتهى بمخرجات لم تر النور بعد, نجد أن هذا الملف قد أشبع القضية الجنوبية بحثاً ورصداً وتفصيلاً وإسهاباً في توضيح مدى الشرخ العظيم الذي أحدثته الوحدة اليمنية في بنيان المستقبل لأجيال متعاقبة من أبناء الجنوب وهشمت كل بناء لدولة قابلة للنمو والتطور والترقي في مدارج الكمال الحضاري, فصار الجنوب كما صار الشمال مرتهنا بيد عصابة من المتنفذين واللصوصية والمرتزقة, يستحيل معها العودة إلى فكرة وحدة اندماجية مع هكذا بيئة قاتلة لكل شيء جميل, وماحية لأي بارقة أمل لمستقبل مجيد وفجر جديد.

وختاما: إن الأحداث الأخيرة التي لاتزال فصولها ومشاهدها وحلقاتها تتوالى على الجنوب بسبب الانقلاب “الحوثعفاشي” على شرعية الرئيس هادي, وأفصحت الخطة الانقلابية, أن القصة تحكي طوفاناً شمالياً هادراً أسوأ من طوفان عام 1994, حينما اجتاحت جحافل مايسمى حينها ب¯”الشرعية الدستورية”معززة ب¯”المجاهدين العرب” ليتم من خلالها بسط السيطرة الكاملة على أرض الجنوب, وإفشال محاولة الانفصال التي قادها الرئيس علي سالم البيض.

فلولا لطف ورحمة رب العالمين ثم الخطوة الجريئة الشجاعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بإطلاق عاصفة الحزم, لكان الجنوب العربي في قبضة الانقلابيين “الحوثعفاشيين” في أقل من شهر. فهاهي طلائع المقاومة الجنوبية وأبطالها الأشاوس في الجبهات تؤكد مراراً أنها قادرة بإذن الله على الصمود والتصدي للانقلابيين, رغم الخذلان وقلة المؤونة وشحة الدعم العسكري ومناورات السياسيين التي طالما تخلط الأوراق على الميدان, إلا أنها تستشرف النصر وترمقه وتترقب ساعته. فهل يتفطن التحالف العربي ويُسرع الخطى بحسم المعركة وترتيب وضع الجنوب العربي كدولة مساندة للخليج? وأما اليمن فسيترتب حاله حتما كدولة تحت الرقابة والمتابعة إلى أن يتم إصلاح وضعها وعودتها لجادة الصوابثمة تخوف كبير, لدى كثير من الدوائر الرسمية وغير الرسمية في الوطن العربي, من خطط التقسيم التي رسمتها العقول الغربية والصهيونية صانعة السياسة الخارجية في أميركا وأوروبا, بغية إعادة صياغة “سايكس بيكو” جديدة يتم من خلالها تقسيم المقسم, وتجزئة المجزأ, فقد تصبح الدول العربية 26 دولة أو أكثر. لاشك أن المستفيد الأكبر من هكذا مخطط هو الكيان الصهيوني, ففي ذلك إضعاف لكل القوى المجاورة والمحيطة لخارطة إسرائيل.

حين يكون هذا التخوف مشروعا, في دول, الأصل أنها موحدة ومتماسكة قبل هذا المخطط الجديد, فإنه لا يكون كذلك في حق بلد توحد قبل أكثر من عقدين من الزمن ضمن مشروع وحدة, فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق متطلبات الوحدة المنشودة واللحمة المطلوبة, والتي تغنى بتحقيقها العرب عام 1990, وكأنهم يرون فيها الحلم الكبير الذي بدأ يتحقق وأعاد لهم ذكريات وحدة سابقة بين مصر وسورية, لكنها وئدت قبل أن يشتد ساقها ويصلب عودها.

استثناء اليمن من الخوف العربي من التقسيم, أمر منطقي ولابد, خصوصاً ونحن نتابع خطوة خطوة مسيرة هذه الوحدة الفاشلة التي لم تحقق رغبة الشعب اليمني برمته في النهوض بوطنه, والترقي به في مدارج التطور والنماء, بل في أضعف الأحوال لم يؤد إلى تحسن أوضاعه المعيشية, وبناء مستقبله بشيء من الرخاء والأمن والاستقرار. لم يحدث شيء من ذلك, فلا المعيشة تحسنت, ولا مظاهر الاستقرار والأمن سادت, بل كل الأحلام والآمال المعقودة على هذه الوحدة تم نحرها بيد فئة أو قبيلة أو أسرة أمسكت بشكل مبالغ فيه بكل مقاليد السلطة والثروة, حتى صارت مترفة وأسرفت في الترف في فترة وجيزة, فكانت أرقام أرصدتها فلكية مقياساً بحال شعبين كانا يحلمان ولو بنسبة ضئيلة منها يُحسنان بها مستوى دخلهما المعيشي المتردي.

انفصال الجنوب العربي عن الجمهورية اليمنية ليس تقسيماً, بل أمر يدعو إلى التفكير به, والسعي الجاد والسريع لتحقيقه لأسباب كثيرة أذكر أهمها:

أولاً: إعادة الحق إلى نصابه, فالجنوب العربي والذي كان يسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية, هو في الأصل دولة معترف بها دولياً, فلن ينقسم اليمن, بل سيعود إلى وضعه الطبيعي كما عادت مصر وسورية إلى حالهما السابقة, بعد محاولة فاشلة للاندماج وتحقيق للتطور وبناء للقوة, لم يحدث شيء من ذلك البتة, فاليمني في الشمال والجنوب على حد سواء لم يستفد من هكذا وحدة, بل الذين استفادوا فعلياً منها, هم كل من بلغوا مستوى خرافيا في الثراء والترف بدءاً من الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح مرورا بأسرته ومعاونيه, وانتهاءً بآل الأحمر وأتباعهم وأذنابهم.

ثانياً: وقعت الوحدة بين الشطرين بشكل متعجل إذ لم يتم استفتاء الناس فيها, بل اندمجا وتوالت الحملات الإعلامية ومظاهر الانفتاح لبلدين أحدهما مكبل بقيود الحكم الشمولي الذي أغلق منافذ التنفس الفكري والاقتصادي والسياسي عن مواطنيه, فما إن تحققت الوحدة إلا وانفرجت أسارير المسجونين, يحسبونها حرية وانتقالاً إلى جنة الوحدة العظيمة فإذا بها سجن آل الأحمر الكبير بقيادة المخلوع علي عبدالله صالح وزبانيته. فأما اليوم, إذا تم استفتاء الناس في الجنوب: هل تريدون الاستمرار في هذه الوحدة أم العودة إلى ماقبل 1990 فستكون النتيجة بلا أدنى شك هي الخيار الثاني, مع اختلاف طبيعي في الرؤى بين الجنوبيين حول الآلية التي ستكون عليها الدولة الجديدة, وهذا سيتم حله بتوافقهم أنفسهم.

ثالثاً: ضمن بيانات المنظمات الأقليمية ك¯”مجلس التعاون” الخليجي والجامعة العربية ومنظمة العالم الإسلامي ومجلس الأمن عام1994 أثناء حرب الإنفصال, كان النداء واضحاً أنه لا يمكن فرض الوحدة بالقوة العسكرية, لكن للأسف في الواقع فرضت عسكرياً, فصبر الناس في الجنوب, وضحوا بأرضهم وثروتهم ورجالهم وشبابهم وبكل غالي ونفيس ولم تتغير الحال, بل وصلت إلى أسوأ درجاتها, وهاهي القوة العسكرية الكهنوتية تعود مرة أخرى, ويُضرب الجنوب بشكل أعنف هذه المرة, وبلغ أقصى درجات التدمير والتخريب إمعانا ونكاية بشعب حرٌ أبي, نزل إلى الساحات مسالماً ينشد الحرية ويطالب بدولته التي فرط فيها قادته بسبب تنازعهم وببساطة تفكيرهم وسذاجته أيضاً, وخروجا من حاله المتردية, وسلمها لأيد خائنة ناهبة مستبدة أكلت الأخضر واليابس وجعلت اليمن بشطريه في مستويات دنيا تحت خط الفقر. رابعاً: الجنوب العربي هو أصل العرب, وهو المدد والقوة على مدار التاريخ, وهو الدرع الحامية لبلدان “مجلس التعاون الخليجي”, فمقدمات التطور والنهضة سرعان ما تتجلى في هذا الجزء المهم من شبه الجزيرة العربية, فقد تربى على النظام والقانون والقابلية للتعايش والتفاعل الحضاري. صحيح أنه تأثر بموروث الوحدة اليمنية المليء بالفوضى في كل مجالات الحياة إلا أن العرق الأصيل لا تغيب أصالته وسرعان ما يعود إلى أصله.

خامساً: بالنظر إلى ملف القضية الجنوبية ومحورها الكبير والأساس من محاور مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد أخيراً في صنعاء, وانتهى بمخرجات لم تر النور بعد, نجد أن هذا الملف قد أشبع القضية الجنوبية بحثاً ورصداً وتفصيلاً وإسهاباً في توضيح مدى الشرخ العظيم الذي أحدثته الوحدة اليمنية في بنيان المستقبل لأجيال متعاقبة من أبناء الجنوب وهشمت كل بناء لدولة قابلة للنمو والتطور والترقي في مدارج الكمال الحضاري, فصار الجنوب كما صار الشمال مرتهنا بيد عصابة من المتنفذين واللصوصية والمرتزقة, يستحيل معها العودة إلى فكرة وحدة اندماجية مع هكذا بيئة قاتلة لكل شيء جميل, وماحية لأي بارقة أمل لمستقبل مجيد وفجر جديد.

وختاما: إن الأحداث الأخيرة التي لاتزال فصولها ومشاهدها وحلقاتها تتوالى على الجنوب بسبب الانقلاب “الحوثعفاشي” على شرعية الرئيس هادي, وأفصحت الخطة الانقلابية, أن القصة تحكي طوفاناً شمالياً هادراً أسوأ من طوفان عام 1994, حينما اجتاحت جحافل مايسمى حينها ب¯”الشرعية الدستورية”معززة ب¯”المجاهدين العرب” ليتم من خلالها بسط السيطرة الكاملة على أرض الجنوب, وإفشال محاولة الانفصال التي قادها الرئيس علي سالم البيض.

فلولا لطف ورحمة رب العالمين ثم الخطوة الجريئة الشجاعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بإطلاق عاصفة الحزم, لكان الجنوب العربي في قبضة الانقلابيين “الحوثعفاشيين” في أقل من شهر. فهاهي طلائع المقاومة الجنوبية وأبطالها الأشاوس في الجبهات تؤكد مراراً أنها قادرة بإذن الله على الصمود والتصدي للانقلابيين, رغم الخذلان وقلة المؤونة وشحة الدعم العسكري ومناورات السياسيين التي طالما تخلط الأوراق على الميدان, إلا أنها تستشرف النصر وترمقه وتترقب ساعته.

فهل يتفطن التحالف العربي ويُسرع الخطى بحسم المعركة وترتيب وضع الجنوب العربي كدولة مساندة للخليج? وأما اليمن فسيترتب حاله حتما كدولة تحت الرقابة والمتابعة إلى أن يتم إصلاح وضعها وعودتها لجادة الصواب

“السياسة الكويتية”

أخبار ذات صله